بالرغم من تراجع بورصات الخليج خلال تعاملات بداية الاسبوع، إلا أن خبراء يرون أن الحلول متوفرة ولا تحتاج إلى الى تضافر الجهود.


الرياض: سجلت بورصات الخليج في مستهل تعاملات اليوم الاحد تراجعات حادة، في سيناريو صار مألوفا منذ التراجعات الأخيرة التي منيت بها أسعار النفط والأسواق العالمية.وتداولت اسواق دبي وابوظبي وقطر عند أدنى مستوياتها في أكثر من عامين، فيما يتداول السوق الكويتي عند أدنى مستوياته منذ 2004، وسوق مسقط عند مستويات 2009.وهوى سوق دبي المالي بأكثر من 4% خاسرا 118 نقطة، وتراجع سوق قطر بنسبة 4.2% متخليا عن 381 نقطة، وتراجع سوق العاصمة ابوظبي 3%.

وفي الكويت هبط المؤشر العام قرابة الـ 2% خاسرا 114.3 نقطة بالغا 5151.64 نقطة، وتراجعت اسواق مسقط والبحرين بنسبة 0.7% و0.1% لكلا منهما على التوالي.ولا يستبعد محللون استمرار التراجع في الأسواق الخليجية في ظل تفاقم خسائر الأسواق العالمية وتهاوي أسعار النفط.ووصلت عقود برنت بنهاية الأسبوع الماضي إلى 28.94 دولار، وبلغ الخام الأميركي مستوى 29.42 دولار، وتزامن ذلك مع رفع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، العقوبات الدولية المفروضة على إيران، بموجب اتفاق نووي جرى التوصل إليه العام الماضي.

ومنذ بداية عام 2016 تراجعت الأسهم العالمية إلى مستويات متدنية وفقدت 3.2 تريليون دولار أميركي منها 1.77 تريليون دولار خسائر للأسهم الأميركية فقط.

إلى أين؟
ينظر المستثمرون والحكومات بريبة إلى التراجع المستمر في أسعار النفط كما في الأوراق المالية.

ولا يستبعد الخبير المالي السعودي محمود حمَاد لـ"إيلاف” استمرار “هبوط مؤشر سوق الأسهم السعودية الى حين الإعلان عن النتائج المالية النهائية للشركات في ربعها السنوي الأخير، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تعميق موجة هبوط المؤشر، لاسيما مع استمرار تأثيرات انخفاض قيمة العملة الصينية، وعزوف كثير من المستثمرين المضاربة في الأسواق العالمية للأسهم.

يضيف: "لا أريد أن أكون سلبيا، لكن ربما يصل مؤشر سوق الأسهم إلى حاجز 5600 نقطة مع نهاية الأسبوع الجاري".

وبخصوص التدابير التي يمكن أن تحد من تراجع الأسواق المالية غير زيادة بفعل طلبات التغطية لعمليات الشراء بالهامش، يقدم حماد مقترحات من قبيل وجوب تخفيف القيود المفروضة على الشركات التي تسعى إلى إعادة شراء أسهمها، أو وضع قواعد مرنة في شأن عمليات إقراض الأسهم، التي ترتـبط في العادة بالبيع على المكشوف من جانب المضاربين الذين يسعون لتحقيق ربح من انخفاض الأسعار.

تفاؤل بالمستقبل
وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي اليوم الأحد إن استعادة الاستقرار بسوق النفط العالمية سيستغرق "بعض الوقت" لكنه مازال متفائلا بالمستقبل.

وقال الوزير في كلمة ألقاها خلال مؤتمر في الرياض حضره الرئيس المكسيكي ووزير طاقته، إن سوق النفط شهدت خلال تاريخها الطويل فترات من عدم الاستقرار والتقلبات الحادة للأسعار والدورات الاقتصادية النفطية.
أضاف أن الوقت الراهن أحد هذه الفترات وأن قوى السوق والتعاون بين الدول المنتجة دائما ما يؤديان إلى استعادة الاستقرار الذي قد يستغرق بعض الوقت.

وقال النعيمي إنه متفائل بالمستقبل والعودة لاستقرار أسواق النفط العالمية وتحسن الأسعار والتعاون بين كبرى الدول المنتجة.تأتي تصريحات النعيمي في الوقت الذي تستعد فيه إيران عضو منظمة أوبك لرفع صادراتها النفطية بعد رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها أمس السبت.

ويتساءل المعنيون عن مصير ومآل وتداعيات هذا التراجع في المستقبل القريب.

أرامكو تضخ دماء جديدة
يتفاءل كثيرون بتغير لون المؤشر السعودي إذا أدرجت أرامكو ضمن الاكتتاب، ومن شأن ذلك أن يضخ دماء جديدة في شرايين سوق المال والأعمال، الأمر الذي يصب بشكل مباشر في صالح الاقتصاد السعودي.يقول حماد: "من المتوقع أن يجذب هذا الاكتتاب مستثمرين سعوديين وخليجيين وأجانب، وهذا قطعا سيكون له مردود إيجابي على سوق الأسهم وبمثابة إنعاش، لكن هل سيتغير لون المؤشر، في رأي المسالة ستأخذ وقتا".

الاقتصاد السعودي سيتأثر
هذه التقلبات لن تمرّ بالضرورة مرور الكرام على الاقتصاد السعودي وموازنة العام الجديد.

ويرى حمَاد أنّ المواطن السعودي سيكون أول المتضررين لانه سيفقد أمواله جراء انهيار سوق الأسهم. يضيف حماد ان النظام المالي ايضا معرض للوقوع في اضرار، موضحًا انه بالرغم من أن الهبوط لن يؤثر بشكل مباشر على البنوك والنظام المالي، إلا ان تداعيات انهيار سوق الأسهم تنعكس في مستوى التقييم الدولي للقطاع المصرفي السعودي. ولفت حماد إلى أن شركات الائتمان ستقدم تقييما للمخاطر المحدقة بالنظام المصرفي السعودي، ومنها مثلا ارتفاع نسبة الديون، أو نقص الودائع البنكية التي ستؤثر سلبا في نسبة الملاءة لديها، وبالتالي زعزعة الثقة العالمية في الاقتصاد السعودي من خلال سوق الأسهم، ومن ثم نزع ثقة المستثمرين والمودعين في النظام المصرفي وبالتالي خروج& السيولة من السوق، على حدّ تعبيره.

هاوية أسهم
يتفق محللون اقتصاديون على أنه في ظل استمرار تراجع النفط، وخصوصًا مع دخول النفط الإيراني إلى الأسواق، فإن البورصات العالمية معرضة لمزيد من التراجع من اليوم ولغاية نهاية تداولات كانون الثاني (يناير) الجاري.
هذه النظرة القاتمة تعزز المخاوف من أن يكون الاقتصاد اليوم واقفًا على مشارف هاوية أسهم كالتي وقعت في السعودية في العام 2008.

إلا أن حماد يبدد تلك المخاوف مذكرًا بالتحديات الكبيرة التي واجهت الاقتصاد السعودي في الماضي، حيث سجل النفط مستويات قريبة من مستوياته الحالية. الا أنه بالرغم من وجود ديون في حينها، ناهيك عن الاعتماد شبه الكامل على العائدات النفطية، إلا أن ذلك كله لم يمنع السعودية من تحقيق نمو جيد.
تلاقيا لهاوية الأسهم التي عاشتها السعودية في العام ٢٠٠٨، يدعو حماد إلى تضافر الجهود من خلال دعم سوق الأسهم، والتعاون التام بين أطرافه المختلفة، بدءا بالصناع وكبار المضاربين والمستثمرين والمتداولين، وهيئة السوق المالية. يوضح قائلا: “لم& يعد الأمر يحتمل التصادم”.

البتروكيماويات المنقذ
يتوسم حماد خيرا في قطاع البتروكيماويات كونه القطاع المهيأ والكفيل بتعويض الخسائر، إذا ما تم تقليل الإنفاق العسكري، وارتفاع أسعار النفط، إذ سيساهم هذا في انتعاش الحركة الاقتصادية للريال السعودي، وعودة الإنفاق التنموي بمستوياته السابقة، مما يساهم في ارتفاع المؤشر مرة أخرى.

ولا يستبعد تأثير ودور قطاعات قطاعات أخرى تبدو مرشحة لان تحدث تأثيرا مرحليا مثل قطاعات الأغذية والدواء والصحة والصناعات الداخلية، لاسيما أنها قطاعات لا علاقة لها مباشرة بأسعار النفط.