يلتقي ممثلون عن الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين في سويسرا الثلاثاء تحت رعاية الامم المتحدة، في مباحثات سلام قد يسبقها وقف لاطلاق النار، تهدف لوضع حد لنزاع اودى بالآلاف ووفر ارضية لتنامي التنظيمات "الجهادية".


دبي: بعد اكثر من عام على دخول الحوثيين صنعاء، تتواصل الحرب في اليمن بلا غالب او مغلوب. كما تحول النزاع تدريجا الى ما يشبه المستنقع لدول التحالف العربي بقيادة السعودية والتي بدأت في آذار/مارس بالتدخل عسكريا لدعم الرئيس عبد ربه منصور هادي.

واستغلت الجماعات "الجهادية"، لا سيما تنظيمي القاعدة و"الدولة الاسلامية" (داعش)، هذا الوضع لتعزيز تواجدها ونفوذها في مناطق عدة، لا سيما في مدينة عدن (جنوب)، ثاني كبرى مدن البلاد.

وبحسب الرئاسة اليمنية، يتوقع ان يبدأ تنفيذ وقف لاطلاق النار عشية بدء المحادثات، ومن المرجح ان يستمر سبعة ايام في حال التزام الطرفين به. واشترط الحوثيون لذلك، وقف "العدوان"، في اشارة الى غارات التحالف.

وتبدو الهدنة اقصى ما يمكن ان يؤمل به حاليا في ظل النزاع الدامي بين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والقوات الموالية للرئيس هادي.

وادى النزاع الى مقتل قرابة ستة آلاف شخص واصابة نحو 28 الفا، بحسب الامم المتحدة، اضافة الى تأثيره على الاوضاع الانسانية والمعيشية لنحو 80 بالمئة من السكان الذين يقدر عددهم بقرابة 26 مليون نسمة.

وسيطر الحوثيون، وهم من المذهب الزيدي، على مساحات من اليمن بدءا من تموز/يوليو 2014 انطلاقا من معقلهم في محافظة صعدة بشمال البلاد. وتقدم الحوثيون تباعا ليسيطروا على صنعاء ومحافظات في الشمال الغربي والغرب والوسط، ووصلوا الى بعض محافظات الجنوب.

وتمكنت قوات هادي بدعم جوي وميداني من التحالف، من طرد الحوثيين من عدن في تموز/يوليو، واستعادة اربع محافظات جنوبية اخرى.

وكان هادي اعلن عدن عاصمة موقتة بعد فترة من سيطرة الحوثيين على صنعاء. وعاد الرئيس اليمني الى عدن منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، بعدما غادرها الى الرياض في آذار/مارس الماضي بسبب تقدم الحوثيين.

اجتماعات سابقة غير مثمرة

وفشلت محاولتان سابقتان للامم المتحدة في جمع طرفي النزاع في الاشهر الماضية. كما لم يتم احترام اكثر من اعلان لوقف اطلاق النار، لا سيما في ايار/مايو وتموز/يوليو.

الا ان تواصل القتال من دون افق او ترجيح كفة، خصوصا في محافظة تعز بجنوب غرب البلاد، وتنامي نفوذ الجهاديين الذين تبنوا هجمات عدة لا سيما في عدن في تشرين الاول/اكتوبر وكانون الاول/ديسمبر، ساهم في اقناع المتحاربين بالعودة الى طاولة المفاوضات، بحسب محللين.

واعلن مبعوث الامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد ان هذه المباحثات تسعى للتوصل الى "وقف دائم وشامل لاطلاق النار، وتحسين الوضع الانساني والعودة الى انتقال سياسي سلمي ومنظم".

ويرى المحلل السياسي الاماراتي عبد الخالق عبدلله ان ثمة "فرصة حقيقة للاختراق... فرص النجاح اكبر من اي وقت مضى".

ويضيف "ستكون هناك تنازلات من الجانبين"، وان "دول الخليج وصلت الى نقطة (قناعة) انه حان الوقت لاعطاء الحل السلمي، لاول مرة، فرصة اكبر للنجاح".

وكانت قمة مجلس التعاون الخليجي التي اختتمت الخميس في الرياض، اكدت دعم الحل السياسي للنزاع اليمني.

"الجهاديون" عدو مشترك

ويأتي قبول المتنازعين بالجلوس الى طاولة الحوار على رغم التباين بينهما حول قرار مجلس الامن 2216 الذي ينص على انسحاب المتمردين من المناطق التي سيطروا عليها وتسليم الاسلحة الثقيلة.

ويرى المحلل عبد الوهاب بدرخان انه "من الصعب تصور ان ينفذ الحوثيون القرار، لان التنفيذ بالنسبة اليهم اعتراف بالهزيمة".

ويشير الى ان سلطنة عمان، الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضم الى التحالف والتي تحتفظ بعلاقات جيدة مع مختلف الاطراف الاقليمية، تمكنت من "اقناع" السعودية وايران "بوقف الحرب".

ويرى بدرخان المقيم في لندن، في تصريحات لـ(فرانس برس) ان تنامي نفوذ "الجهاديين"، لا سيما تنظيم الدولة الاسلامية الذي تبنى الاسبوع الماضي اغتيال محافظ عدن، يدفع الحكومة اليمنية الى ان تبدي "موقفا اكثر ليونة" و"التصرف بايجابية".

ويشير عبدالله الى ان تنظيمي الدولة الاسلامية والقاعدة هما "عدو مشترك يشكل عاملا ضاغطا على طرفي النزاع في اليمن وعلى الدول الخليجية"، مشيرا الى "استغلالهما هذا الفراغ وهذه الحرب".

يضيف "لا احد يريد قاعدة لداعش في اليمن بنفس خطورة قاعدته الموجودة في سوريا".

&