يقول قادة ميدانيون من المعارضة السورية المسلحة في مناطق حرروها في إدلب، إنّ صواريخ النظام الروسي التي دكت مناطق المدنيين، تبدو استعراض قوة ضدّ معارضي بشار الأسد، كما قد تكون مؤشرا على قرب تدخل برّي، وهو ما يحتاج تكاتفا من طرف الجميع لصدّ ما يسمونه "الاحتلال الروسي" لبلدهم.


علي الإبراهيم من إدلب - خاص بـ"إيلاف": شهدت الغارات الروسية على سوريا في الايام الأخيرة تطورًا جديدًا تمثل في الافراط باستخدام موسكو صواريخ& باليستية بعيدة المدى، أطلقتها من بوارجها في بحر قزوين في اتجاه مناطق المدنيين، وسقط نتيجتها عشرات القتلى والجرحى معظمهم نساء وأطفال، وخلّفت دمارًا هائلًا في البنى التحتية بالمناطق السورية المحررة.

في العاشرة صباحا من يوم الجمعة الماضي، عشرات الصواريخ، سقطت على قرى وبلدت جبل الزاوية بريف ادلب، وتلتها طلعات جوية لعدة طائرات استطلاع روسية-عملاقة، جابت أجواء المنطقة.

ويقول مدير مركز الدفاع المدني في إدلب لـ"إيلاف" إنّ: "صاروخا واحدا لم ينفجر، سقط ضمن الأراضي الزراعية، فيما بقية الصواريخ والتي قدرت ب13 صاروخ استهدفت جميعها منازل المدنيين".

روى شهود عيان من سكان المناطق المستهدفة لـ"إيلاف" اللحظات الأولى لسقوط الصواريخ وقال بعضهم: "الصواريخ أحدثت انفجارات مرعبة سمعت في معظم المناطق المحررة، تسببت في تدمير أحياء بالكامل، كأن زلزالا حدث في المنطقة، بعض الصواريخ سقطت على المدارس والمشافي، لم نستطع أداء صلاة الجمعة لهول ما حدث".

مناطق المدنيين

المساندة العسكرية التي تقدمها روسيا لنظام الأسد في قتل السوريين تبدو في تصاعد مستمر، فالصواريخ البالستية بعيدة المدى والتي أطلقت من بحر قزوين، خلفت عشرات القتلى والجرحى في قرية ميدان الغزال بريف حماة الشمالي، إضافة لدمار هائل في بلدتي البارة وإحسم وعين لاروز وكنصفرة بجبل الزاوية شمالي سوريا ومدينة جسر الشغور بريف إدلب.

وحول سبب استهداف هذه المناطق، يقول قائد الفرقة 13 في الجيش السوري الحر احمد سعود لـ"إيلاف" إنّ "ريف ادلب المستهدف منطقة استراتيجة مهمة، حيث يطل جبل الزاوية على سهل الغاب وجبال العلويين في الساحل السوري غربا، اضافة لكونه صلة الوصل بين حماة وحلب، ايضا يشهد الريف تجمعا بشريا كبير خاصة بعد تحرير كل محافظة ادلب من قوات النظام، بالتالي يسعى الروس لتهجير المدنيين والضغط على الفصائل لوقف التقدم في عملياتهم العسكرية"، على حد تعبيره.
&
حماية لمصالحهم

التوجه نحو الشمال السوري كان واضحاً منذ بدء تمركز القوات الروسية في مطار حميميم العسكري من أجل تثبيت خط الدفاع في سهل الغاب ومنع "جيش الفتح" من التقدم نحو الساحل تمهيداً للتقدم باتجاه مناطق المعارضة شمالي سوريا، بدليل "تركيز العمليات العسكرية في محافظة إدلب الخالية من داعش".

اجتياح بري وشيك

لكن بالمقابل، يبدو أن الضربات الجوية سابقا والصواريخ البالستية اليوم، تأتي كخطوة جديدة لتأمين اجتياح بري وشيك لقوات إيرانية وسورية وأخرى حليفة لها من الميليشيات التابعة لها كحزب الله وفصائل عراقية، لمناطق سيطرة المعارضة السورية المسلحة في شمال البلاد.

القائد العسكري في جيش الفتح يوسف أبو بكر قال قال لـ"إيلاف" إنّ هذه الصواريخ، "لن تغير في المعادلة العسكرية، وجميع المخططات التي يسعى لها الروس والايرانيون بالاشتراك مع قوات الأسد واضحة، لذلك عززنا صفوفنا في ريف حلب الجنوبي وريف ادلب المتاخم للساحل كخطوة أولى، يليها شن عمليات عسكرية لتحرير باقي المناطق"، على حد تعبيره.

حرب نفسية

الضربات الروسية من قاذفاتها الاستراتيجية في بحر قزوين لم تحرز أي أثر عسكري مهم أو مؤثر، مقارنة بضرباتها الجوية المكثفة في وقت سابق، لكنها تعتبر بمثابة ترويج لقدراتها العسكرية وترهيب للفصائل العسكرية التي قد ترفض الحل الروسي للوضع في سوريا.

القائد الميداني في تنظيم "جبهة النصرة" أبو الوليد قال لـ"إيلاف" إن هذه الصواريخ "ذات طابع نفسي أكثر منه عسكري، رغم الأثر التدميري لهذه الصواريخ، لكن كما شاهد الجميع في وقت سابق الغارات الجوية بقنابل زنة 500 كغ، التي يلقيها طيران الاحتلال الروسي لم تنجح، فالكلمة الفصل على الأرض، لسواعدنا وبنادقنا، بالتالي لتغطية تلك الخسائر التي يتلقاها الروس وعصابة الأسد ومن معهم في عدة جبهات، استخدموا الحرب النفسية الاستعراضية، لبث الخوف والرعب في صفوف المدنيين والمجاهدين، لكن خابوا وخسروا أن ينالوا ما يصبون اليه، فكلما كانت ضربات أكبر كلما كانت دليلا على ضعفهم وخسائرهم".

توحيد البندقية

خيارات فصائل المعارضة المسلحة لمواجهة التدخل الروسي بشتى وسائله، ذاهبة باتجاه التوحد في مواجهة هذا التدخل والاستهداف الصاروخي بعيد المدى، في ظروف يتفق العديد من المراقبين أنها تشكل حالة نموذجية لتشكيلات مثل جيش الفتح، والذي يملك السلاح الكثير والتعبئة الهائلة والإمكانات الكبيرة التي يمكن أن تدفع بعدد من المقاتلين الراغبين بالقتال ضد القوى الأجنبية "المحتلّة"، إلى الانضمام إلى صفوفهم.

وعلى الرغم من عدم امتلاك الفصائل العدة اللازمة لمواجهة الطيران الروسي والصواريخ بعيدة المدى، إلا أن أي تدخل عسكري بري من شأنه أن يورط الطرف الذي يقدم عليه للهلاك، وهذا ما تم رصده في معارك ريف حلب، حيث تكبد الايرانيون ومليشيات حزب الله والعراقيون خسائر في العدة والعتاد إضافة لعشرات الأسرى.

أبو فيصل قائد ميداني بجيش الفتح يؤكد على ضرورة: "استمرار المواجهة والتقدم، مبينا أن توحيد البندقية بين جميع الفصائل المقاتلة على الأرض بالوقت الحالي، لمواجهة الاحتلال الاسدي الايراني الروسي ضرورة وواجب على الجميع"، على حدّ تعبيره.

وحول امكانية حماية المدنيين قال أبو فيصل: "لا يمكن أن نأمن لهم حماية دون صواريخ مضادة للطائرات"، إلى ذلم لم يستبعد الفيصل امكانية التواصل مع قوى اقليمية للضغط على الروس لتخفيف القصف المركز والصواريخ البالستية الموجهة ضد المدنيين.

فاعلية محدودة
&
موقف روسيا كان واضحا ومحددا من النزاع الدائر في سوريا منذ اليوم الأول للثورة، تلخص في دعم نظام الأسد، من خلال تأمين الغطاء والحماية السياسية دوليا، وتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية له محليا، لينتقل بعدها الروس للدخول وبشكل مباشر في العمليات العسكرية جويا بشكل كبير وبريا بشكل محدود.

لم تحقق نتائج ملموسة

وحول فاعلية الضربات الجوية خلال الأشهر الماضية، وصف المقدم حسن عفيف وهو ضابط طيار انشق عن قوات النظام أن "الغارات الجوية وخلال شهرين، قد تكون دمرت بعض المعدات العسكرية للمعارضة المسلحة، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة على الأرض، وأن جميع ضرباتها استهدفت المدنيين والمنشآت الحيوية"، لافتا إلى أن "فصائل المعارضة المسلحة تتقدم في كل الجبهات وتحاصر& ثكنات ونقاطا جديدة لقوات النظام والمليشيات التابعة لهم، وتهاجمها من& محاور عدة".