ثمة سمك بلا عينين، يسير على الأرض كالسمندل، ويتسلق الصخور مواجهًا تدفق مياه الشلالات في كهوف بتايلاند، ودراستها تجيب عن أسئلة ما زالت غامضة في تاريخ التطور البشري.


مروان شلالا: وجد باحثون من معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا في تايلاند نوعًا كهفيًا من الأسماك التي "تمشي" كما تمشي السحلية، وهو سمك thamolica Cryptotora الأعمى، ما قد يترك "انعكاسات كبرى" على فهمنا للتطور البشري. ولا يتوافر من هذا النوع أكثر من 2000 سمكة في العالم.

ثمة أنواع أخرى من الأسماك التي تستخدم زعانفها "لتسير" في قاع البحر، لكنها تتحرك بحركة تنقل بدائية. أسماك الكهف مختلفة جدًا لأنها تتسلق الصخور شديدة الانحدار التي تجري عليها مياه الشلالات بسرعة كبيرة، مستخدمة زعانفها، فتطهر كأنها السمندل في سيرها.

تظهر مقاطع فيديو هذه الحركة غير المعتادة للأسماك التي يتلوى جسمها من جنب إلى جنب، مستخدم الزعانف الأمامية والخلفية لتواجه تدفق الشلال. لغير العارفين، تبدو هذه السمكة سحلية، لكن دراسة تفصيلية مثبتة بصور مقطعية لهذه الأسماك نشرت في مجلة "نايتشور سايتنيفيك ريبورتس" رفيعة المستوى في 24 اذار (مارس) الجاري.

وفي حديثها عن هذا الاكتشاف، قالت بروك فلامانغ، من معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، إنها لم تر مخلوقًا مماثلًا طول حياتها المهنية.

أضافت: "من وجهة نظر تطورية، وهذا الاكتشاف ضخم، فهذه واحدة من أولى الأسماك التي لدينا، وتمثل نزعًا من الكائنات الحية يعمل بالطريقة التي نعتقد أن الأسماك اعتمدتها عندما تطورت من بيئة السوائل إلى بيئة الأرض، مع تحول الزعانف إلى أطراف، أي مع تطور الأطراف الأولى عند أسلافنا".

وبحسب هذه الدراسة، يمكن سمك الكهف أن يقدم لعلم الأحياء لمحة عما بدت عليه الحياة قبل نحو 400 مليون عام، أي عندما بدأ أقدم أسلاف البشر المشي على الأرض.
وبما أن الأسماك نادرة جدًا، يصعب درسها بالوسائل التقليدية، كما أن فك ألغاز التطور البشري يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة. إلى لك، غياب العيون من بعض الأنواع يدفع الباحثين إلى طرح تساؤلات عدة: "كيف تتلاقى هذه الأنواع وتنجب الأطفال؟ كيف تجد طعامها؟، وهذه الأسئلة كلها مهمة ومثيرة للاهتمام"، بحسب فلامنغ.