فيما يمثل العبادي أمام البرلمان العراقي اليوم لتقديم عرض عن آليات تنفيذ إصلاحاته تتجدد الاحتجاجات الشعبية في بغداد ومدن عراقية أخرى غدًا الجمعة، حيث أعلن ناشطوها الاستمرار في حراكهم ضد ما أسموها المماطلة والتسويف، التي يقوم بها البرلمان والحكومة في تنفيذ مطالب الجماهير، في مواجهة حقيقية للفساد وضرب رؤوسه الكبيرة.


لندن: خلال مؤتمر صحافي في ساحة التحرير وسط بغداد عقدته قيادات الحراك الشعبي للتذكير بانتهاء المدة الزمنية للحكومة والبرلمان التي اتفقا عليها من اجل تنفيذ الإصلاحات، فقد تقرر استمرار الاحتجاجات ضد ما اطلق عليه الناشطون تسويفًا ومماطلة في تنفيذ كامل الاصلاحات.

وأكد الناشطون في بيان خلال المؤتمر الصحافي حصلت "إيلاف" على نصه وألقاه احد منظمي التظاهرات أحمد عبد الحسين انهم "مستمرون حتى تحقيق مطالبهم المشروعة".. واشاروا الى انه قد "مرت 6 أسابيع على انطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية في بغداد والمحافظات من دون استجابة حقيقية لمطالب المتظاهرين المشروعة في إصلاح النظام ومحاسبة الفاسدين وتقديم الخدمات".

واضافوا انه تلبية للأصوات التي تعالت مطالبة نشطاء "ساحة التحرير" بإفراز إدارة منهم تتولى تنظيم الاحتجاجات وتمثيل المحتجين وتتحدث باسمهم، فقد اجتمعت نخبة تمثل شريحة واسعة من المجاميع المعروفة بنشاطها الدؤوب منذ تظاهرات شباط (فبراير) عام 2011 وإلى الآن إضافة إلى مثقفين وممثلين عن منظمات مدنية، وتوصلوا إلى اختيار إدارة يعلن عن أسماء شخوصها لاحقا.

وقالوا انهم إذ يعلنون عن هذه الإدارة فإنهم يحيّون مرجعية المرجع الشيعي علي السيستاني في النجف "على موقفها المساند لمطالبنا العادلة، وهي تختار الدولة المدنية وتتسامى عن كل الولاءات والانتماءات لمصلحة الانتماء إلى الوطن في حربها ضد الفساد".

ونوه المحتجون بأنه مع انطلاق الاحتجاجات قدم رئيسا مجلسي الوزراء حيدر العبادي والنواب سليم الجبوري ورقتين إصلاحيتين قبل شهر من الآن، جرى التصويت عليهما في البرلمان، ورغم أنهما لم ترتقيا إلى مستوى المطالب الشعبية الواضحة، إلا أنه جرى الترحيب بهما، وعُدتا خطوة أولية يمكن التأسيس عليها لإصلاحات جذرية وشاملة "غير أننا تلمسنا للأسف مع انقضاء مدة الشهر المحددة في الورقتين الإصلاحيتين؛ محاولات للتسويف والمماطلة بشأن تنفيذ الإجراءات الواردة فيهما ومساعي للالتفاف على المطالب من قبل القوى السياسية المتنفذة ومجلسي الوزراء والنواب".

وشدد المحتجون على وقوفهم الحازم "في وجه هذه المحاولات والمساعي التي تتحرك بالضد من إرادة أبناء شعبنا التي هي إرادتنا، بالأشكال الاحتجاجية السلمية التي نراها مناسبة وتنسجم مع روح الدستور".. واكدوا إصرارهم على مطلب المسير في طريق الإصلاح حتى النهاية، وضرورة البدء بإصلاح السلطة القضائية "لأن أي عملية إصلاح لا تبدأ منها، ستكون بمثابة تكريس للفساد وتعميق لجذوره" كما اشاروا. وفي ختام مؤتمرهم الصحافي اكد المحتجون "نقولها صرخة حق: مستمرون بالتظاهرات والحراك الاحتجاج السلمي إلى حين تحقيق كامل مطالبنا المعلنة".

العبادي أمام البرلمان والاحتجاجات تتجدد غدًا

ومن المنتظر ان يمثل العبادي امام البرلمان في وقت لاحق اليوم لشرح اهداف الاصلاحات التي يقودها والخطوات اللاحقة لها وآليات تنفيذها.. كما سيؤكد الاصرار على المضي فيها ومواجهة من يقفون بوجهها في محاولة لإفشالها.

كما ستتجدد تظاهرات الاحتجاج في العاصمة العراقية ومدن اخرى في الوسط والجنوب غدا الجمعة للاسبوع السابع على التوالي للمطالبة بإجراءات حقيقية لمكافحة الفساد وتوفير الخدمات الاساسية، داعية الى تحديد سقف زمني محدد لانجاز الاصلاحات السياسية والادارية التي تنفذها الحكومة.

وانطلقت في ساحة التحرير في وسط بغداد ومراكز المحافظات العراقية الوسطى والجنوبية الجمعة الماضي تظاهرات احتجاج ضخمة بمشاركة الالاف من المواطنين رافعين الاعلام العراقية وشعارات تندد بالفساد وبالمسؤولين الفاسدين، ومؤكدة ضرورة ملاحقتهم ومحاسبتهم، وارغامهم على إرجاع اموال الشعب التي نهبوها خلال السنوات العشر الماضية.

وشدد المحتجون على العبادي بضرورة اعلان توقيتات زمنية محددة لتنفيذ الاصلاحات التي يقوم بها منذ التاسع من الشهر الماضي، والعمل على اصلاح الجهاز القضائي وتنقيته من الفاسدين.. وطالبوا بتحسين واقع الخدمات في عموم البلاد. وجددوا مطالبتهم بتطهير القضاء وتخليصه من العناصر الفاسدة، واقالة رئيسه مدحت المحمود وزج السياسيين المتورطين في عمليات الفساد في السجون ومحاكمتهم من قبل قضاة نزيهين، وكذلك تطهير سائر مؤسسات الدولة من العناصر الفاسدة واقامة دولة مدنية تعتمد على الكفاءات والخبرات في قيادتها وتضمن ابعاد البلد عن التجاذبات الطائفية.

وامس الاربعاء ، وضمن حزم الاصلاحات التي دأب العبادي على اعلانها منذ التاسع من الشهر الماضي، فقد قرر اليوم اعفاء 123 وكيل وزارة ومديرا عاما من مناصبهم واحالتهم على التقاعد.

وقال المكتب الاعلامي للعبادي الاربعاء انه تنفيذاً لحزمة الاصلاحات وللمضي باجراءات الترشيق بما يرفع من كفاءة اداء مؤسسات الدولة، فقد قرر السيد رئيس مجلس الوزراء اعفاء مائة وثلاثة وعشرين وكيل وزارة ومديراً عاماً واحالتهم على التقاعد، على ان يكيف وضعهم الاداري حسب القانون وفق تعليمات تصدرها الامانة العامة لمجلس الوزراء.

من جانبها وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء امس الوزارات والمحافظات والجهات الحكومية كافة العمل بقرار مجلس الوزراء بشأن تخفيض الرواتب والرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والوزراء الوكلاء ومن بدرجتهم والمستشارين والمديرين العامين ومن بدرجتهم، مؤكدة تطبيقه بدءا من الاول من الشهر الحالي ايلول (سبتمبر).
&&
وكان العبادي شكل في العشرين من الشهر الماضي لجنة عليا لإلغاء الفوارق في الرواتب من خلال اصلاح نظام الرواتب والمخصصات، فيما قرر تخفيض الحد الاعلى للرواتب التقاعدية للمسؤولين.

يذكر انه ضمن حملة الاصلاحات التي اعلنها العبادي أخيرا فقد قرر في اواخر الشهر الماضي تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلا من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعا فقط. وكانت الحكومة اقرت في التاسع من الشهر الماضي حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة ووافق عليها البرلمان بعد يومين، مرفقا اياها بحزمة اصلاحات اضافية مكملة.

اتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين. وتلقى هذه المطالب دعما مهما من المرجعية الشيعية العليا بدعوتها للعبادي ليكون اكثر جرأة وشجاعة ضد الفساد.