أبدى 80 بالمائة من قراء "إيلاف" ممّن شاركوا في الاستفتاء الأسبوعي، ترحيبهم بالسوريين الهاربين من جحيم نظام بشار الأسد والتنظيمات الإسلامية المتشددة في بيوتهم.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تتقاقم أزمة اللاجئين السوريين يوماً بعد الآخر، لاسيما مع إصرار المجتمع الدولي على حماية الدكتاتور السوري بشار الأسد.

وتصاعدت الأزمة بشكل حاد مؤخراً، مع استمرار تدفق اللاجئين على الشواطئ الأوروبية، ووقوع ضحايا منهم غرقى، وكان لصورة الطفل آلان، الذي ألقت به الأمواج على الشواطئ التركية تأثير مزلزل على الشعوب دولياً، وشعر بعض الحكومات في أوروبا وأميركا بالذنب حيال الأزمة، وبدأ تحت تأثير ضغوط شعوبه استقبال بعض اللاجئين.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه حكومات وشخصيات غربية بارزة استقبال لاجئين في منازل مملوكة لهم، أبدى قراء "إيلاف" ترحيبهم بالسوريين الهاربين من جحيم نظام بشار الأسد والتنظيمات الإسلامية المتشددة.

ووفقاً لنتائج الاستفتاء الاسبوعي لـ"إيلاف"، فإن 5791 شاركوا في الاجابة على السؤال الذي طرحته الجريدة الإلكترونية على قرائها: "هل أنت مستعد لاستقبال لاجئين سوريين في منزلك؟

وأبدى 4546 قارئاً، بنسبة 78%، استعداده لاستضافة لاجئين سوريين في بيته، بينما رفض 1245 قارئاً بنسبة 22% أن يأوي أيًّا من الهاربين من جحيم الحرب في بلدانهم.

أزمة اللاجئين السوريين معقدة للغاية، بسبب ارتباطها بتوازنات وقوى إقليمية ودولية، بالإضافة إلى ارتباطها بأمن إسرائيل، وتخشى الدول الغربية من أن يؤدي سقوط نظام بشار الأسد إلى سيطرة التنظيمات الإسلامية المسلحة على الأوضاع هناك.

وقال الدكتور سامح عباس، الخبير السياسي لـ"إيلاف" إن الأزمة السورية معقدة للغاية، ويبدو أنها سوف تطول، لاسيما مع دخول روسيا على الخط بشكل مباشر، وإرسال قواتها إلى سوريا، بالإضافة إلى التدخل المباشر من إيران وميليشيات حزب الله، مع الأخذ في الاعتبار أن التنظيمات الإسلامية المسلحة ومنها "داعش" و"جبهة النصرة"، صارت جزءا من الأزمة، وساهمت في تعقيدها بشكل واضح، وبالتالي صارت جزءاً من الحل أيضاً، على حد قوله.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي ليس لديه أية نوايا حقيقية لحل الأزمة أو اسقاط نظام بشار الأسد، مشيراً إلى أن الغرب يعاني فوبيا "داعش"، ويعاني أيضاً قلقًا على أمن اسرائيل، وبالتالي فهو يفضل استمرار الصراع وتهميش دور التنظيمات الإسلامية المسلحة مع ضمان أمن إسرائيل على أن يتم حل الأزمة بشكل جذري.

ويتوقع عباس استمرار أزمة اللاجئين وتفاقمها، ونبه إلى أن استقبال أوروبا 120 ألف لاجئ سوري لن يحل الأزمة، معتبراً أن هذا الرقم ضئيل جداً مقارنة بأعداد اللاجئين الفارين، بينما يستضيف لبنان ملايين السوريين، وكذلك الأردن، ومصر وتركيا والعراق، وهي دول ذات موارد محدودة.

إلى ذلك، يرى المعارض السوري معتز شقلب، أن الشعوب العربية لم تقصّر في استقبال اللاجئين السوريين.

وقال ل"إيلاف" إن استضافة السوريين الفارين من جحيم نظام بشار الأسد، يعتبر حلاً موقتاً وجزئياً للأزمة، وأوضح أن الحل الأفضل هو اقامة منطقة عازلة وآمنة في سوريا، تقي السوريين من الضربات الجوية للنظام وتحميهم من البراميل المتفجرة.

ونبه إلى أن السوريين بحاجة إلى حل جذري للأزمة، وأن يتم التدخل من أجل أن يعيشوا في بلدهم من دون دمار أو حروب، وأن يعيدوا بناءه من جديد على أسس ديمقراطية.

واتهم المجتمع الدولي بعدم الرغبة في مساعدة السوريين، بسبب فوبيا "داعش"، والخوف من سيطرة المتشددين على سوريا بعد الأسد أو سيطرتها على المنطقة العازلة في حالة تنفيذها.

وأعلنت شخصيات غربية بارزة استعدادها لضيافة لاجئين سوريين في منازلها، ومن بينهم: رئيس وزراء فنلندا يوها سيبيلا، الذي عرض منزله الخاص لاستضافة طالبي اللجوء، داعيا الشعب الفنلندي إلى التضامن مع الباحثين عن أوطان بديلة لتلك التي دمرتها الحروب.

وقال رئيس الوزراء الفنلندي، إنه سيفتح أبواب منزله الواقع في منطقة كيمبلي في شمال البلاد، لاستضافة طالبي اللجوء بدءا من العام الجديد، مبديا أمله في أن تكون فنلندا بلدا يحتذى به.

وأبدى المغني الفرنسي الشهير شارل أزنافور استعداده لاستقبال مهاجرين في منزله. وقال أزنافور الذي ينحدر من أسرة مهاجرة هو الآخر: "علينا ألا ننسى ما قدمه المهاجرون لهذا البلد من أمثال بيكاسو وبييار وكلوران وآخرين كثر".

بعد تفاقم أزمة اللاجئين قررت الحكومات الأوروبية تحمل مسؤوليتها الأخلاقية حيالهم، وأعلنت عن نيتها استقبال 120 ألف لاجئ.

وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في تصريحات صحافية في طنجة في ختام زيارته للمغرب، انه لا يمكن لأي بلد أوروبي "أن يعفي نفسه" من استقبال "لاجئين في اطار حق اللجوء".

وقال هولاند، عشية قمة أوروبية طارئة ينبغي أن تتخذ قرارا في شأن تقاسم عبء 120 ألف لاجئ في الدول الأعضاء، إنه في ما يتعلق بتوزيع "اللاجئين في اطار حق اللجوء، فإن هذا التوزيع يجب أن تشارك فيه كل الدول الاوروبية، لا أحد يمكنه أن يعفي نفسه وإلا فإننا لم نعد ننتمي إلى مجموعة واحدة تقوم على قيم ومبادئ".

وذكر أنه "عمل مع المستشارة (الالمانية) انغيلا ميركل على أن تكون آلية (التقاسم) هذه إلزامية"، لكن بعض الدول "رفضت ذلك". وأوضح هولاند انه طلب من وزير داخليته برنار كازنوف الدفاع عن هذه الآلية خلال اجتماعه مع نظرائه الاوروبيين الثلاثاء عشية القمة.

وتابع: "آمل بقوة أن تتم تسوية هذه القضية قدر الامكان من جانب مجلس وزراء (الداخلية الاوروبيين) والا تتم احالة كل شيء على المجلس الاوروبي".

وينبغي أن تتوافق الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الاربعاء المقبل، في بروكسل على تقاسم عبء 120 ألف لاجئ بناء على اقتراح المفوضية الاوروبية للتخفيف عن إيطاليا واليونان والمجر التي تواجه تدفقاً غير مسبوق لطالبي اللجوء.