بيروت: تحولت سياسة الحصار خلال نحو خمس سنوات من النزاع السوري الى سلاح حرب رئيسي تستخدمه قوات النظام بشكل أساسي، وكذلك الفصائل المقاتلة وتنظيم داعش، وإن بتأثير أقل.

ويشكل رفع الحصار عن مناطق عدة تطوقها قوات النظام وتسجل فيها وفيات بسبب الجوع ونقص الدواء، مطلبا اساسيا للمعارضة السورية في مفاوضات جنيف المتعثرة، فيما يضغط المجتمع الدولي لرفع الحصار.

ما هي أبرز المناطق المحاصرة في سوريا وما هي الجهات التي تحاصرها؟

كم هو عدد السكان المحاصرين في سوريا؟

يعيش 486,700 شخص في سوريا تحت الحصار، اكثر من نصفهم محاصرون من قوات النظام، من اجمالي 4,6 ملايين شخص يعيشون في مناطق "يصعب الوصول" اليها، وفق ما اعلن مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة الشهر الماضي.

ما هي ابرز المناطق المحاصرة؟

المناطق المحاصرة من قوات النظام

تحاصر قوات النظام بشكل رئيسي المناطق الموجودة في محيط دمشق منذ العام 2013، وابرزها مدن وبلدات دوما وعربين وزملكا في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام في الغوطة الغربية. وتسيطر فصائل مقاتلة بينها اسلامية على هذه المدن كافة.

وتشكل مدينتا الزبداني ومضايا في ريف دمشق ابرز المناطق المحاصرة من قبل قوات النظام، واستدعى ذلك تنديدا دوليا على مستويات عدة اثر الاعلان عن وفاة العشرات جوعا في مضايا تحديدا.

وتتهم الفصائل المقاتلة قوات النظام باللجوء الى سياسة الحصار لتجويع واخضاع المناطق الخارجة عن سيطرتها، في محاولة لدفع مقاتليها الى تسليم سلاحهم. وساهمت الهدن التي تم التوصل اليها بين قوات النظام والفصائل في بعض المناطق الى تخفيف الحصار.

وتحاصر قوات النظام على سبيل المثال مدينة معضمية الشام منذ مطلع العام 2013 قبل ان يتم التوصل الى هدنة بعد نحو عام، ما سمح بتحسن الظروف الانسانية والمعيشية فيها. لكن الامم المتحدة اعادت تصنيف المدينة بـ"المحاصرة" الشهر الماضي بعد تشديد قوات النظام للحصار ورصدها وفاة ثمانية اشخاص جراء النقص في الرعاية الطبية.

المناطق المحاصرة من تنظيم داعش

يحاصر تنظيم داعش مدينة دير الزور، مركز المحافظة النفطية الواقعة في شرق البلاد منذ كانون الثاني/يناير 2015 والتي يسيطر على اجزاء منها. ويعيش اكثر من مئتي الف شخص في المدينة التي يسعى النظام للسيطرة عليها بشكل كامل الى جانب مطار عسكري ملاصق لها ليستكمل بذلك سيطرته على كامل المحافظة.

وتعيش الاحياء تحت سيطرة قوات النظام في المدينة ظروفا انسانية صعبة جراء حصار الجهاديين المشدد لكن يتم ادخال مساعدات ومواد غذائية اليها عن طريق المهربين او جوا من خلال المروحيات التابعة لقوات النظام ومؤخرا عبر طائرات شحن روسية.

المناطق المحاصرة من الفصائل

تعتمد الفصائل المقاتلة والاسلامية سياسة الحصار بشكل رئيسي ضد اربع بلدات شيعية، هي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي (شمال) والفوعة وكفريا في محافظة ادلب (شمال غرب).

وشددت الفصائل المقاتلة والاسلامية وابرزها جبهة النصرة حصارها لبلدتي الفوعة وكفريا الصيف الماضي بعد سيطرتها على كامل محافظة ادلب، ردا على تضييق قوات النظام حصارها على مدينتي مضايا والزبداني.

كما تحاصر هذه الفصائل بلدتي نبل والزهراء منذ العام 2013.

وتعيش البلدات الاربع ظروفا صعبة الا ان قوات النظام تتمكن من القاء المساعدات الى السكان جوا بشكل دوري.

وتحاصر الفصائل الاسلامية وابرزها جبهة النصرة وحركة احرار الشام مدينة عفرين وريفها الواقعة تحت سيطرة الاكراد في محافظة حلب، لكن الحصار يقتصر على تقييد حركة السكان في وقت يستمر دخول المواد الغذائية والطبية الى المنطقة.

ما هي المناطق التي دخلتها المساعدات؟

تصل قوافل المساعدات بشكل غير منتظم الى عدد من المناطق المحاصرة، لكن منظمات الاغاثة الدولية تؤكد ان ذلك ليس كافيا.

ودخلت قوافل تضم عشرات الشاحنات المحملة بالطعام والادوية والبطانيات الى مضايا والفوعة وكفريا مرات عدة خلال الشهر الماضي.

لكن على الرغم من دخول هذه المساعدات، افادت منظمة "اطباء بلا حدود" بوفاة 16 شخصا جوعا في بلدة مضايا منذ منتصف كانون الثاني/يناير.

ويشكل ادخال المساعدات الى المناطق المحاصرة عملية معقدة، إذ يتم احيانا الغاء الموافقة على دخول القوافل في الدقائق الاخيرة بسبب تراجع الاطراف المعنية عن موافقتها وتجدد اندلاع المعارك.

وجراء هذه العوائق، لم تتمكن الامم المتحدة العام الماضي من اغاثة الا نحو عشرة في المئة من المدنيين الذين "يصعب الوصول اليهم" وواحد في المئة فقط من السكان المحاصرين.

واعلن مسؤول العمليات الانسانية في الامم المتحدة ستيفان اوبريان امام مجلس الامن قبل اسبوع ان "الحكومة السورية لم تستجب لنحو 75& في المئة من طلبات" الترخيص لقوافل انسانية بالدخول الى مناطق محاصرة.

ما هو موقف المجتمع الدولي؟

دعا مجلس الامن الدولي مرات عدة الى ايجاد ممر امن والسماح بإدخال المساعدات الانسانية من دون قيد او شرط. وطالب برفع كل انواع الحصار من قبل اطراف النزاع كافة، ولا سيما في قراره الاخير رقم 2254 الصادر نهاية العام 2015.

وشكل رفع الحصار عن مناطق سورية اولى البنود الخلافية في مفاوضات جنيف غير المباشرة بين وفد النظام السوري ووفد المعارضة والهادفة الى ايجاد تسوية للنزاع السوري الذي تسبب بمقتل اكثر من 260 الف شخص وبتدمير هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.