عرف التاريخ قادة وزعماء تولّوا مقاليد السلطة في سن مبكرة، وبعضهم نودي بهم ملوكاً وحكاماً وهم في مرحلة الطفولة. ويزخر الحاضر بشخصيات قيادية فتية تتولى مناصب رفيعة، تتحدث "إيلاف" عن أبرزها ضمن هذا الملف.

سباستيان كورتس ابن فيينا الصغير الذي تسلق السلم سريعًا محققًا الانجازات بسرعة من دون تسرع، حتى غدا أصغر وزير للخارجية في الاتحاد الأوروبي.

خاص إيلاف: لا يمكن تصوّر الموسيقى من دون فيينا. لك أن تتخيّل هذا الفن الرائع من دون موزارت وبيتهوفن وهايدن وجوهان شتراوس الأول وجوهان شتراوس الثاني وبروكنر وماهلر وغلوك وغيرهم، إلاّ أن الموسيقى كادت تحجب غيرها. فالنمسا ولاّدة الأعلام... ففي الفيزياء لمع لودفيغ بولتزمان وإروين شروينغر، وفي الرياضيات سطع كورت غوديل، وفي الفلسفة تألق كارل بوبر ولودفيغ ويتنغشتاين، وفي التحليل النفسيّ يكاد يكون سيغموند فرويد فريدًا.

شباب يحكمون

&

وتبقى النمسا عجيبة بمفارقاتها الساخرة، فالفوهرر أدولف هتلر من مصائبها، وأبو الصهيونية تيودور هرتزل من نوائبها.

فيينا تحتضن مليونين وسبعمئة ألف ساكن. وهي مركز كبير للسياسة الدولية، بفضل الحياد. فيها مؤسسات ومنظمات عدة تابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى منظمة الدول المصدرة للبترول، والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

&سباستيان كورتس

&

في هذه المدينة النمسوية ولد سباستيان كورتس في 27 آب (أغسطس) 1986. نشأ في حي مايدلينغ، وما زال يقطنه. لم يتمّ تعليمه الجامعيّ، فقد ظل يواصل دراسة الحقوق حتى تعيينه وزيرًا للخارجية والهجرة في عام 2013.

وسباستيان ابن عصره بحق، فقد برز في صفوف منظمة الشباب المسيحيّ عبر شعبيّة اكتسبها من خلال التألق في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي. كما تفوّق في استقطاب الشباب بفضل الشهرة في صحافة المشاهير.

وإذا كان انتخابه في عام 2009 رئيسًا لفرع الشباب في حزب الشعب النمسويّ أمرًا طبيعيًا، فإن عضويّة مجلس مدينة فينا عامي 2010 و 2011 ليست بالأمر اليسير. والأصعب من ذلك تعيينه في العام 2011 في منصب مستحدث هو وزير الدولة للتكامل، التابع لوزارة الداخلية.

أهّله كل ذلك ليصبح عضوًا في البرلمان عام 2013. وفي العام نفسه، عيّن وزيرًا للخارجية، لكنه أضاف إلى منصبه ملف شؤون الاندماج الاجتماعي. ولدى أدائه اليمين الدستوريّة، كان أصغر وزير خارجية في الاتحاد الأوروبيّ.

ليس في سيرة سباستيان كورتس الذاتية ما يشير إلى علاقته بالموسيقى، لكن أبناء هذه المدينة يولدون وفي سمعهم أوركسترا. لهذا نراه متفردًا في إيقاع حياته، سريعًا في ارتقاء السلّم، فالمفتاح دائمًا في يده، يعرف المقال الذي يناسب المقام.