نصر المجالي: تواصلت الاحتجاجات التركية الرسمية والشعبية على قصف الطائرات الروسية لقرى تركمانية في سوريا، واستدعت الخارجية التركية السفير الروسي لإبلاغه موقف أنقرة، بينما سارت تظاهرت أمام القنصلية الروسية في اسطنبول.
وأبلغت الخارجية التركية السفير الروسي في أنقرة أندري كارلوف بأنّ غارات بلاده لا تنضوي تحت مظلة مكافحة الإرهاب، إنما تعتبر اعتداءً على القرى التركمانية المأهولة بالسكان المدنيين، وطالبنا الروس بوقف فوري لتلك الغارات.
وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو دعا روسيا، يوم الجمعة، للالتزام بمحاربة داعش، والكف عن مهاجمة القرى التركمانية في سوريا.
وخلال زيارته لأحدى المدارس في العاصمة أنقرة، قال داود أوغلو "إن وزير خارجيتنا أكد& للسفير الروسي، أن تدخل روسيا في سوريا جاء في إطار مكافحة تنظيم داعش، لذا ينبغي عليها التقيد بذلك".
مذابح التركمان والعرب
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة (الأناضول) انه لا يمكن لأحد أن يشرعن المذابح التي يتعرض لها إخوتنا التركمان والعرب والكرد بذريعة مكافحة الإرهاب، مؤكّدًا "أن السوريين عمومًا وتركمان بايربوجاق (شمال ريف اللاذقية) خصوصًا، يتعرضون لهجمات مكثفة في الآونة الأخيرة، ولهذا السبب فقد أجريت تقييمًا مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والسياسية طوال ليلة أمس، حول الأوضاع الراهنة في بايربوجاق"، وقال "أريد أن أقول بكل صراحة، إن الهجمات التي تستهدف التركمان تظهر مدى دموية النظام السوري ووحشيته".
معارضة الهجمات
وتابع داود أوغلو "أولا نحن نعارض جميع الهجمات التي تستهدف المدنيين، ثانيًا نحن ضد أية هجمات تتسبب في نزوح موجات لاجئين جديدة على حدودنا، ثالثًا تركمان بايربوجاق هم إخوتنا الذين يعيشون منذ قرون في تلك المناطق شأنهم شأن بقية السوريين. ندين بكل شدة الهجمات الوحشية التي يتعرضون لها، وندعو الجميع مرة أخرى للتعامل بحساسية في هذا الموضوع".
وشدد رئيس الوزراء التركي على أن "استهداف موسكو للمدنيين، على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، بأسلحة محرمة دوليًا كالقنابل العنقودية، من شأنه أن يتسبب بموجة نزوح للمدنيين باتجاه تركيا، وفي حال حدوث ذلك، فإن المسؤولية تلقى على عاتق كل من شارك بالعمليات العسكرية ضد المدنيين في المناطق التركمانية".
وأكد داود أوغلو، أن لديهم معلومات تؤكد مشاركة الطيران الروسي، بالهجوم على منطقة "بايربوجاق" ذات الغالبية التركمانية في ريف اللاذقية، لذلك أصدر تعليمات لوزير خارجيته، لاستدعاء سفير موسكو لدى أنقرة، والوقوف على أسباب قيام الطيران الروسي بشن غارات على المناطق التركمانية في سوريا.
تحذير
وأردف قائلاً "أجدد تحذيري للنظام السوري مرة أخرى، لقد أبدينا ردود أفعالٍ فوريّة، على جميع الهجمات التي استهدفت المدنيين بالقرب من حدودنا، سواء كانوا تركمانًا أو عربًا أو كردًا. نتابع الوضع في جميع القرى (التركمانية)، كما عقدنا لقاء مع الجانب الروسي أوضحنا خلاله المناطق والقرى (السورية) ذات الحساسية بالنسبة لتركيا".
تظاهرات
وإلى ذلك، تظاهرت مجموعة من القوميين الأتراك أمام القنصيلة الروسية في مدينة إسطنبول، مساء أمس الجمعة، احتجاجاً على الغارات الجوية الروسية المكثفة، وهجمات قوات النظام السوري، على منطقة "بايربوجاق" (جبل التركمان) ذات الغالبية التركمانية في محافظة اللاذقية (شمال غرب).
وندد أحمد& يلدرم، رئيس التنظيم الشبابي لحزب الحركة القومية، المعروف باسم (أُلكو أوجاقلاري)، في إسطنبول، في كلمة باسم المتظاهرين، بالغارات الروسية، والهجمات التي تشنها قوات النظام السوري مدعومة بميليشيات إيرانية على قرى تركمانية في منطقة "بايربوجاق".
قصف عشوائي
ولفت يلدرم إلى أن المقاتلات الروسية تقصف التركمان دون تمييز بين أطفال ونساء، بدلا من قصف المنظمات الإرهابية، واصفا تلك العمليات بـ "جرائم حرب"، وأوضح أن "التركمان يتعرضون لإبادة عرقية".
ويقدر عدد التركمان في سوريا بنحو 3 ملايين (بحسب أحزاب سياسية تركمانية)، وينتشرون في معظم المحافظات السورية، وعلى رأسها حلب واللاذقية والرقة وحمص ودمشق والقنيطرة (الجولان).&
وكان التركمان السوريون وقفوا إلى جانب المنتفضين على نظام بشار الأسد، منذ اليوم الأول للأزمة السورية، عام 2011، وتعرضت مناطقهم لهجمات مسلحة من قبل القوات النظامية التابعة للجيش السوري، وغير النظامية التي تعرف بـ "الشبيحة".
سيطرة المعارضة
وسيطرت قوات المعارضة السورية على منطقة "بايربوجاق" (جبل التركمان) في صيف العام 2012، لتتصاعد منذ ذلك التاريخ الهجمات التي تشنها القوات الموالية للنظام السوري على قرى منطقة "بايربوجاق"، تبع ذلك غارات جوية شنتها المقاتلات الروسية ضد مواقع المعارضة السورية والقرى المأهولة بالسكان المدنيين.
كما كان& التركمان في محافظة الرقة تعرضوا لانتهاكات جسيمة من قبل مسلحي تنظيم (داعش)، لا سيما سكان قرية "حمام التركمان" والقرى المحيطة بها.
وأشارت تقارير استخباراتية تركية، في 15 تموز (يوليو) الماضي، إلى أن ميليشيات (YPG) أو التي تعرف بوحدات "حماية الشعب" (امتداد لمنظمة بي كي كي في سوريا)، والتي تنتشر في مناطق شمال وشمال شرق سوريا، انتهجت سياسات "تطهير عرقي ممنهج"، ضد السكان غير الأكراد (العرب والتركمان) في مدينة "تل أبيض" في محافظة الرقة السورية، بهدف تغيير التركيبة السكانية للمدينة.
التعليقات