تقول غالبية قراء إيلاف إن واشنطن غير جادة في إعادة المياه إلى مجاريها الطبيعية بينها وبين دول الخليج، لأن همّها أن تعقد الاتفاق مع إيران حول ملفها النووي.
الرياض: الكثير من الدلالات السياسية حملتها قمة "كامب ديفيد"، بصدور بيانها الختامي الذي أكد التزام الطرفين الخليجي والأميركي العلاقة الإستراتيجية المتبادلة، وشدد على أن واشنطن ستستخدم القوة العسكرية للدفاع عن شركائها الخليجيين.
إلا أن 81 في المئة من قراء "إيلاف"، الذين استفتتهم في سؤالها الاسبوعي الذي شارك فيه 1789 شخصًا، رأوا أن واشنطن غير جادّة بتغيير استراتيجيتها نحو الأفضل مع حلفائها الخليجيين بعد انعقاد قمة كامب ديفيد، في حين وافق 19% فقط على أنها ستعمل على تحسين علاقاتها بدول الخليج.
إيران قاسم مشترك
تناولت القمة محاور كثيرة، ابتداءً بالملف الإيراني النووي، ومرورًا بالملف السوري والعراقي واليمني، وليس انتهاءً بملف محاربة الإرهاب، والاتفاق على تعزيز آليات مكافحته، فيما كانت إيران القاسم المشترك بين جميع هذه الملفات، وهي التي يبدو أن انعكاسات القمة على مستقبلها ونهجها في منطقة الشرق الأوسط قد يتغيّر، إما إلى مرحلة التطويع أو التعطيل، بحسب ما قال محللون.
في مقابل ذلك، ثمة اتجاه قوي في دول مجلس التعاون نحو منظومة أمن خليجي وانتهاج سياسة الاعتماد على الذات عسكريًا، وهو ما بدا واضحًا في عمليات عاصفة الحزم. كما لم يعد ثمة شك في أن الأولويات الخليجية بقيادة السعودية أخذت في التغيير، وأن مواجهة النفوذ الإيراني وبناء التحالفات الضرورية تحتل الآن متن المشهد الخليجي، وهو الأمر الذي سوف تتعاطى معه واشنطن بشكل جديد، سواء على صعيد علاقتها مع دول الخليج أو إيران.
حتى تحقيق الأمن
تقود السعودية تحالفًا عربيًا شن منذ 26 اذار (مارس) حملة جوية ضد المتمردين الحوثيين "الشيعة" في اليمن، لدعم انصار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي لجأ إلى السعودية. وأكدت المملكة مرارًا أنها لن توقف استهداف الحوثيين حتى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، بعد أن استولى الحوثيون وأنصار الرئيس المخلوع علي صالح على الحكم بانقلاب عسكري قبل خمسة أشهر تقريبًا.
وتشارك الدول الخليجية كلها، باستثناء عمان، في الحرب التي صار اسمها "إعادة الأمل"، بعد أن انطلقت تحت مسمى "عاصفة الحزم"، وتشارك دول الخليج بأساطيل جوية فقط، فيما تتولى السعودية وباقي الحلفاء العرب تأمين المياه البحرية والحدود البرية.
التزام راسخ
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد لقادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال قمة في كامب ديفيد أن التزام الولايات المتحدة امن دول الخليج "راسخ"، متعهدًا تعزيز التعاون العسكري بين الطرفين، وذلك في محاولة لطمأنة حلفائه العرب ازاء تنامي النفوذ الايراني في المنطقة.
وقال أوباما في ختام القمة التي استضافها في المنتجع الرئاسي القريب من واشنطن: "اجدد التأكيد على التزامنا الراسخ امن شركائنا في الخليج"، مشددًا على الجهوزية الأميركية للمساعدة في التصدي "لأي خطر خارجي" يتهدد سلامة اراضي الدول الخليجية الست.
يذكر أن مسؤولين خليجيين اعربوا عن رغبتهم في عقد اتفاق مشترك شبيه بمعاهدة حلف شمال الاطلسي، لكن مثل هذا المشروع الذي يتطلب الضوء الاخضر من الكونغرس لم يدرج على جدول الاعمال في واشنطن.
على المحك
وكان أهم ما جاء في هذا الموضوع بالذات من مسؤول عسكري خليجي في هذا الصدد ما ذكره اللواء حمد بن علي العطية، وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، أن العلاقة الاستراتيجية الخليجية - الأميركية كانت على المحك قبيل قمة كامب ديفيد الأخيرة.
وأكد العطية في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" أنه كان لزامًا على الولايات المتحدة أن توضح موقفها تجاه المتغيرات في المنطقة، "وأن تقدم لحلفائها من دول الخليج العربي التطمينات إلى أن علاقتها الاستراتيجية بدول الخليج العربي لم ولن تتغير، وأن تؤكد لدول العالم أهمية أمن واستقرار دول الخليج العربي، وبدا واضحًا من خلال القمة مدى ترابط وتلاحم دول الخليج، فقادة مجلس التعاون أرسلوا رسالة واضحة تقول بعدم تقبل دول الخليج العربي كافة، بتدخل الدول غير العربية في الشأن الداخلي لهذه الدول".
وقال العطية إن الولايات المتحدة أولًا ودول العالم أجمع، صار لديها معرفة بمدى تلاحم دول الخليج بعضها مع بعض، ورفضها التدخل في شوؤنها الداخلية بشكل خاص والشأن العربي بشكل عام.
التعليقات