ولكن، وبينما وصلت اعداد الخسائر في صفوف المدنيين في افغانستان رقما قياسيا في الآونة الاخيرة، ما زالت تلك التي تستهدف السائحين نادرة الحدوث.

قد يفاجأ البعض بأن افغانستان تعد وجهة لأي سائحين على الاطلاق، ولكن عددا من شركات السياحة في الغرب تعلن عن رحلات الى هذا البلد الذي شهد مقتل اكثر من 11 الف مدني في العام الماضي فقط.

ولا تتسلم منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة اي احصاءات من الحكومة الافغانية تتعلق بعدد السائحين الذين تستقبلهم البلاد، ولذا فمن الصعب التكهن بعدد السائحين الذين يتوجهون اليها.

ولكن حكومة كابول تزود المنظمة بارقام تتعلق بما ينفقه السائحون.

وتشير هذه الارقام الى انخفاض كبير في المبالغ التي ينفقها هؤلاء، من 168 مليون دولار في عام 2012 الى 91 مليون دولار فقط في عام 2014.

يقول مقيم جمشدي، المدير العام لشركة سفريات Afghan Logistics and Tours ومقرها كابول، وهي شركة تنظم الرحلات للسائحين في المناطق الاكثر امانا من البلاد، لبي بي سي إن نحو 300 سائح استخدموا خدمات شركته في عام 2001، ولكن هذا العدد انخفض الآن الى نحو 100 في السنة فقط.

ويتناسب انخفاض عدد الزائرين عكسيا مع ارتفاع عدد قتلى العنف في افغانستان.

تعد منطقة باميان، التي فجر فيها مسلحو طالبان تماثيل البوذا، منطقة آمنة نسبيا للسائحين

سائحون افغان يتمتعون بجمال بحيرة تقع خارج باميان

تنصح وزارة الخارجية البريطانية الرعايا البريطانيين بتجنب السفر الى معظم مناطق افغانستان، وتقول إن ثمة "تهديد جدي من الارهاب، وان اساليب معينة لتنفيذ الهجمات يجري تطويرها وبلغت درجة عالية من التعقيد والتطور."

اما وزارة الخارجية الامريكية، فتذهب الى ابعد من ذلك إذ تحذر المواطنين الامريكيين من وجود مخاطر "الاختطاف والعمليات العسكرية والالغام الارضية والتسليب والصراعات المسلحة بين الجماعات السياسية والقبلية المختلفة والهجمات التي ينفذها مسلحون والنيران المباشرة وغير المباشرة والتفجيرات الانتحارية وغير ذلك."

ويقول الصحفي الافغاني بلال سرواري الذي يقوم بدور في الترويج للسياحة في بلاده إن مناطق شاسعة من افغانستان تعد الآن مناطق محرمة بالنسبة للزائرين.

ويقول "بينما تقول وزارتا الخارجية في بريطانيا والولايات المتحدة إن افغانستان غير آمنة، ليس الأمر بهذه الخطورة. ان افغانستان ليست آمنة كسري لانكا او جزر المالديف، ولكنها ليست بخطورة ليبيا او سوريا على سبيل المثال."

"فهناك العديد من المناطق التي يتمتع بها الزائرون بأمان تام، ولعل اكثرها امانا هو الوصول جوا الى العاصمة كابول ثم التوجه بطريق الجو ايضا الى باميان او هرات."

ويضيف "ما يجذب السائحين الى افغانستان تضاريسها المتنوعة، من جبال وصحارى وبحيرات."

وينصح بلال سرواري الذين يفكرون بزيارة افغانستان بقصد السياحة بأن يجرون بحثا مفصلا عن البلاد وان يتجنبوا السفر برا قدر الامكان والاستعاضة عن ذلك بالطيران.

وقال "معظم الذين اعرفهم الذين جاءوا الى هذه البلاد كسائحين كان لهم اصدقاء او اقارب يعملون في افغانستان لدى منظمة من منظمات الاغاثة."

يذكر ان الهجوم الذي تعرض له اخيرا وفد من السائحين الذي كانت ترافقه وحدة من قوات الامن، وقع على الطريق الذي يربط غور بهرات غربي البلاد.

وفيما تعد هرات نفسها آمنة نسبيا، عبر سرواري عن دهشيته لقيام الوفد باستخدام هذا الطريق تحديدا.

من جانبها، تقول كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي ليس دوسيت، التي ما برحت تقصد افغانستان بشكل مستمر منذ عام 1988، "هناك مناطق ليست متأثرة بحركة طالبان، يمكن للسائح ان يتمتع فيها بكرم وكياسة ولطف الشعب الافغاني، وان يطلع على مناظر خلابة ويقيم في فنادق لا بأس بها."

شلال يقع على حافة سد في محمية باندي امير الطبيعية

شعائر صلاة عيد الفطر في مسجد هرات

وتقول دوسيت إن المخاطر تكمن ليس في البقاء في مكان واحد بل في التنقل بين اماكن آمنة، وتضيف "لا يسعك القول إن البلاد بأسرها غير آمنة، وهنا تظهر اهمية العلم بالظروف المحلية."

"فحتى لو كنت متوجها في سفرة الى ايطاليا، عليك توجيه نفس الاسئلة التي ينبغي ان توجهها في افغانستان، ولكن عليك توجيهها بطريقة اكثر شمولا للتأكد من ان مصادر معلوماتك جيدة ووافية فعلا."

عاملات افغانيات يحملون زهور الزعفران في هرات

جاء الهجوم الاخير في وقت تسعى فيه هرات، تلك المدينة التي احتلها الاسكندر المقدوني في سنة 330 قبل الميلاد، الى استثمار صورتها الآمنة من اجل اجتذاب المزيد من السائحين.

تقول ليس دوسيت "إن افغانستان بلد منعزل عن بقية العالم فيما يتعلق بالتجارة والسياحة، ولذا، وبالنسبة لاولئك الافغان الذين يتطلعون الى مستقبل افضل تعد هذه الهجمات مثيرة للاكتئاب والقنوط الى حد بعيد. فكلما يخطون خطوة الى الامام عليهم ان يعودوا ادراجهم."

جمشدي الذي تعرفنا عليه آنفا يعد واحدا من المضطرين الى يخطون خطوة الى الخلف.

يقول جمشدي "إني حزين جدا، وغاضب جدا."