يعيد بث تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) تسجيلا صوتيا لزعيمه ابو بكر البغدادي الخميس، تأكيد قيادة الاخير للتنظيم، بعد غياب لاشهر وانتشار تقارير عن تعرضه لاصابة بالغة قد تكون جعلته غير قادر على تولي زمام المسؤولية.


بغداد: في التسجيل البالغة مدته نحو 35 دقيقة والذي تداولته حسابات الكترونية "جهادية"، دعا البغدادي الذي نصب نفسه "خليفة" بعد اعلان التنظيم العام الماضي اقامة "الخلافة" في مناطق سيطرته في سوريا والعراق، المسلمين "للهجرة" الى دولته للقتال، او حمل السلاح حيث هم.

ويقول الباحث في "منتدى الشرق الاوسط" ايمن جواد التميمي لوكالة فرانس برس "اعتقد ان بث الشريط يرتبط جزئيا بالشائعات عن العجز الذي اصابه".

واوردت تقارير صحافية في نيسان/ابريل معلومات عن اصابة البغدادي بشكل بالغ جراء غارة جوية للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في شمال غرب العراق قرب الحدود السورية في آذار/مارس.

واشارت هذه التقارير الى ان البغدادي بات عاجزا عن تولي مسؤولياته، واستبدل بأبي علاء العفري.

ويقول الباحث في مجموعة "صوفان غروب" الاستشارية باتريك سكينر لفرانس برس "اعتقد فعلا ان التسجيل الصوتي بث في توقيت ملائم".

ويضيف "كان مهما بالنسبة اليه، حتى بتسجيل صوتي، اظهار مستوى معين من الانخراط والاقناع. التنظيم يعتمد على الصورة (الاعلامية) بقدر ما يعتمد على الوقائع الميدانية".

وفي حين لا يقدم التسجيل دلائل على صحة البغدادي، الا انه يستبعد بشكل كبير عدم وجوده في موقع المسؤولية للتنظيم.

والتسجيل هو الاول للبغدادي منذ تشرين الثاني/نوفمبر، علما ان ذاك التسجيل بث ايضا بعد شائعات عن احتمال اصابته في غارة استهدفت قياديين "جهاديين" في شمال العراق.

ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من التسجيل الذي نشر مساء الخميس، الا ان التنظيم غالبا ما يعمد الى هذا الاسلوب في ايصال رسائل قيادييه.

وتطرق التسجيل الى معارك تخوضها القوات العراقية مع تنظيم الدولة الاسلامية في محافظة الانبار في غرب العراق ومنطقة بيجي شمال بغداد، من دون الاشارة الى المعارك في مدينة تكريت التي استعادتها القوات العراقية مطلع نيسان/ابريل بعدما بقيت تحت سيطرة التنظيم لاشهر.

ويرى محللون ان عدم تطرق البغدادي لمعارك تكريت، يرجح انه سجل كلمته بعد استعادة القوات العراقية للمدينة، مركز محافظة صلاح الدين.

وكتب حسان الحسن الذي شارك في تأليف كتاب "داعش: داخل جيش الارهاب"، على "تويتر" الجمعة، "التسجيل الجديد لابو بكر البغدادي سجل على الارجح في الايام الخمسة الاخيرة من نيسان/ابريل. انا شبه واثق من ذلك".

وقبل التقارير عن احتمال اصابة البغدادي، كان ابو علاء العفري، واسمه عبد الرحمن القادولي، شبه مجهول اعلاميا.

وادرجت الولايات المتحدة في الخامس من ايار/مايو، اسم العفري على لائحة تصدرها وزارة الخارجية، وترصد مكافآت مالية بحثا عن مطلوبين. ورصدت واشنطن سبعة ملايين دولار اميركي لمن يقدم معلومات تقود اليه.

وبذلك اصبح العفري الثاني في ترتيب المكافآت المرصودة لقياديين مطلوبين في تنظيم الدولة الاسلامية، بعد البغدادي الذي خصصت مكافاة بعشرة ملايين دولار لمن يدل عليه.

وبرز اسم العفري مجددا هذا الاسبوع، مع اعلان وزارة الدفاع العراقية ان مقاتلات التحالف استهدفته بغارة اثناء اجتماعه مع قيادات وعناصر من التنظيم في شمال العراق. الا ان القيادة الوسطى للجيش الاميركي اعلنت انها "لا تملك معلومات تعزز" هذا الامر.

ولا يكشف تنظيم الدولة الاسلامية اسماء قيادييه، ويصعب التاكد منها من مصادر مستقلة. وباستثناء البغدادي والمتحدث ابو محمد العدناني، لم تظهر قياداته الرئيسية في اشرطة مصورة او تسجيلات صوتية.

وادرج العدناني على لائحة الخارجية الاميركية، اضافة الى الجورجي عمر الشيشاني الذي يرجح انه من ابرز القادة العسكريين.

وتعود جذور التنظيم الى تنظيم "دولة العراق الاسلامية" التابع لتنظيم القاعدة، والذي تحول لاحقا الى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" بعد عامين من اندلاع النزاع في سوريا.

ويرجح ان "جهاديين" عراقيين هم الذين يتولون المواقع القيادية في التنظيم.

وكانت وزارة الدفاع الاميركية اعلنت في كانون الاول/ديسمبر مقتل ابو مسلم التركماني، ابرز مساعدي البغدادي، في غارة قبل شهر.

وسعى البغدادي في التسجيل الى الظهور بمظهر الممسك بزمام المبادرة، والداعي الى حشد المقاتلين من كل انحاء العالم.

وقال "ايها المسلمون، لا يظن احد ان الحرب التي نخوضها هي حرب الدولة الاسلامية وحدها، وانما هي حرب المسلمين جميعا".

ويرى سكينر ان البغدادي وضع في "الخطاب (...) كل ثقله، كل ما يمكنه فعله، وحض مؤيديه على القيام بالامر نفسه".

ويتفق سكينر والتميمي على حاجة البغدادي الى زخم جديد للخروج من حالة المراوحة الميدانية القائمة، اذ لم يتمكن التنظيم خلال الاشهر الماضية من تحقيق اي تقدم كبير على الارض.

الا ان التنظيم شن في يوم بث الشريط، هجوما واسعا في الانبار لا سيما مركزها مدينة الرمادي، حيث بات قاب قوسين او ادنى من السيطرة عليها، في ما قد يشكل ابرز انجازاته الميدانية في العراق منذ نحو عام.