نصر المجالي: وقّع أطراف الأزمة الليبية يوم الخميس في مدينة الصخيرات المغربية برعاية أممية اتفاقا يؤسس لانتقال سياسي سلمي وتشكيل حكومة وفاق وطني ومجلس أعلى للدولة وينهي حالة التمزق والصراعات وسطوة الميليشيات ويعيد البلاد لسلطة واحدة.

ووصف المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، توقيع الاتفاق السياسي بين الأطراف المتنازعة في ليبيا بـ"التاريخي". وأضاف كوبلر، خلال توقيع الاتفاق بين الأطراف الليبية، أن اتفاق الصخيرات يؤسس لانتقال سياسي سلمي في ليبيا.

وأوضح المبعوث الدولي، أن استخدام القوة للتأثير على العملية السياسية يجب أن يكون من الماضي، مشيرًا إلى أن الاتفاق يضع مجموعة واحدة من المؤسسات الشرعية والركائز الأساسية نحو ليبيا جديدة.

دعم مغربي

وقال صلاح الدين مزوار وزير الخارجية المغربي في كلمة إن الليبيين قدموا مثالا على الروح الوطنية خلال جولات التفاوض. وأكد أنّ الاتفاق السياسي في الصخيرات شمل تضحيات وتنازلات متبادلة. وأعلن المسؤول المغربي أنه سيتم تشكيل حكومة الوفاق الليبي في أسرع وقت ثم منح الأولوية للأمن. وأعرب عن التزام المغرب بتقديم الدعم السياسي والتقني من أجل تنفيذ كافة بنود الاتفاق.

كلمة شعيب

ومن جهته، أكد محمد علي شعيب ممثل مجلس النواب في كلمة له في مراسم التوقيع النهائي على الاتفاق السياسي ان الحاضرين لحفل التوقيع هم غالبية اعضاء طرفي النزاع في البلاد ويمثلون كافة اطياف الشعب الليبي .

وأضاف شعيب، في كلمة له: "بعد فترة من التخوف والشكوك التي أحاطت بمسار الحوار، نعيش الآن هذه اللحظة التاريخية". وأكد شعيب "ضرورة التشبت بالحوار للخروج من الأزمة"، معرباً عن شكره لكل من ساهم في إنجاح الحوار الليبي.

ودعا النائب الليبي إلى "مواجهة& الارهاب، والعمل الى تحقيق&الديمقراطية، وخصوصا أن البلاد تدخل مرحلة جديدة من خلال الاتفاق بين الفرقاء". ولفت إلى أن الجميع سيمضي قدماً من أجل إقرار السلام، خصوصا أن الحوار عرف مشاركة كافة الفعاليات ما يعبّر عن التوافق الوطني.

محن قاسية

بدوره، قال صالح المخزوم، النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني العام، إن بلاده مرّت بـ"محن قاسية خلال& السنة الماضية، عبر ازدواجية المؤسسات التمثيلية ما أفضى إلى تضرر المواطنين".

وتابع: "لا يمكن لأي عاقل أن يرضى باستمرار ما يحدث في ليبيا، خصوصاً في ظل ارتفاع مؤشرات الإرهاب". ودعا إلى "طَي صفحة الماضي وفتح صفحة التصالح والوئام"، واصفاً مخرجات الحوار بـ"المحطة التاريخية"، معتبراً أن التاريخ "سيقف شاهدا على هذا الاتفاق".

كما دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى الاستمرار في دعم ليبيا لبناء ذاته.

واعتبر المخزوم ان المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد حتمت على كل الاطراف الموافقة على شكل الاتفاق السياسي وان كانت هناك بعض نقاط خلاف يدور حولها جدل ما الا ان مسؤولية الوطن دفعت بالجميع الى المجيء والموافقة.

جاويش أوغلو

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو إن بلاده تدعم& جهود إحلال السلام في ليبيا، معتبراً أن هذا الاتفاق "يعكس الطموحات المشروعة من أجل& ليبيا موحدة". وأضاف أن "هذا الاتفاق يأتي نتيجة للحكمة والشجاعة"، داعياً الذين لم يوقعوا إلى إعادة التفكير في الأمر والانخراط في هذه الاتفاقية.

مشاركة نواب

وكان أكثر من 80 عضوا في مجلس& النواب قد وصل لمدينة الصخيرات المغربية من أجل المشاركة في& مراسم التوقيع النهائي على الاتفاق السياسي، كما وصل العشرات من المؤتمر الوطني للصخيرات.

ويأتي الاتفاق ثمرة لعام من المفاوضات، في وقت تشهد فيه ليبيا تمددا للجماعات المتطرفة على أراضيها، وعلى رأسها تنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويسعى للتمدد في المنطقة المحيطة بها التي تضم حقول نفط رئيسة.

ويتطلع المجتمع الدولي إلى إنهاء الصراع على الحكم في ليبيا المتواصل منذ عام ونصف العام، عبر توحيد السلطتين، السلطة المعترف بها دوليا في الشرق، والسلطة الموازية لها في العاصمة والمناطق الغربية، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تلقى مساندة دولية في مكافحة التنظيمات المتطرفة والهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.

أبو سهمين: باطل

واعتبر رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، أن توقيع الاتفاق السياسي في الصخيرات، الذي ترعاه الأمم المتحدة "باطل وخارج إطار الشرعية". وأوضح أبوسهمين "إن من لم يفوض، ولم يمنح أي تفويض من المؤتمر بالتوقيع، سواء بالأحرف الأولى، أو بالتوقيع النهائي، أو بعقد اتفاقات، فإن الأمر يبقى دائمًا خارج إطار الشرعية".

وكان أبوسهمين وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أكدا في مؤتمر صحافي عقب لقائهما في مالطا، الثلاثاء، أن الذين سيوقعون على اتفاق الأمم المتحدة يوم الخميس لا يمثلون مجلس النواب، ولا المؤتمر، وأنهم يوقعون عليه بصفتهم الشخصية.

مهمة الحكومة

وتنص مسودة الاتفاق الليبي على تشكيل حكومة الوفاق الوطني والتي تتمثل مهامها:

- ممارسة مهام السلطة التنفيذية و يكون مقرها الرئيس العاصمة طرابلس أو أي مدينة أخرى.
- مدة ولاية الحكومة عام واحد فقط& وفي حال عدم الانتهاء من إصدار الدستور خلال ولايتها يتم تجديد تلك الولاية تلقائيا لعام إضافي.
- ومن بين اختصاصات& مجلس رئاسة الوزراء، القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي.
- تعيين وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة بعد موافقة مجلس النواب.
- إعلان حالة الطوارئ والحرب والسلم والتدابير الاستثنائية بعد موافقة مجلس الدفاع والأمن القومي.
- كما تنص المسودة على التزام حكومة الوفاق الوطني بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب ومجلس الدولة وحكومة الوفاق الوطني ومجلس الدفاع والأمن القومي للتوافق على مشروع قانون يحدد صلاحيات منصب القائد الأعلى للجيش الليبي.

مجلس النواب

أما عن مجلس النواب، فحددت مهامه:

-& بأن يتولى السلطة التشريعية خلال المرحلة الانتقالية
-& واعتماد الميزانية العامة والرقابة على السلطة التنفيذية.
-& وإقرار السياسة العامة المقدمة من الحكومة.
-& وقد نصت المسودة على ألا ينظر مجلس النواب في طلب الاقتراح بسحب الثقة من حكومة الوفاق الوطني إلا بطلب موقع من 50 عضوا، ويقوم المجلس بالتشاور مع مجلس الأعلى الدولة بهدف الوصول لتوافق قبل المضي في إجراءات سحب الثقة.

المجلس الأعلى

أما المجلس الأعلى للدولة فتم توصيف في مسودة الاتفاق على أنه أعلى مجلس استشاري للدولة، وحدد المقر الرئيس لمجلس الدولة بالعاصمة طرابلس، ويجوز عقد اجتماعه في مدن أخرى.

ويعمل المجلس بشكل مستقل، ويتولى إبداء الرأي في مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة خلال 21 يوما فقط. ويتولى مجلس الدولة إبداء الرأي الاستشاري والاقتراحات اللازمة لحكومة الوفاق الوطني في القضايا المتعلقة بالاتفاقيات الدولية.

وبدون الإخلال بالصلاحيات التشريعية لمجلس النواب يقوم مجلس الدولة ومجلس النواب بتشكيل لجنة مشتركة لاقتراح مشروعي قانوني الاستفتاء والانتخابات العامة الضروريين لاستكمال المرحلة الانتقالية.