وافقت الحكومة العراقية في جلستها الأسبوعية اليوم على مشروعي قانوني تشكيل الحرس الوطني واجتثاث حزب البعث وحظره، وحولتهما إلى البرلمان لمناقشتهما والتصويت عليهما، حيث يؤمل أن تكون نواة تشكيلات الحرس 120 ألف مقاتل يمثلون مكونات المحافظات بحسب نسب تعداد سكانها بميزانية تبلغ حوالي ملياري دولار.

لندن: خلال جلسة الحكومة العراقية الاعتيادية الثلاثاء تمت الموافقة على مشروع قانون تشكيل الحرس الوطني المثير للجدل نتيجة مخاوف عبرت عنها قوى سياسية من إمكانية تهيئته لتقسيم البلاد لإقاليم عدة، خاصة وأن الدستور العراقي يجيز مثل هذه الخطوة.. فيما يأتي إقرار مشروع قانون اجتثاث البعث وسط مخاوف قوى شيعية من اعادة نشاط حزب البعث ودعوات قوى سنية بإحالة مرتكبي الجرائم من البعثيين إلى القضاء ليفصل في قضاياهم، وذلك تمهيدًا لانهاء هذا الملف الذي شمل مليونين من المنتمين إلى الحزب المحظور في العراق حاليًا.

وانتهت اللجنة الوزارية المعنية بصياغة القانون أمس من صياغته، وقال رئيسها نائب رئيس الوزراء بهاء الأعرجي، انه "تم الإنتهاء من مسودة مشروع قانون الحرس الوطني وبموافقة جميع أعضاء اللجنة ومن أهم أولوياته إرتباطه بالقائد العام للقوات المسلحة والأولوية فيه لقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر. واوضح أن الحرس سيوزع حسب النسب السكانية للمحافظة الواحدة مع مراعاة المكونات الإجتماعية فيها.

وطالما طالبت القوى السياسية والعشائرية السنية بتشكيل الحرس ليضم جميع مكونات الشعب العراقي بدلاً من الحشد الشعبي الذي توجه له اتهامات بضمه لمليشيات شيعية مسلحة تمارس عمليات قتل ونهب وحرق منازل ومساجد السنة في المنطقة التي يتم تحريرها من سيطرة "داعش".

وينص مشروع قانون قوات الحرس الوطني على أن يتم تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من ابناء المحافظة نفسها فقط ويتم تطويع ابناء الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بما يضمن التمثيل الحقيقي لابناء جميع المكونات وبحسب نسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة نفسها.. وأن تكون الأولوية لمنتسبي الجيش العراقي السابق من الضباط والمراتب استثناء من أي قوانين أو ضوابط امنية أو سياسية كقانون المساءلة والعدالة ولغاية رتبة عقيد على أن تتم اعادتهم برتبة اعلى من التي كانوا يحملونها اكرامًا لهم.

وفي نص القانون، الذي اطلعت عليه "إيلاف"، فإنه يتم بموجبه تشكيل قوات حرس وطني ضمن حدود المحافظة وتشكل من ابنائها بشكل يحقق التوازن الفعلي للمكونات الذي يحقق التمثيل النسبي لها، ويتم تطويع ابناء الاقضية والنواحي ومركز المحافظة بما يضمن التمثيل الحقيقي لأبناء جميع المكونات وبحسب نسبة تمثيلهم الحقيقي في مجتمع المحافظة نفسها. وتكون الاولوية لمنتسبي الجيش العراقي السابق من الضباط والمراتب استثناء من أي قوانين أو ضوابط امنية أو سياسية كقانون المساءلة والعدالة ولغاية رتبة عقيد على أن تتم اعادتهم برتبة اعلى من التي كانوا يحملونها اكرامًا لهم.

ويمنع القانون دمج المليشيات والتشكيلات العسكرية من غير القوات الرسمية في قوات الحرس الوطني، ويشترط في كل من يتم تطويعه أو اعادته للخدمة في تشكيلات الحرس الوطني حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف أو بقتل الشعب العراقي أو الاعتداء على النظام العام وان يكون مؤمناً بوحدة العراق وعدم تقسيمه.

وسيتم اعتماد تمثيل ابناء محافظة كركوك بنسبة 32 بالمئة والعرب 32 بالمئة وللكرد بضمنها عناصر البيشمركة و32 بالمئة للتركمان و4 بالمئة للمسيحيين وحسب الوحدات الادارية الرسمية. كما يعتمد تمثيل ابناء محافظة بغداد 50 بالمئة لكل طائفة من العرب، وهو التمثيل أو النسبة العامة لمحافظة بغداد وتتفاوت النسبة حسب الكثافة السكانية والتنوع المكوناتي في كل وحدة ادارية على ان لا تؤثر على نسبة التمثيل العام للمحافظة

أما مهمات الحرس الوطني فستكون حماية حدود المحافظة واطراف الوحدات الادارية بالتعاون مع الاجهزة الامنية في ضبط الامن والتدخل عند الحاجة ويكون عمل القوات العسكرية وخروجها من ثكناتها وانتشارها عند الحاجة لذلك حسب السلطة التقديرية لقيادتها المركزية في مركز القيادة في المحافظة.

ويمنع على قوات الحرس الوطني تنفيذ اوامر الاعتقال أو الاحتجاز مطلقًا مع امكانية ان تقدم العون والمساعدة للاجهزة الامنية المختصة التي تكون لديها أوامر قضائية بالاعتقال فقط.. لكنها ستقوم بتقديم المساعدة والعون للمواطنين في اوقات الكوارث والحروب والقضايا الانسانية ويكون جهدها اللوجستي والهندسي عوناً للمؤسسات الخدمية عند الضرورة.

ويحظر على قوات الحرس الوطني أن تمارس عملها خارج حدود المحافظة مطلقًا كما لا يجوز دخول قوات من خارج المحافظة سواء من الجيش العراقي أو الحرس الوطني لمحافظات اخرى أو بقية الاجهزة الامنية من خارج المحافظة الا بعد موافقة السلطات المحلية المسؤولة داخل المحافظة او بناءً على طلبها استثناء اعلان حالة الطوارئ والحرب بقرار من مجلس النواب.

تعديل قانون اجتثاث حزب البعث وحظره

كما وافقت الحكومة في اجتماعها ايضًا على تعديل قانون اجتثاث البعث وتجريم حزبه واحالته إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه في جلساته المقبلة. وكان رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري قد اعلن مؤخرًا عن اعداد مشروع قانون ينتهي إلى حل هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وإحالة الملف إلى القضاء.

وقال: "وضعنا عدة بنود نستطيع في ضوئها ايجاد قدر أكبر من المصالحة الوطنية الجامعة أبرزها تشكيل الحرس الوطني وملف التوازن ومشاركة الجميع في اتخاذ القرار، بالإضافة إلى قضية المساءلة والعدالة وقانون العفو العام الذي لا نقصد به الأبرياء، بل اولئك الذين لم يحاكموا وطالت فترة التحقيق معهم أو الذين افرج عنهم ومازالوا قيد الاحتجاز".

وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد اعلن نهاية آب (أغسطس) الماضي عن اتفاق على انهاء ملف الاجتثاث خلال عام واحالته إلى القضاء، ودعا خلال اجتماعه مع وفد من هيئة المساءلة والعدالة برئاسة رئيس الهيئة وكالة باسم محمد يونس البدري إلى مراجعة وتعديل القانون بما ينسجم وتحقيق التسامح وتجاوز الماضي، في إشارة إلى امكانية التخفيف من اجراءاته التي اعاقت لفترات اعادة تأهيل حوالي مليوني عراقي انتسبوا إلى الحزب أو ارغموا على الانتماء اليه من قبل سلطات النظام السابق.

وأشار معصوم إلى أنّ "الهيئة أنشئت لمرحلةٍ انتقالية وحان الوقت لإجراء مراجعة وتعديل بعض الفقرات في قانونها".. مشيراً إلى ضرورة أن يكون مبدأ هيئة المساءلة والعدالة في عملها هو التعامل مع جميع الملفات وبشكل عادل ومتساوٍ لما لهذه الهيئة من ظروف مرحلية تستدعي النظر والمراجعة فضلاً عن أن يكون عملها بعيداً عن الإنتقائية والإعتبارات السياسية ويستفيد من مبادئ العدالة الانتقالية".

وتشير المادة الاولى لقانون اجتثاث البعث الذي اصدره الحاكم الاميركي المدني السابق بول بريمر بعد سقوط النظام السابق عام 2003 ثم تم تعديله عام 2008 وتغيير اسمه إلى قانون المساءلة والعدالة إلى تعريف عضو حزب البعث بأنه "كل شخص انتمى لحزب البعث وأدى يمين الولاء له".. وفي مادته سادسًا يقرر القانون أن اعوان النظام هم الأشخاص من المنتمين إلى حزب البعث، أو المنتسبين إلى الأجهزة القمعية، و المتعاونين معهم".

وفي التعديل الذي اجري على قانون الاجتثاث تم رفع الحجز عن دور البعثيين واتيح لهم بيع دورهم أو شراء دور ومنحهم استحقاقاتهم التقاعدية واعادة عدد من العسكريين السابقين إلى الجيش العراقي الحالي.

الجدير بالذكر أن قانون المساءلة والعدالة هو التسمية الجديدة التي اطلقت على قانون اجتثاث البعث الذي اصدره الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، والذي تولى إدارة العراق بعد اجتياحه عام 2003 حيث
شكلت في ضوء القانون حينها هيئة اجتثاث البعث التي ترأسها أحمد الجلبي زعيم حزب "المؤتمر الوطني العراقي" وتحولت تسميتها إلى "هيئة المساءلة والعدالة" بعد إقرارها في البرلمان العراقي عام 2008.

يذكر أن قضيتي تشكيل الحرس الوطني وتعديل قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث هما من بنود الاتفاق السياسي بين المكونات العراقية، والتي تشكلت بموجبها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي في أيلول (سبتمبر) الماضي، حيث كانت القوى السنية قد هددت مؤخرًا بالانسحاب من الحكومة في حال عدم تنفيذ ذلك الاتفاق.