حذر مسؤول عراقي سني كبير من عودة العراق إلى نقطة الصفر بعد التخلص من تنظيم "داعش"، داعيًا إلى إيجاد آلية للتعامل مع هذه المرحلة.. فيما طلبت حكومة الأنبار المحلية تعزيزات عسكرية في مواجهاتها الحالية ضد تنظيم "داعش"، بينما رفض علماء الدين بالمحافظة مشاركة الحشد في معركتها.. في وقت اعتبر نائب الرئيس الاميركي بايدن أن الفساد والطائفية كانا سبب سقوط الموصل.

لندن: قال رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري إن الإرهاب في العراق يندحر يوميًا، وأن القضاء عليه بالكامل يحتاج تكاتفاً وتعاوناً وتفكيراً مشتركاً. وشدد خلال لقائه مع أفراد الجالية العراقية المقيمة في موسكو الليلة الماضية على ضرورة "ايجاد آلية للتعامل مع مرحلة ما بعد داعش كي لا نعود إلى نقطة الصفر، التي ولج إلينا منها، وكلفنا أرواحًا عزيزة وآلامًا كبيرة للنازحين والمهجرين"، في إشارة إلى الاحتراب الطائفي والاقتتال بين العراقيين.

وأوضح أن الواجب يقتضي من الجميع رؤية واضحة لتشخيص سلبيات ما حصل في العراق مؤخراً من استشراء الارهاب وسيطرته على مناطق شاسعة من البلاد، لافتًا إلى أنّ التحدي الداخلي هو أبرز التحديات التي تواجه العراق اليوم، والذي يتمثل بالثقة المتبادلة واحترام الاتفاقات وبناء مؤسسة الدولة برلماناً وسلطة تنفيذية على اساس التعاون المشترك، كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تسلمته "إيلاف".

وأشار إلى عزم السلطتين التشريعية والتنفيذية بشقيها في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء بالمضي في مشروع مصالحة وطنية شامل بصيغة متكاملة لا يقوم على اساس الشعارات، بل يرتكز بدرجة أساسية على تصحيح المسار في الجانب التشريعي وفي ارسال رسائل اطمئنان للمجتمع العراقي.

وأكد حاجة العراق إلى تفاهمات تحقق التوازن الاقليمي، الذي اختلّ نتيجة المواجهات الطائفية.. وقال: "هناك رايات ترفع بعناوين طائفية وعلى مستوى دول كما أن بعض الدول تنتدب نفسها للمحافظة على العنوان الطائفي أو الدفاع عنه".. مشيرًا إلى أنّ من مصلحة العراق أن يكون هناك توازن اقليمي قائم اساس المصالح المشتركة بين تلك الأطراف.

وأضاف الجبوري أن العراق "بإمكانه ان يلعب دور الوسيط في حل مشاكل المنطقة، بل قد يكون أقدر من غيره على ممارسة ذلك الدور بمساندة اشقائه وأصدقائه". وأشار إلى أن حضور روسيا في المشهد العراقي مهم وأن العلاقة معها تمضي بتحسن.. منوهاً في ذات الوقت إلى أهمية بناء علاقة متوازنة مع الولايات المتحدة من جانب ومع الغرب من جانب ومع الدول العربية من جانب آخر.

وأكد أن "العلاقات المتوازنة هي الاساس الذي يحكم استراتيجيتنا في العلاقات الدولية والعراق يمكن أن يكون له نفوذ كبير قادر على التغيير اذا تعافى من المشاكل التي ألمت به".. مضيفاً "لا نريد العودة إلى الحرب الباردة ولا نريد الهيمنة بل نريد المشاركة، وهذا هو الاساس الذي يحكم وجودنا".

واختتم رئيس مجلس النواب العراقي مساء الخميس زيارة رسمية إلى روسيا استمرت ثلاثة أيام التقى فيها عددًا من المسؤولين الروس وبحث معهم جملة من الملفات المشتركة، بالإضافة إلى الوضع الإقليمي.

حكومة الأنبار تطلب دعمًا

إلى ذلك أعلن علماء الدين في محافظة الأنبار الغربية رفضهم لمشاركة الحشد الشعبي في معارك تحرير المحافظة من سيطرة تنظيم "داعش". وأكد العلماء في بيان صحافي الجمعة "أن انقاذ اهل الأنبار الصابرين والصامدين هو من مهمة اهلها ورجالها، الذين عرفوا بتحمل المحن والشدائد، وهم لا يحتاجون الا لدعم عسكري حقيقي والتفاف عشائرهم واهلهم حول ادارة المحافظة ومجلسها تجاه القضايا المصيرية وتخليصهم من الارهاب ".

وشدد العلماء على "أن الأنبار ليست بحاجة إلى دعم الحشد الشعبي خشية من تكرار ما حصل في ديإلى وصلاح الدين وعاصمتها تكريت على وجه الخصوص من تصرفات لا تمت للدين بصلة وتورث الاحقاد العشائرية والطائفية ".. في إشارة إلى الانتهاكات التي مارستها مليشيات ضمن الحشد الشعبي، واعتدائها على ارواح المواطنين السنة ونهب وحرق دورهم ومحلاتهم التجارية.

ودعا علماء الدين اهالي المحافظة وسياسييها وعشائرها إلى نبذ الفرقة والاختلاف في هذه الازمة التي تدعو الجميع إلى رص الصفوف وتوحيد المواقف. وكانت القوات الامنية بدأت الاربعاء الماضي عمليات مسلحة في مناطق شرق الأنبار ضد تنظيم "داعش" في مقدمة لبدء معركتها الكبرى لطرد التنظيم من المحافظة.

وفي محاولة استباقية، شن تنظيم "داعش" هجمات انتحارية اعقبها بهجمات مسلحة طالت جميع مناطق الرمادي امس انطلاقًا من 10 مناطق، وذلك بواسطة انتحاريين وعجلات مفخخة أعقبها بهجوم على جميع القواطع ومن مختلف الاتجاهات.

وناشد رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي ارسال تعزيزات عسكرية عاجلة وخاصة الذخيرة نتيجة نفادها من المقاتلين. وقد وصل قائد القوات البرية الفريق الركن رياض توفيق مع عدد من القادة العسكريين والامنيين إلى مقر قيادة عمليات الأنبار غرب الرمادي، كما قالت الوكالة الوطنية العراقية للانباء. وفور وصوله عقد توفيق اجتماعًا مع محافظ الأنبار صهيب الراوي والقيادات العسكرية والامنية استهدف وضع آليات خطة تحرير الأنبار من تنظيم "داعش"، إضافة إلى الوقوف على احتياجات القوات العسكرية من الاسلحة والذخائر والمعدات.

بايدن: الفساد والطائفية سبب سقوط الموصل

وأكد نائب الرئيس الاميركي جو بايدن أن الفساد والطائفية كانا السبب بإنهيار الجيش العراقي في حزيران (يونيو) الماضي وسقوط الموصل، لافتًا إلى أنّ تنظيم "داعش" بدأ بالانحسار في العراق بسبب الضربات التي تلقاها في اكثر من منطقة، بالإضافة إلى فقدان اغلب قادته.

وقال بايدن في كلمة له في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن مساء امس إن نجاح القوات العراقية في تكريت يترتب عليه تحديات جديدة.. مشيرًا إلى أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي اتخذ اجراءات سريعة بطرد الميليشيات، ولابد من اشراك السنة في العمليات القتالية. واوضح أن "الحكومة العراقية هي الوحيدة في المنطقة التي لا تستند إلى هيمنة طائفة محددة على غيرها"، بحسب قوله.

وأضاف "أن ما تريده الولايات المتحدة هو ما يريده العراقيون، وهو دولة فيدرالية وحكومة تضم جميع الفئات".. مشددًا على انه من دون وجود حكومة متحدة فإنه من المستحيل هزيمة تنظيم "داعش".

وأضاف "أن سياسات الحكومة العراقية السابقة أدت بعواقب وخيمة على وحدة وسلامة مكونات البلد من السنة والشيعة والاكراد". وأكد أن "تهديد داعش هو الامر الذي ادى إلى توحد العراقيين بكل مكوناتهم وهو ما جعل السنة والشيعة والاكراد أن يصلوا إلى استنتاج واحد، وهو انهم سيكونون في حال افضل عندما يكونون مع بعضهم".

وقال ان اختيار الحكومة العراقية الجديدة التي تشكلت في ايلول (سبتمبر) الماضي جاء بعد نقاشات عسيرة.. مشيرًا إلى أنّ القادة العراقيين اتفقوا على ضرورة تغيير رؤساء مجلس النواب والوزراء وتشكيل حكومة قادرة على تقديم اداء فيدرالي افضل. واوضح أن رئيس الوزراء حيدر العبادي سعى إلى تحسين علاقات العراق مع دول الجوار مستدلاً بذلك باعلان السعودية عن نيتها فتح سفارتها في العراق قريباً.

وأضاف بايدن قائلاً: " امام العراقيين طريق طويل، و النجاح أو الفشل هو بيد العراقيين".. مشددًا على ضرورة عمل القادة العراقيين معاً.. وقال إن تقديم التنازلات امر صعب مع سقوط الآلاف من القتلى الا أن القادة العراقيين تجاوزوا ذلك.

وعن مساندة التحالف الدولي للقوات العراقية في تكريت، اوضح بايدن أن التدخل جاء تلبية لطلب العبادي لدعم القوات العراقية في مناطق العراق كافة.. مشددًا على أن& الولايات المتحدة أكدت استعدادها لدعم القوات العراقية، ولكن من خلال التنسيق المباشر مع القيادة العسكرية العراقية.

وأشار بايدن إلى أنّ واشنطن زودت بغداد بـ100 مليون قطعة ذخيرة وسترسل مئات الصواريخ والمركبات المضادة للدروع في شهر أيلول المقبل، مشيدًا بالتضحيات التي قدمتها الولايات المتحدة الاميركية في العراق.

وكانت القوات العراقية انهارت امام تقدم تنظيم "داعش" في مناطق العراق الشمالية واحتلاله مدينة الموصل كبرى مدن الشمال العراقي في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي، ثم امتدت سيطرته إلى محافظات ديإلى وكركوك وصلاح الدين والأنبار، مما ادى إلى نزوح حوالي ثلاثة ملايين مواطن عن مناطق سكناهم.