&
&
الاقتتال الداخلي يستنزف الثورة السورية، لذا تدخّلت الجبهة الشامية لوقف القتال بين جبهة النصرة وحركة حزم في حلب، خصوصًا بعد إصرار النصرة على الثأر لقيادييها الأربعة الذين قتلتهم حزم.
بهية مارديني: اندلعت اشتباكات عنيفة بين جبهة النصرة وحركة حزم في محافظة حلب، إثر اتهام جبهة النصرة لحركة حزم باختطاف أربعة من قيادييها وتصفيتهم، وهم أبي عيسى الطبقة، أمير جبهة النصرة في البادية، وأبي الجراح وأبي مالك الحمصيان، وأبي أنس الجرزاوي، فيما اتهمت حزم جبهة النصرة بأنها تضرب بجميع العهود والمواثيق ولجان التحكيم الشرعية عرض الحائط. وأعلنت الجبهة الشامية اليوم تدخلها لوقف هذا الاقتتال.
&
فتح الثغرات
وقال لؤي المقداد، رئيس مركز مسارات، لـ"ايلاف" إن جبهة النصرة أثبتت من جديد أن أولوياتها تختلف عن أولويات الثورة والثوار والشعب السوري، المتمثلة بإسقاط نظام بشار الأسد وإقامة الدولة العادلة الحرة، "فبعد افتعال النصرة المشاكل، وهجومها على فصائل ثورية عدة، بغرض بسط النفوذ والسلطة، ها هي تقوم اليوم بالهجوم على حركة حزم بغرض السيطرة على مواقعها، اذا أردنا أن نحسن الظن، ولا نقول بغرض تخفيف الضغط عن النظام، وإحداث خلخلة في الجبهات، وفتح ثغرات".
واعتبر المقداد أن السؤال الأهم، وبغض النظر عن المبررات الواهية التي تسوقها ميليشيا النصرة، "هو أنه كيف يمكن لأي عاقل أن يرى القدرة العسكرية والكثافة النارية من صواريخ وقذائف مدفعية ودبابات، التي استخدمتها النصرة أمس ضد الثوار، ويصدق بعد اليوم أن النصرة أتت لنصرة الشعب السوري ومساعدته، فلماذا لم توجه هذه القدرات بوجه النظام وحلفائه على جبهات القتال؟".
&
عمالة أو جهالة؟
وأعلنت حركة حزم في بيان لها أنها عند حكم الشرع، وقبلت تسليم قاداتها قبل عناصرها لمحكمة شرعية مستقلة، لفصل النزاع بينها وبين النصرة. وأكد بيان حزم: "نسلم له رقاب قادتنا قبل عناصرنا مع تشرفنا وفخرنا واعتزازنا بكل قضاء شرعي مستقل عن الفصائلية والحزبية".
وقالت حزم إنها ستستجيب لشرع الله، وعن طريقه ستتنازل وتعطي على الرحب والسعة، ودون ذلك القتال، "فمن أراد منا شيئًا فبحكم الله على العين والرأس، ومن أراده قهرًا فمن دون ذلك خرط القتاد وفت الأكباد فلسنا ضعافًا ولا خفافًا فإننا أبناء الحرب والنزال".
واتهمت حزم النصرة بأنها تضرب بجميع العهود والمواثيق ولجان التحكيم الشرعية عرض الحائط، "وأنها تشغلنا عن الجهاد في سبيل الله، ويخدمون العدو بكشف ظهورنا، إما عمالة وإما جهالة".
وأشارت حزم إلى أن قادتها وعناصرها صبروا على النصرة حتى ملّ الصبر منهم، "ورغم اعتداءات النصرة فإنهم استمروا في قتال النظام في حندرات، خوفًا من أن يحكم النظام حصاره على حلب وأهلها".
النصرة باغية
أعلنت الجبهة الشامية في بيان لها صباح اليوم السبت أنها ستدخل الفوج 46 مع الفجر، لمنع الاقتتال بين النصرة وحزم. ودعت الطرفين إلى احترام الاتفاق الموقع بين الجبهة الشامية وجبهة النصرة.
ويأتي هذا التدخل بعد الاشتباكات التي دارت مساء الجمعة بين النصرة وحزم في المشتل جنوب كفرنوران، وريف المهندسين الثاني، والفوج 46، والشيخ علي وارمناز القريبين من الأتارب.
وكان وجهاء الاتارب من مدنيين وعسكريين أصدروا بيانًا أكدوا فيه أن الأتارب والفوج 46 جزء لا يتجزأ وأرض واحدة، وأعلنوا النفير العام في المدينة، كما طالبوا حزم والنصرة بعدم الاقتتال، واعتبروا جبهة النصرة "باغية في هجومها على الفوج 46 والمشتل قرب ميزناز ومزارع ريف المهندسين الثاني"، ودعوها إلى التوجه إلى جبهات القتال فورًا ضد النظام والميليشيات الشيعية التي تؤازره.
ضبطت نفسها!
وكانت جبهة النصرة اصدرت بيانًا طلبت فيه من أهالي الأتارب أن يُخرجوا أبناءهم من صفوف حزم، وأشارت إلى أنها حريصة كل الحرص على تحييد الأتارب وأهلها عن الاقتتال، وأنها لن تقاتل بلدة الأتارب وأهلها، بل قتال عناصر حزم المتمركزين في الفوج 46.&
وأكدت النصرة أنها عزمت على الثأر من حزم، التي خطفت المجاهدين وقتلتهم، وأنها ضبطت نفسها لفترة طويلة والتزمت بالوساطة لمعرفة مصير الإخوة المختطفين أو تسليم القتلة، لكن حزم عندت ثم حمت القتلة وامتنعت عن تسليمهم، فتحصنوا بالفوج 46 الواقع في الأتارب.
وكانت النصرة أعلنت الحرب على حركة حزم، واعتبرتها بجميع مكوناتها "هدفًا مباشرًا"، مؤكدة الثأر منها لمقاتليها، بعد أن تناهى إلى علم النصرة أن حزم قامت بتصفيتهم.
&
الثأر الثأر
وأكدت النصرة أنها لن تقبل أي عملية احتواء للحركة بعد الآن، خصوصًا أنها قتلت مقاتلي النصرة المحتجزين لديها، ولم تتوقف جرائمها منذ انضمامهم للجبهة الشامية. وطالبت قيادة الجبهة الشامية بإخلاء كافة مقرات حزم ورفع أيديهم عنها، "لأن للنصرة ثأرًا تأخذه، وحقًّا تسترده".
وقالت النصرة أن شرعيي حزم يقومون بالتحريض المستمر على قتال النصرة، وكشفت أنها طالبت الجبهة الشامية مرارًا بأن تتحمل مسؤوليتها وتتدخل لإطلاق سراح جميع المختطفين، إلا أن الظروف التي تمر بها ثغور حلب وانشغال الجميع بالاشتباكات أدى إلى المماطلة في الأمر.
&
فصل حزم
وكان قد عقد اتفاق بين جبهة النصرة وقيادة الجبهة الشامية في 24 شباط (فبراير)، نصّ على ضرورة الكشف عن مصير المعتقلين الأربعة لدى حزم خلال مدة أقصاها أربع وعشرين ساعة، "وفي حال ثبت مقتل أحد الأسرى، تتعهد الجبهة الشامية بتسليم القاتل لمحكمة شرعية خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام، والكشف عن جثة المقتولين، بالإضافة إلى إفراغ عناصر حزم لمنطقة الفوج والمشتل".
ثم وصل لجبهة النصرة الرد على الاتفاق، حيث أبلغتها الجبهة الشامية بأن حركة حزم أعدمت منذ أربعة أيام الشيخ أبي عيسى الطبقة، والأخوين أبو الجراح وأبو مالك الحمصيين، أي بعد انضمامها للجبهة الشامية. وقالت النصرة إن الجبهة الشامية أبلغتها أنها لم يعد لها أي سلطة على حزم، وتعهدت بإصدار بيان فصل للحركة، وأن الجبهة الشامية لن تستطيع أن تقدم القاتل لمحكمة شرعية كما كان متفقًا عليه.
الاحتكام للثقات
دعا المجلس الإسلامي السوري جبهة النصرة وحركة حزم إلى الالتزام بالاحكام الشرعية لحقن دماء المسلمين. وقال إنه يتابع بقلق مستجدات النزاع بين الفصيلين، آخرها إعلان النصرة الحرب على حزم ردًا على قتل الأخيرة ثلاثة قياديين من الجبهة.
وطالب المجلس الاسلامي النصرة وحزم باللجوء إلى محكمة محايدة من أهل العلم الثقات، يتوافق عليها الطرفان، تنظر في كل القضايا العالقة والمختلف عليها. وقال بيان المجلس: "إن القتال أو التهديد به لحل الخلافات لن يحل الخلاف بل سيزيده عمقًا، ولن يكون هذا لمصلحة أحد الطرفين بل سيكون حتمًا في مصلحة النظام المجرم، فضلًا عن أنه خروج عن المنهج الشرعي في حل الخلافات، واستمرار النزاع ليس في مصلحة الثورة السورية، بل هو استنزاف لها ولجهودها".
دعوة لضبط النفس
كانت الجبهة الشامية وجهت في وقت سابق إنذارًا لحركة حزم، واعتبرته إنذارًا أخيرًا، وطالبتها بالالتزام بقرارات القيادة باعتبارها تابعة للجبهة الشامية بكافة مكوناتها وعناصرها، بعد أن أعلنت انضمامها إليها وانخراطها تحت الأسس والمبادئ التي تشكلت عليها الجبهة في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، استجابة لدعوة الصلح ووقف الخلافات بينها وبين النصرة.
ودعت الجبهة الشامية النصرة إلى ضبط النفس، وعدم التسرّع في قتال حزم.
وفي هذا السياق، كانت قد اتفقت فصائل عسكرية تابعة لجبهة النصرة وحركة حزم في وقت سابق في مدينة دارة عزة في ريف حلب، على تجنيب المدينة والفوج 111 شر الاقتتال بين الطرفين، وتسليم الفوج 111 الجبهة الشامية، ممثلة بحركة نور الدين الزنكي، حتى فض النزاع أو إبرام اتفاق جديد، مع سحب المظاهر المسلحة ورفع الحواجز وفتح الطرق وعدم تعرض أي من الطرفين لأي مجموعة من المدينة سواء كانت للنصرة أو لحزم، وعدم دخول عناصر النصرة من خارج دارة عزة إلى داخلها إلا لظروف إنسانية.
&
التعليقات