قامت تركيا الشهر الماضي بخطوات لإنهاء خلافاتها مع كل من اسرائيل وروسيا في اطار مساعيها للتقارب الاقليمي، الا ان القيام بجهود مماثلة تجاه مصر وسوريا سيكون اكثر صعوبة على انقرة. 

أنقرة: عمدت تركيا إلى خفض مستوى علاقاتها مع مصر، منذ اطاح الجيش المصري بالرئيس الاسبق محمد مرسي في 2013. وفي سوريا المجاورة، جعلت تركيا خروج الاسد من السلطة شرطًا مسبقًا لإنهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ اكثر من خمس سنوات، والتي ادت الى لجوء نحو 2,7 مليون سوري الى تركيا. 

الا ان تعيين بن علي يلديريم، الحليف المقرب من الرئيس رجب طيب إردوغان، رئيسًا للوزراء في مايو، اعتبر مؤشرًا الى تبني نهج اكثر تصالحية في سياسة تركيا الخارجية بعد المواقف المتشددة لسلفه احمد داود اوغلو. 

وصرح يلديريم امام اعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم هذا الاسبوع: "سنواصل زيادة صداقاتنا من خلال مراعاة مصالح منطقتنا وبلادنا". 

لا مشاكل 

وافقت تركيا الشهر الماضي على اتفاق لتطبيع علاقاتها مع اسرائيل بعد خمس سنوات من خفض تلك العلاقات بسبب اقتحام كوماندوس اسرائيلي سفينة تركية كانت متجهة الى قطاع غزة في مايو 2010. 

وانهت انقرة الازمة مع روسيا بعد ان بعث إردوغان برسالة الى نظيره الروسي فلاديمير بوتين اعرب فيها عن اسفه لإسقاط مقاتلة روسية في نوفمبر. 

وفي احدث مبادراتها الدبلوماسية، عادت تركيا الى مبدأ "لا مشاكل مع الجيران" في سياستها الخارجية، والتي تبناها إردوغان أثناء توليه رئاسة الوزراء. 

الا ان هذا النهج تدهور ليتحول الى مبدأ "العديد من المشاكل مع الجميع" بحسب وصف المحللين، وذلك بعد تبدد امال تركيا بوجود انظمة مقربة منها بعد ما سمي بـ"الربيع العربي". 

وصرح مسؤول تركي طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس: "نهجنا الدائم هو الحفاظ على علاقات جيدة مع الجميع الا اذا كان النزاع امرا لا مفر منه". 

تطبيع مع سوريا!

بعد بدء الاحتجاجات في سوريا في 2011 فتحت تركيا حوارًا مع دمشق، الا ان اردوغان اصبح لاحقًا خصمًا لدودًا لبشار الاسد بعدما كان صديقه. 

وفي تصريح لافت الاربعاء، قال يلديريم: "لقد طبعنا علاقاتنا مع اسرائيل وروسيا. وانا واثق بانها ستعود الى طبيعتها مع سوريا". 

الا انه لا يوجد اي مؤشر الى ان ذلك يؤذن بتغيير في سياسة تركيا تجاه الاسد، وبتغيير جذري في سياسة تركيا التي دعمت مقاتلي المعارضة في سوريا ولا تزال. 

ونشرت تقارير في الاسابيع الاخيرة عن احتمال ان تلين انقرة موقفها، رغم نفيها تكهنات الصحف بان الجزائر تتوسط في اجراء اتصالات بين انقرة ودمشق.

وقال ارون شتاين، من مركز رفيق الحريري للشرق الاوسط التابع لمجلس الاطلسي، إن "تليين تركيا موقفها تجاه الاسد" بدأ الصيف الماضي عندما اعلن اردوغان ان بامكان الاسد البقاء في الرئاسة لمدة ستة اشهر اثناء عملية الانتقال السياسي. 

واوضح ان "هذه السياسة تختلف عن اصرار تركيا السابق على تنحي الاسد في بداية اطار زمني يمتد ستة اشهر". 

وسابقا اصرت الحكومة التركية برئاسة احمد داود اوغلو على ان ايام الاسد اصبحت معدودة. 

ولكن ائتلاف المعارضة السورية الذي يتخذ اسطنبول مقرا قال ان انقرة طمأنته الى دعمها الكامل. 

وصرح انس العبده رئيس الائتلاف السوري المعارض "لم يحدث اي تغير او تحول في سياستهم تجاه النظام السوري، او سياستهم تجاه الشعب السوري او الثورة". 

وساطة سعودية

يقول مراقبون إن جهودًا دبلوماسية سرية، مثل تلك التي تمت مع اسرائيل، ربما تبدأ لرأب الصدع بين انقرة والقاهرة، رغم ان اردوغان استبعد حتى الان اي مصالحة مع النظام المصري. 

وتحرص السعودية على توثيق العلاقات بين القاهرة وانقرة، بعد ان اصبحت وبسرعة اقرب حلفاء تركيا عقب تولي الملك سلمان زمام الحكم في يناير 2015. 

وصرح مسؤول بارز في الحزب التركي الحاكم هذا الشهر ان انقرة سترسل قريبا وفدا الى مصر للمساعدة في تخفيف التوتر. واضاف سابان ديسلي "باذن الله سيحدث تحسن في العلاقات مع مصر كذلك". 

وعلق شتاين ان "السعودية تدفع تركيا ومصر الى اصلاح علاقاتهما منذ مارس 2015"، واضاف: "تركيا بكل تأكيد تعدل سياستها الخارجية، الا ان اصلاح العلاقات مع مصر لا يزال عملية صعبة".