اختلفت القوى الثورية والسياسية في مصر حول تقييم ثورة 30 يونيو/ حزيران التي أطاحت بنظام حكم الإخوان المسلمين بعد عام واحد من تقلد الرئيس السابق محمد مرسي للسلطة، فمنهم من يرى أن الثورة سُرقت من جانب فلول الحزب الوطني، ورموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهناك من يرى أنها حققت أهدافها.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: مع حلول الذكرى الثانية لثورة الثلاثين من يونيو، استطلعت "إيلاف" آراء السياسيين والقوى الثورية حول أبرز ما تحقق من مطالب تلك الثورة الشعبية التي أطاحت بحُكم جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي.
التضييق على الاخوان
بحسب آراء الخبراء فإن من أبرز مكتسبات الثورة هو التضييق الذي تم على تنظيم الإخوان المسلمين، فضلاً عن عودة علاقات مصر ودورها الإقليمي والعالمي، بالإضافة إلى الوقوف على طريق التنمية الطويل من خلال وجود مؤسسات منتخبة، في حين ظهرت بعض السلبيات المتعلقة بعودة الاعتقالات العشوائية من جانب وزارة الداخلية، والسماح لفلول نظام مبارك بالعودة مرة أخرى والظهور بشكل مأثر وقوي في المشهد السياسي، لنظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
مخاطر تهدد الثورة
وفقاً للدكتور محمد حمزة، عضو ائتلاف ثورة يناير، فإن ثورة 30 يونيو تواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في خطرين لا يقل أحدهما عن الآخر أهمية وكلاهما كفيل بأن يجعل الثورة تعود للخلف.
وأوضح لـ"إيلاف" أن الخطر الأول يتمثل في عودة رموز نظام مبارك للظهور، وهؤلاء يزيدون من أعداء الثورة خاصة من القوى الثورية التي ثارت ضد الفساد في عهد مبارك، مشيراً إلى أن الخطر الثاني يتمثل في قوى الإرهاب التي تزداد شراسة يومًا وراء الآخر في ظل تضييق الخناق على جماعة الإخوان.
ولفت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي مطالب باتخاذ خطوات جادة وفعالة لتحقيق أهداف ثورة يونيو والتي من أهمها تحقيق عدالة انتقالية حقيقية، والإفراج عن شباب الثورة، وإسقاط قانون التظاهر، ووقف الاعتقالات العشوائية من جانب وزارة الداخلية بحجة محاربة الإرهاب.
لم يتغير شيء!
ونبه حمزة إلى أن الغالبية العظمى من الشعب المصري تشعر بأن مصر لم تتغير عما كانت عليه في عهد مبارك، من حيث الحريات أو الديمقراطية أو احترام حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن القرار السياسي مازال في يد رئيس الدولة، ومازالت مصر تحكم من خلال الحاكم الفرد.
ونوه إلى أن الحكومة مازالت أداة في يد الرئيس تسمع وتطيع وتنفذ فقط، معتبراً أن هذا بعيد كل البعد عن أهداف ثورتي يناير ويونيو اللتين قامتا من أجل ارساء دول القانون والديمقراطية، وليس من أجل إستمرار الحاكم الفرد.
نظام مبارك يختطف الثورة... السيسي يفشل
في السياق ذاته، انتقد الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد ثورة يونيو في التعامل مع كل من الإخوان ورجال مبارك، مشيراً إلى أنه فشل حتى الآن في تحقيق أهداف الثورة، فمثلما اختطفت جماعة الإخوان ثورة 25 يناير، اختطف نظام مبارك ثورة 30 يونيو.
واتهم النظام الحالي بأنه يفتقد إلى الإرادة السياسية لعزل رموز الحزب الوطني (حزب مبارك)، رغم وجود أحكام قضائية صادرة من قبل تدعو لذلك، بل إنه اختار وزراء ومسؤولين ينتمون لنظام مبارك، وثار ضدهم الشعب للعمل معه، وصاروا مقربين منه، ومنهم: الدكتورة فايزة أبو النجا، مستشارة الأمن القومي، وإبراهيم محلب نفسه رئيس الحكومة والذي كان قيادياً بالحزب الوطني.
ثورة ثالثة ؟
ونوه إلى أن جميع الشواهد تؤكد اتباع النظام الحالي نفس سياسات مبارك في مواجهة الأزمات من خلال رفع الأسعار على الفقراء فقط، في حين أن الثورات يجب أن يدفع ثمنها الأغنياء وهو ما لم يحدث، متوقعًا في حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن من جانب الحكومة والنظام، إندلاع ثورة ثالثة وهو ما ﻻ يرغب أحد في تكراره، داعياً السيسي إلى العمل على مقاومة الفساد& بكل الصور، لكون ذلك الأساس الذي عليه تم انتخابه من قبل الشعب المصري بالإجماع.
وقال وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ"إيلاف" إن النظام الحالي يفتقد إلى رؤية واضحة، مشيراً إلى أنه لم يحدث أي تغيير السياسات& بعد ثورة 30 يونيو.
أزمات خانقة
ولفت إلى أن مصر تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة. وأضاف أن شبكات المصالح التي نمت في عهد مبارك مازالت موجودة، وإن كان يعاد تشكيلها جزئيًا، ولكن جوهر تلك الشبكات مازال مستمرًا.
وأشار إلى أن أهم التفاف حدث حول ثورة يونيو يتمثل في وجود قبضة أمنية شديدة تمارسها الداخلية على الشعب مثلما حدث في عهد مبارك، محذراً من أن هذا الفكر لن يؤدي إلى تحسن كبير في مواجهة الإرهاب كما تعتقد الأجهزة الأمنية، وقد يكون ذلك أمرًا مؤقتًا، ولكن الشعب لن يقبل باستمراره، كما أن استمرار حبس شباب الثورة بقانون التظاهر المعيب سوف ينذر بكارثة على مستقبل النظام الحالي.
ثورة فاصلة
على النقيض تمامًا، يرى المستشار أحمد الفضالي رئيس تيار الاستقلال، أن 30 يونيو ثورة شعبية مُهمة وفاصلة في تاريخ مصر، وأنقذت البلد بصفة عامة من حكم الإخوان.
وقال لـ"إيلاف": إن أهداف الثورة التي أعلن عنها في بيان مشهد 3 يوليو تم إنجاز ثلثيها حتى الآن، مشيراً إلى أن مصر تمضي في الطريق لاستكمال آخر استحقاق من خريطة الطريق وهي الانتخابات البرلمانية.
استعادة مصر لدورها
ولفت إلى أن أبرز نجاحات الثورة هو ما يتعلق باستعادة دور مصر العربي والإقليمي والدولي خصوصًا على المستوى الأفريقي والأوربي.
وأضاف أن الرئيس السيسي يقود البلاد نحو تحقيق تقدم حقيقي في المجال الاقتصادي والاجتماعي، ويتم الآن اتخاذ خطوات عملية من أجل تحقق العدالة الاجتماعية، بما يحقق التنمية التي نادت بها الثورة.
استكمال خارطة الطريق
ويرى الدكتور شعبان عبد العليم، عضو الهيئة العليا لحزب النور، أن ثورة 30 يونيو حققت أهدافًا استراتيجية هامة، إذ تم النجاح في سن دستور حظي بموافقة الشعب، كما تم إنجاز الانتخابات الرئاسية، كما أنه تم البدء في التخطيط للانتخابات البرلمانية، وبذلك تكون خارطة طريق ثورة يونيو قد تحققت بالكامل.
وأضاف لـ"إيلاف" إن هناك ملفات مهمة حققتها ثورة يونيو، من أبرزها التأكيد على استقلالية القضاء المصري، وعدم التدخل في الأحكام الصادرة، فضلًا عن عودة الدور المصري إلى إفريقيا، وتحقيق تقدم نحو حل أزمة سد النهضة.
التعليقات