إيلاف من بيروت: في حوار خاص بـ"إيلاف"، أقر النائب اللبناني فادي كرم أن عملية تأليف الحكومة اللبنانية تشهد مشادات وتنافسًا على بعض المراكز الاساسية. لكن كرم، الذي يمثل حزب "القوات اللبنانية" في البرلمان اللبناني، أوضح أن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري يضبطان الوضع جيدًا، رافضًا أي فيتو يضعه حزب الله على استلام "القوات" بعض الحقائب في الحكومة الجديدة التي ستبصر النور قريبًا.
وشدد كرم من جهة أخرى على علاقة لبنان الجيدة بدول الخليج العربي، وخصوصًا السعودية الحريصة دائمًا على دعم الدولة اللبنانية، ونبّه إلى أن ثمة توازنات أساسية في لبنان تمنع إيران من أن تدير هذا البلد بشكل مباشر أو غير مباشر.
في ما يأتي نص الحوار:&
يواجه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تعقيدات كثيرة في مسار تأليف الحكومة، في مقدمها ما يحكى عن فيتو لحزب الله على توزير "القوات" في الحقائب السيادية. ما معلوماتك في هذا الشأن؟
فعليًا، عملية التأليف ليست معقدة. المسار الذي تمر به جد طبيعي، فالتحولات الكبيرة التي حصلت في السياسة اللبنانية أخيرًا، والتركيبة الرئاسية ورئاسة الحكومة، عوامل أنتجت تحالفات جديدة وعلاقة جيدة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، ونستطيع القول إن هذه القوى بدأت بإعادة بناء سلطة كانت مشلولة لسنوات، ويبدو ان هذا لا يريح عددًا من الافرقاء السياسيين الذين راهنوا على استمرار الشلل أو على تحالفات أخرى. من هذا المنطلق، من الطبيعي أن تشهد تركيبة الحكومة هذه المشادات وهذا التنافس على بعض المراكز الاساسية في الحكومة، نحن نعتبر أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يضبطان الأمور، ومن يراهن على ضرب هذا التفاهم لن ينجح، كما نعتبر أن ليس هناك من عراقيل أساسية، لكن طبعًا لم تنتهِ كل التفاهمات على الحقائب وعلى المشاركة.
الفيتو على الحقيبة
هل طبيعي أن يضع حزب الله فيتو على توزير "القوات"؟
يجب أن نتأكد أولًا اذا كان هناك من فيتو فعليًا، لأن الإعلام وبعض المتضررين يسوقون لمسألة الفيتو، لكن هذا الموضوع لا يزال غير واضح إنما هناك آراء قدمها جميع الافرقاء الاساسيين، يدرسها الرئيس المكلف كي يتوصل إلى تفاهم معهم على تركيبة الحكومة، وحتى لو كان هناك من فيتو، نعتبر أن منطق الفيتوات سيسقط ولن يبصر النور، ولا يستطيع احد أن يفرض أي فيتو على القوات اللبنانية، خصوصًا في ظل هذه التركيبة التي هي من الأساسيين فيها، فمن الطبيعي أن تكون نظرة حزب الله إلى القوات اللبنانية بعيدة جدًا عن "القوات"، ولا يوجد حتى مجرد علاقة بيننا، لذلك ربما لن يكون الحزب مرتاحًا لوجودنا في بعض الحقائب، لكن نعتبر أن رئيس الحمهورية قادر على تذليل هذه المشكلة، نظرًا إلى علاقته الجيدة مع حزب الله وبتحالفه الجديد مع القوات اللبنانية.
هل تجزم أن هناك حقيبة سيادية ستأخذها "القوات"؟
لم تضع القوات اللبنانية شروطًا في الأساس، لكنها أعطت رؤية وتصورًا لنجاح الحكومة ونجاح انطلاق هذا العهد، ومن هذا المنطلق رأت انها مسؤولة عن هذه الانطلاقة الجدية والناجحة للعهد، كما هي مسؤولة عن نجاح الرئيس المكلف الذي هو حليفها، لذلك من الضروري أن تشارك بشكل فعال وجدي في كل الحقائب الأساسية كي تتحمل هذه المسؤولية مع رئيسي الجمهورية والحكومة.
ظهر أخيرًا نزاع علني بين الكتائب والقوات اللبنانية على خلفية ما تعتبره الكتائب محاولات من القوات لاقصائها عن التمثل في الحكومة. هل من نار تحت الرماد في العلاقة بين الحزبين؟
ليُسأل الشيخ سامي الجميل عن سبب توجيه اتهاماته إلى القوات اللبنانية. بالنسبة إلينا، لا إشكال مع الكتائب. ما نرفضه هو أن يضع احد فيتو علينا، وكذلك لا نقبل على انفسنا أن نضع فيتو على أحد، فكل حزب هو حرّ أن يتخذ الموقف الذي يناسبه حيال العهد الجديد ولاول حكومة في هذا العهد، وطريقته بالمشاركة أو المعارضة، للاسف نحن تعرضنا لاتهام معين من قبل الشيخ سامي الجميل، وكان هناك رد من قبلنا وقد يحدث بعض التباينات في بعض الاوقات، لكن نترك للزمن أن يحل هذه المسائل، ويفترض أن لا نرى مستقبلًا اتهامات باطلة للقوات، كي تعود العلاقة إلى طبيعتها، وبالتالي يجب أن لا تستمر هذه العلاقة السيئة بيننا بهذه الطريقة.
هبة المليارات
متى تتوقع أن تبصر الحكومة النور، قبل عيد الاستقلال؟
كل شيء وارد. اللبنانيون تعودوا ومعهم الافرقاء اللبنانيون الأساسيون أن يلاقوا حلولًا لمشكلاتهم، وأي عرقلة أو تأخير سيكون على حسابهم وليس على حساب أحد آخر، من هنا لدينا ثقة عالية انه ستكون هناك تركيبة حكومة ليست متأخرة كثيرًا، لكن لا اريد تحديد الوقت.
إلى أي مدى تعتقد أن عون يستطيع أن يحرر نفسه من التزاماته مع حزب الله، كي ينطلق في علاقات طبيعية وسليمة مع الدول العربية والخليجية، بعدما قيل عن تلقيه بالامس القريب دعوة لزيارة السعودية، حملها القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري؟ ألا يزعج هذا الأمر حزب الله؟
علاقة لبنان بالدول العربية جيدة ويحب أن تبقى هكذا وخصوصًا مع دول الخليج التي كانت داعمة دائمًا للدولة اللبنانية وللاقتصاد اللبناني وللخزينة اللبنانية. من هنا، على رئيس جمهورية لبنان أن يكون على أفضل علاقة بدول الخليج، لكن ليس المطلوب منه في الوقت عينه أن يغيّر علاقته بحلفائه ومنهم حزب الله. ليس شرطًا أن يتحرر من تفاهماته مع الحزب كي يستطيع أن يكون على علاقة جيدة بدول الخليج، لا بل بالعكس ربما صداقته وتفاهماته هذه ووضوحه في العلاقة بدول الخليج قد تنتج تفاهمات أوسع تصب في صالح الدولة اللبنانية والشعب اللبناني.&
هل نشهد انفراجًا واسعًا في العلاقات اللبنانية السعودية بحيث يفرج عن هبة المليارات للجيش اللبناني؟
لا شك في أن العلاقة بين لبنان والسعودية ستكون جيدة وستتحسن، ولا نعتبر أن العلاقة كانت في وضع سيئ. حدث بعض الأمور سابقًا لها علاقة بحسابات المملكة اقليميًا، وهذه الأمور ستذلل لأن المملكة حريصة جدًا على استمرار الدولة اللبنانية وعلى دعمها، فحتمًا ستكون العلاقة جيدة.
كيف تنظرون إلى الدور الايراني في لبنان حاليًا بعد زيارة وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف منذ ايام الرئيس ميشال عون للتهنئة فحسب، أم ثمة أمور أخرى وراء الكواليس؟
- لن أحلل زيارة ظريف من منطلق معلومات، لكن سأحللها من منطلق أن السياسة الايرانية في المنطقة توسعية، وسياسة تدخل في شؤون وسيادات الدول العربية، ونعاني ما نعانيه في لبنان جراء هذه السياسة، حضور مسؤول سياسي ايراني إلى لبنان لتهنئة رئيس الجمهورية اللبنانية مسألة طبيعية، ولكن على ايران أن تدرك انها لا تستطيع أن تدير لبنان لا مباشرة ولا بشكل غير مباشر، هناك توازنات في لبنان اساسية، واي محاولة من أي فريق للسيطرة على القرار اللبناني يعني انه يلغي الافرقاء الآخرين، وهذه المحاولة ستكلف الشعب اللبناني الكثير وستفشل في النهاية.
العهود الجديدة
كيف تنظر إلى مستقبل الصراع في سوريا في ظل هذا التدخل الروسي المتمادي. هل نحن امام صيغ تقسيمية حتمية؟
الوضع في سوريا استنزافي. لم نشهد حتى الآن محاولة جدية لحلول سياسية فعلية للوضع. ما يحدث أن هناك محاولات لفرض حلول سياسية على الشعب السوري من خلال المدفع والطائرة، وهذه مسألة خطيرة جدًا، وحتى لو انتهت معركة حلب لصالح فريق أو آخر، فهذا لا يعني ابدًا أن الحرب انتهت في سوريا، وطالما العقل الذي يدير المعركة، هو عقل عسكري وقهري ومجرم، فهذا يعني أن المعركة في سوريا مستمرة، ودمار سوريا مستمر، واستنزاف الشعب السوري مستمر، والنزوح مستمر، والطريقة الوحيدة هي أن ننظر إلى الأساس الذي اوصل سوريا إلى هذه المرحلة، فمن المعروف أن هناك نظامًا قمعيًا يترأسه رجل قمعي، قمع شعبه عشرات السنين، ما ادى إلى انفجار الوضع. الحلول تبدأ من هناك، ولا تنتج من المعارك والطائرات والقصف.
العالم يشهد انقلابًا بانتخاب دونالد ترامب رئيسًا لأميركا. هل تعتقد أن ترامب يستطيع أن يستمر في مواقفه المتشددة التي كان يعلنها؟ وهل يتغير الموقف تجاه حزب الله؟
من المبكر أن نحكم على طريقة حكم الرئيس الاميركي الجديد. بالطبع ستحدث تغييرات، لكن لا نعرف إن كانت ستكون إيجابية أو سلبية بالنسبة إلى المنطقة. علينا أن ننتظر اشهرًا كي نرى الاسلوب الذي سيتعاطى فيه مع الملفات الدولية، خصوصًا ملفات المنطقة. بالنسبة إلى العلاقة مع حزب الله، فهي لا تتعلق بنظرة الرئيس الاميركي فقط، بل تتعلق بنظرة النظام الاميركي كله إلى دور حزب الله في المنطقة، وهو ما لا اعتقد أنه سيتغيّر. علينا أن نتنبه لأنفسنا ولمصلحتنا في لبنان. نحرص على القطاع المصرفي لدينا، وان نحيد بلدنا عن المعارك الاقليمية، وهذا موجه تمامًا إلى حزب الله، لانه هو الذي يخوض معارك اقليمية.
هل نشهد كلبنانيين انفراجات وتخف الضغوط علينا من المصارف الدولية مع العهد الجديد؟
مع انطلاق عجلة الدولة اللبنانية مجددًا وانهاء الشغور الرئاسي والشروع في تشكيل الحكومة، ستظهر انفراجات اقتصادية، وهذه المسألة ستكون تراكمية فنشهد تحسنًا اقتصاديًا تدريجيًا. انا متفائل... إذا تألفت الحكومة بالطريقة التي نتمناها، والتي لا يكون عامل التعطيل في قلبها، فهذا يعني أن الملفات اللبنانية، الاقتصادية والاجتماعية، ستشهد حلولًا.
يتردد على المستوى العام أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دعم عون للرئاسة كي يرثه في المستقبل. بماذا تعلق على مثل هذا الكلام؟
هذا الكلام دون مستوى التسوية التي تمت، ومن يحاول تسويقه يحاول أن يحط من قدر التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ومبادرة الدكتور سمير جعجع بدعم ترشيح عون لإنهاء الشغور الرئاسي، والنجاح بها مع تيار المستقبل، إنها محاولة رخيصة لضرب هذا التفاهم بين هؤلاء الاطراف السياسية الثلاثة الكبار.&
هل يمكن أن نشهد اتفاقًا بين القوات وحزب الله مماثلًا لاتفاق القوات والتيار الوطني الحر؟
ليس هناك من ممنوع بالنسبة إلى القوات اللبنانية داخليًا. فهي منفتحة دائمًا على الحلول مع كل الافرقاء السياسيين اللبنانيين، وتعتبر أن أفضل حل للبنان هو أن يتفاهم اللبنانيون بين بعضهم البعض، لكن القوات تدخل في تفاهم مع فريق ما، بناء على الشروط، ومن هذا المنطلق دخلنا اليوم مع التيار الوطني الحر ولم ندخل سابقًا. الظروف تغيّرت والشروط تغيّرت ما سمح باقامة هذا التفاهم، وإن شاء الله، لعل حزب الله يبتعد عن استراتيجيته الاقليمية المرتبطة بالمفهوم الاستراتيجي للنظام الايراني. فحينها تكون هناك تفاهمات بيننا.
التعليقات