مع ضربات طيران التحالف في عملية عاصفة الحزم، تحولت صنعاء التي يسيطر عليها عناصر ميليشيا عبد الملك الحوثي، إلى مدينة أشباح. وناءت المدينة طوال أشهر تحت حكم الحوثيين الذين عمقوا جراح اليمنيين بسلوكاتهم القمعية.


صنعاء: لا شيء يوحي اليوم في صنعاء على أن هذه المدينة هي عاصمة "اليمن السعيد".

إذ يعيش سكان صنعاء تحت سيطرة وسطوة الميليشيات الحوثية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما اجتاحت هذه الميليشيات بالتعاون مع القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، العاصمة اليمنية.

يشير تقرير لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية إلى عمليات نزوح كبيرة من صنعاء إلى خارجها.

تقول الصحيفة: "تتم عمليات النزوح من صنعاء، على الرغم من أن الغارات الجوية لم تستهدف التجمعات السكانية. إلا أن انتشار مقار أمنية للحوثيين بداخل تلك التجمعات، دفع إلى خوف المدنيين. وقد تركزت الغارات، حتى اللحظة، على المعسكرات الرسمية والمطارات التي يستخدمها الحوثيون. ومشكلة صنعاء أن المعسكرات بداخلها وحولها كثيرة وليست محددة، كما هو الحال في بقية المدن اليمنية، فيمكن اعتبار أن كل الجبال المحيطة بصنعاء من كل الاتجاهات، هي عبارة عن معسكرات تتبع القوات المسلحة اليمنية. وهذا بالإضافة إلى المعسكرات الرسمية المنتشرة في داخل المدينة، التي كانت واحدة من أسباب الخلافات السياسية مطلع عقد تسعينات القرن الماضي بين شركاء السلطة، فحينها كان الحزب الاشتراكي اليمني يطالب بإخراج المعسكرات من المدن".

وتتندر بعض الأوساط اليمنية، في كثير من الأحيان، بأن صنعاء قرية كبيرة، أو مجموعة قرى في قرية كبيرة على شكل مدينة، وذلك بسبب التركيبة السكانية والاجتماعية التي تعكس الانتماءات القبلية والمناطقية، أكثر من كونها عاصمة فعلية لليمن.

ويوجد بها سكان من كل المحافظات، تقريبًا، لكنها تظل محصورة في ألوان محددة من المناطق والأشخاص، ولم تصل إلى درجة المدنية التي تتطلبها العاصمة السياسية عادة. لكن صنعاء ومع ضربات طيران التحالف في عملية «عاصفة الحزم»، تحولت إلى مدينة أشباح، فقد كانت هي الهدف الأول للغارات الجوية في الـ26 من مارس (آذار) الماضي. وبحسب منظمات إنسانية، فإن أكثر من 100 ألف يمني نزحوا عن صنعاء منذ بدء العمليات العسكرية بحثًا عن الأمان، رغم أن الكثيرين يعتقدون أن هذه الإحصائيات غير دقيقة وأن عمليات النزوح هي أكثر بكثير مما يتم الحديث عنه. ولكن بسبب انعدام الآليات التي تتم من خلالها عمليات الإحصاء وتعدد وسائل المواصلات التي يستخدمها النازحون لم تؤكد الأرقام خاصة مع انعدام وجود جهات معنية بحصر هذه الحالات التي تتم بصورة شبه يومية في صنعاء، حسب (الشرق الأوسط).
&
منذ وصول ميليشيات الحوثي إلى صنعاء قادمة من صعدة، شلّت الحركة تمامًا في صنعاء، وساهم في سوء الأوضاع، انعدام المشتقات النفطية والانقطاعات المتواصلة للكهرباء. فقد أغلقت المدارس والجامعات وأغلقت غالبية السفارات أبوابها وكذا البعثات والمنظمات الإقليمية والدولية، ومعظم الفنادق باتت فارغة من النزلاء جراء توقف النشاط في القطاع السياحي. ومنذ انقلاب الحوثيين، عطلت الوظائف الحكومية، وارتفعت أسعار المواد الغذائية وانعدم بعضها.
&
كما بات الغلاء الفاحش هو سيد الموقف، فـ"دبة البترول" سعة 20 لترًا، ارتفع سعرها، في السوق السوداء، من 3 آلاف ريال يمني، إلى قرابة 25 ألف ريال يمني، أي ما يعادل 100 دولار أميركي. فيما ارتفعت أسعار مياه الشرب التي يشتريها معظم سكان أحياء صنعاء من شاحنات محملة بصهريج مياه متوسط الحجم يسمى «الوايت»، وذلك بسبب انعدام مادة الديزل التي تستخدمها تلك الشاحنات ومحطات تعبئة المياه من المزارع في داخل وخارج صنعاء.

ولا يلوح في الأفق أي مؤشر على أن الحرب ستتوقف قريبًا.

وتقصف السعودية وحلفاؤها العرب مواقع الحوثيين في اليمن، منذ اكثر من اسبوعين أملاً في وقف تقدم مقاتلي الحوثي نحو مدينة عدن الساحلية الجنوبية.

ورفضت السعودية يوم الأحد دعوات إيران إلى وقف الضربات الجوية ضد الحوثيين، في حين قال مصدر طبي إن الهجمات التي تقودها السعودية أصابت معسكرًا للجيش في مدينة تعز، مما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين.

وأشار المصدر الطبي إلى أن الغارات الجوية على تعز استهدفت موقعًا يسيطر عليه جنود موالون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي تحالف مع الحوثيين ضد فصائل محلية في الجنوب.

وكانت احتجاجات حاشدة أجبرت الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على التخلي عن السلطة في عام 2012 لكنّ الموالين له في الجيش ما زالوا في أماكنهم ويقاتلون الان إلى جانب الحوثيين.
&
ويقول مواطنون تحدثوا إلى (الشرق الأوسط) إنّ المسلحين الحوثيين "يتحكمون بمصائر الناس وبالمواد الغذائية ويجبرون التجار على إمدادهم بالكميات التي يطلبونها من المؤن لإرسالها إلى معسكرات الميليشيات وإلى قوات الجيش المتحالفة معهم".

ويفرض مسلحو الحوثيين إتاوات على التجار. ويتحدث عدد من المدنيين عن "سوق سوداء" ابتكرها الحوثيون لبيع المشتقات النفطية وبأسعار كهذه، وذلك من أجل تمويل عملياتهم، بعد أن فشلت مساعيهم في الحصول على تبرعات من المواطنين بالحجم الذي كانوا يتوقعونه.