هاجم زعيم سياسي عراقي بشدة استراتيجية التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، مؤكدًا أنها فاشلة، وأن دعمه للعراق استعراضي وغير جديّ، محذرًا أن هذا الامر سيمكن التنظيم من طرق أبواب العواصم الغربية من خلال القنابل البشرية المتنقلة ليعبث بالامن الاقليمي والدولي.

لندن: أعرب رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم في كلمة بالمنتدى الثقافي الاسبوعي للمجلس في بغداد، بحضور حشد من ابناء العاصمة العراقية، الليلة الماضية، لمناسبة ذكرى ولادة الامام المهدي، عن تشاؤمه تجاه الاستراتيجية التي يتبعها التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش الارهابي، مبيناً أن الكثير من الدول المشاركة في هذا التحالف غير جدية وغير فعالة في مواجهتها لداعش ودعم العراق وإن اغلب هذه الدول تشارك بطريقة استعراضية.

تعامل الغرب مع داعش يثير الشك

وأشار إلى أنّه ليس من المعقول أن تشارك اقوى دول العالم في تحالف ضد منظمة ارهابية تعمل بالعراء وعلى مساحة شاسعة ولا تستطيع ان تشل حركتها أو تعطل قدراتها".. مبينًا انه "موضوع يثير الكثير من الشك والريبة وهو يكسر هيبة الدول المشاركة بالتحالف ومن الافضل لهذه الدول أن تثبت جديتها ومصداقيتها في محاربة داعش بدل ان تكسر هيبتها وتقلل من قيمتها حين تقف عاجزة عن ردع مجموعة من القتلة تتحرك في صحراء مفتوحة، مساحتها آلاف الكيلومترات.. وتساءل بالقول "أين الاقمار الصناعية، واين الطائرات المسيرة، واين اجهزة التنصت، واين الاجهزة الاستخبارية، واين الاسلحة الذكية الموجهة؟".

واكد أن "السلاح يصل إلى داعش بانتظام ولا يقتصر على ما يستحوذ عليه من الجيشين العراقي والسوري، والنفط الداعشي يباع في الأسواق العالمية ويمول ميزانية التنظيم بملايين الدولارات، "فأين التحالف؟ واين الحلفاء الذين يحيطون بداعش من كل مكان؟".

وقال إن "تحميل العراق وحده مسؤولية التصدي للارهاب الداعشي هو قلب للحقائق، لأن داعش يمثل خطراً بالغاً على المنطقة والعالم بأسره وقد دفعنا اثماناً باهظة لمواجهته بدماء خيرة شبابنا، وقد ودعنا بالامس جثامين 47 شهيداً من الشرطة الاتحادية من ابناء تلعفر التركمان الابطال، وهم يدافعون عن ابناء جلدتهم في منطقة الثرثار في الانبار".. مشيراً إلى أنّ "استنزاف ثرواتنا وتخريب العديد من مدننا ونزوح الملايين من مواطنينا تتطلب من التحالف الدولي تحمل مسؤولياته التاريخية في التصدي الجاد لهذه المنظمة الأرهابية بكل عزم وحزم ومساندة الشعب العراقي بكل اطيافه دفاعاً عن امن العراق والمنطقة والعالم".

وكان التحالف الدولي لمواجهة داعش قد قرر خلال اجتماعه في باريس الثلاثاء الماضي توسيع دعمه للعراق في حربه ضد داعش، من خلال زيادة ضرباته الجوية وارسال المزيد من الاسلحة وتكثيف عمليات التدريب، موضحًا أن هذه الجهود ستظهر عاجلاً في محافظة الانبار من اجل تحرير عاصمتها الرمادي من سيطرة التنظيم .

لكنه أشار إلى أنّه لايمكن عزل دعم خطط الحكومة العراقية لتحرير اراضي البلاد عن المصالحة الوطنية، حيث لايمكن الفصل بين السياسة والعمليات العسكرية، ولذلك فإن هذه الحكومة مطالبة بتنفيذ برنامج اصلاحات شاملة تحقق طموحات الشعب العراقي بأكمله وتضمن استقرار البلاد.&
&
في قلب دول التحالف

ووجه الحكيم كلامه إلى دول التحالف الدولي قائلاً "كفى عبثاً بالشعب العراقي وشعوب المنطقة.. وكفى استهزاء بقدرتنا العقلية على معرفة الحقائق.. فاذا كانت دول بهذه القوة العسكرية لا تستطيع أن تقف بوجه مجموعة من القتلة والارهابيين، فأنا واثق بان داعش سيكون قريباً في قلب هذه الدول، وسينتشر كالنار في الهشيم ليأكل هياكل الامن الاقليمي والعالمي".

واضاف أن العراق يواجه اليوم الانتحاريين القادمين من الغرب ودول الخليج، وهذا الشباب الانتحاري المفخخ يثير الحماسة الارهابية لدى المئات ان لم يكن الآلاف من الشباب في اوربا واميركا ودول الخليج والدول العربية والاسلامية الاخرى.. فماهو مصير هذه الدول امام القنابل البشرية المتحركة في مجتمعاتها".

وأضاف قائلاً "ليعلم الجميع أن داعش سرطان وسوف لا يقف تأثيره في العراق، فبالأمس احتل مدينة سرت في ليبيا واصبح جارًا لأوروبا، ولنرى كيف ستتصرف اوروبا مع جارها الجديد.. ولننتظر ونرى المدن الاخرى التي سيضعها الداعشيون ضمن اولوياتهم في مختلف البلدان.. وسيندم الجميع ممن لم يتعامل بجدية لمواجهة داعش أو حاول استغلاله للضغط على خصومه السياسيين في وقت لا ينفع فيه الندم، لأن الارهاب لا يمكن ان يتحول إلى بندقية للإيجار ولا يمكن السيطرة عليه وعلى سلوكه، وتجارب العقود الماضية خير دليل على ذلك".&&&

ويضم التحالف الدولي الذي تشكل في ايلول (سبتمبر) الماضي لمواجهة داعش 63 دولة ومنظمة، يضم الأردن والإمارات والبحرين والسعودية والعراق وسلطنة عمان وقطر والكويت ولبنان ومصر والمغرب إلى جانب جامعة الدول العربية.

كما يضم التحالف كلاً من: تركيا، الصومال، ألبانيا، أستراليا، النمسا، بلجيكا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، كندا، كرواتيا، قبرص، جمهورية التشيك، الدنمارك، إستونيا، الاتحاد الأوروبي، فنلندا، فرنسا، جورجيا، ألمانيا، اليونان، هنغاريا، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، كوسوفو، لاتفيا، ليثوانيا، لوكسمبورغ، مقدونيا، مولدوقا، الجبل الأسود، هولند، نيوزيلندا، النرويج، بنما، البرتغال، جمهورية كوريا، رومانيا، صربيا، سنغافورة، سلوفاكيا، سلوفينيا، اسبانيا، السويد، تايوان، أوكرانيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة.

مشروع الارهاب في العراق

وأشار الحكيم إلى أنّ مشروع الارهاب في العراق يتركز على اثارة النعرات الطائفية والدينية والقومية وايقاع الحرب الاهلية وتمزيق المجتمع ونسف الدولة من الداخل.

وقال: "نحن في الوقت الذي نقاتل فيه الارهاب وخلافة الضلالة الا إننا ندرك أن مسؤوليتنا الاساسية هي حماية العراق من التفكك والشعب من الاستدراج إلى حرب اهلية مفتوحة، لأن هذا ما يحلم به الارهابيون الذين لا يستطيعون تأسيس خلافة مزعومة لهم بوجود عراق موحد ومتماسك وشعب عراقي متفاهم ومتلاحم، وعليه فإننا نتبنى مبادرة السلم الاهلي وبناء الدولة، لأن صراعنا مع الارهاب في جميع الجبهات وليس في ساحات القتال وحدها، وهو لا يعتمد على القتال فحسب لتمرير مشروعه، بل له مشروع سياسي ومشروع اجتماعي ومن خلال زرع الفتنة والفرقة بين الناس يجد لنفسه منفذاً لتفتيت العراق ومن خلال ضرب المحافظات والمناطق والعشائر والطوائف ببعضها ليفكك بذلك كل اواصر المجتمع، ولذلك يعمل على إثارة الصراعات بين الشيعة والسنة وبين العرب والكرد والتركمان والشبك وبين المسلمين والمسيحيين والصابئة والايزيديين وبين العشائر والقبائل وبين المحافظات والمناطق، فالفوضى هي بيئته المثالية للنمو والتمدد وتقسيم العراق وتفتيته، هو سقف احلامه كي يبتلع اجزاءَه المقسمة في دولته اللا إسلامية الارهابية المجرمة".&