أثارت دعوة أطلقها مسؤول سابق بوزارة الثقافة المصرية لمظاهرة بميدان التحرير، تخلع فيها الفتيات الحجاب، الكثير من الجدل، وزعم أن نشر الحجاب في مصر، تقف وراءه جماعات الإسلام السياسي، مشيراً إلى أن الحجاب ليس دليلاً على الفضيلة والعفة.

القاهرة: دعا الكاتب والصحافي والمسؤول السابق بوزارة الثقافة المصرية شريف الشوباشي، إلى مظاهرة في ميدان التحرير للدعوة عملياً إلى خلع الحجاب، على أن تكون المظاهرة بحماية قوى الأمن.

دعوة الشوباشي لقيت ترحيبًا من التيارات الليبرالية والعلمانية التي وصفتها بالـ "مستنيرة"، بينما انتقدها علماء الأزهر واعتبروها في تصريحات لـ"إيلاف" بمثابة "الإعتداء الصارخ على كرامة وحرية الإنسان"، و"هجمة ضد ثوابت الدين الإسلامي".

وانتقد الأزهر الدعوة، معتبراً أنها تأتي ضمن الهجمات ضد ثوابت الدين الإسلامي، وقال& أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الدعوة لخلع الحجاب ليست جديدة، بل تظهر من حين لآخر، مشيراً إلى أن هذه الدعوات لن تضر الإسلام ولن تنال منه. وأضاف لـ"إيلاف" أن الحجاب فريضة إسلامية ثابتة في القرآن والسنة. ولفت إلى أن الإسلام يحافظ على المجتمع من الفتنة، مشيراً إلى أن الإسلام أوجب على المرأة المسلمة أن ترتدي ثياباً فضفاضة تستر جسدها، ولا تبدي مفاتنها، ولا تكون شفافة أو ضيقة تجسم مفاتنها.

وأعتبر أن ما يحدث من قبيل الهجمات التي يتعرض لها الإسلام من الداخل أو الخارج، مشيراً إلى أن الدعوات التي تطلق من أجل الخروج عن ثوابت الإسلام تمثل الوجه الآخر للتطرف الذي تقوده الجماعات المتطرفة، ومنها "داعش"، ودعا الجميع إلى الإعتدال.

بينما وصف وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، الدعوة بأنها "إعتداء صارخ على كرامة وحرية الإنسان، وقال: "إذا التزمت المسلمة بفرائض دينها، فإن المطالبة بترك الحجاب والتظاهر من دونه، تدخل سافر واعتداء صارخ على حرية وكرامة الإنسان".

وأضاف في تصريح له: "كما لا يجوز لإنسان أن يطلب من المرأة ترك الصلاة أو الصيام أو الحج، فإنه لا يجوز مطالبتها بترك الحق الذي آمنت به من تلقاء نفسها ورضيته لنفسها". تابع: "أبسط ما يقال في هذا المقام، إنه يجب على دعاة الحريات ترك الحرية للفتاة المسلمة لإظهار تعاليم دينها، كما تترك غير الملتزمة من دون ملاحقة من أحد على ترك حجابها مع الفارق بينهما".

وأضاف أن& الإدعاءات بـ"قهر المرأة من قبل أوليائها وإلزامها بارتداء الحجاب مردودة على أصحابها، وكثيرات ممن يرتدين الحجاب يخرجن من أسر يوجد بين أفرادها غير المحجبات، وربما تكون والدتها نفسها، فلنتقِ الله في أقوالنا وأفعالنا التي سنحاسب عليها أمام خالقنا".

وأطلق الشوباشي في دعوته عبر موقع التواصل الإجتماعي "فايسبوك": أقترح الآتي: أن تقوم مجموعة من الفتيات بخلع الحجاب خلال تظاهرة عامة بميدان التحرير في يوم بالأسبوع الأول من شهر مايو المقبل على أن تحيط بهم مجموعة من الرجال لحمايتهم وسأكون أول هؤلاء الرجال.. وطبعًا تخطر مديرية أمن القاهرة بذلك لتوفير الحماية".

وأعتبر أن تنفيذ فكرته "سيكون لها أثر لا يقل عمّا فعلته هدى شعراوى عام 1923"، موضحاً أن هدى شعراوي (ناشطة نسوية مصرية في نهاية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين)، خلعت النقاب& بالتزامن مع ثورة 1919.

وأضاف أن مصر "ظلت نحو خمسين عاماً بدون أن ترتدي النساء الحجاب"، مشيراً إلى أن الحجاب ظهر في مصر في أعقاب نكسة "يونيو 1967". وأوضح أن عودة الحجاب جاءت في سياق الحديث عن أسباب الهزيمة، والقول "إننا هزمنا في الحرب، لأننا بعدنا عن ديننا الإسلامي".

ولفت إلى أن الحجاب ازدهر في مصر في الثمانينيات والتسعينيات، وقال: "البنت التي لم تكن محجبة، ينظر إليها نظرة سيئة"، منوهاً بأن الحجاب انتشر بـ"الإرهاب والترغيب". وذكر أن وراء نشر الحجاب في مصر، أهدافاً سياسية، تقودها جماعات الإسلام السياسي من أجل صبغ مصر بالصبغة الإسلامية، تمهيداً لإقامة دعوة الخلافة.

وتساءل شوباشي: "إذا كان الحجاب عنواناً للفضيلة، فكيف نفسر أن سجون النساء في مصر ترتدي جميع النساء فيها الحجاب". وزعم أن: "99 % من عاهرات مصر محجبات". وقال إن الحجاب رمز وشعار رفعته جماعة الإخوان ومن وصفهم بـ"المتأسلمين".

ودعا شوباشي أصدقاءه والإعلاميين إلى نشر الدعوة على أوسع نطاق، واعتبر نشطاء في التيار العلماني أن دعوته مستنيرة، فيما اعتبرت التيارات السلفية أن الدعوة تمثل جزءًا من حرب شرسة ضد الإسلام.

فيما رد شوباشي، بالقول: يتهمونني بالجهل.. أقول لهم: بيني وبينكم نحو 1400 كتاب قرأته في حياتي.. بيني وبينكم 15 كتابًا كتبتهم بعد سهر الليالي.. ومئات الساعات من النقاشات الفكرية مع عمالقة الفكر مثل د. لويس عوض ويحيى حقي وعبد الرحمن الشرقاوي ونجيب محفوظ ومحمد أركون وروجيه جارودي.. على سبيل المثال لا الحصر. ومئات المحاضرات التي القيتها بالفرنسية والانجليزية في مختلف بلاد العالم.. وعمل لمدة خمسة اعوام في منظمة اليونسكو في باريس.. ومئات الندوات والحلقات التلفزيونية التي حضرتها في دول العالم المتحضر. وعشرات المؤتمرات الدولية التي قمت فيها بالترجمة باللغات الثلاث في شبابي.. بيني وبينكم سنوات ضوئية يا سادة".