ناهيك عن المخاطر الكثيرة التي تهدد سلامة رواد الفضاء، ثمة عدو صامت ينتقل الى رواد الفضاء من "أهل البيت"، أي من المركبة نفسها التي تقلهم إلى المريخ.

إيلاف من لندن: من المخاطر العديدة التي يضعها رواد الفضاء نصب أعينهم إذا توجهوا الى كوكب المريخ يأتي على رأس القائمة التسمم بسبب الإشعاع وانعدام الوزن ومواطن الضعف التي قد يبديها آخرون من أفراد الطاقم. 

ولكن علماء لفتوا الى مشكلة أخرى لا تقل خطراً. وبعد أن فحص العلماء مركبة فضائية كانت مأهولة بطاقم من ستة افراد لمدة 17 شهراً في تجربة تحاكي رحلة الى الكوكب الأحمر وجدوا اقساماً من المركبة تعج بالميكروبات. 

وكانت دراسات سابقة أشارت إلى أن البيئة الفضائية يمكن أن تجعل البشر أكثر عرضة للعدوى والميكروبات أكثر ايذاء وأشد مقاومة للمضادات الحيوية. وقال الباحثون ان الدراسة الجديدة تسلط الضوء على اهمية مراقبة الميكروبات والجراثيم داخل المركبة. 

وأكدت رئيسة فريق الباحثين عالمة البيولوجيا الفضائية بيترا شفيندنر من جامعة ادنبرة أن من الضروري ان نعرف ما هي الميكروبات العائمة داخل المركبة الفضائية أو على سطحها ويمكن ان تنتقل الى افراد الطاقم بين بيئات مختلفة. 

وجاء هذا التحذير بعد تحليل المعلومات التي جُمعت خلال مشروع "مارس 500" الذي يحاكي رحلة الى المريخ بمركبة مساحتها 180 متر مربع أمضى ستة رجال 520 يوماً داخلها في موسكو. 

وكان الهدف من المشروع الذي شاركت فيه وكالة الفضاء الاوروبية وروسيا والصين دراسة تأثير رحلة الى المريخ والعودة منه على صحة افراد الطاقم البدنية والنفسية رغم ان البحث لم يمتد الى دراسة مشاكل مرتبطة بالاشعاع وحالة انعدام الوزن. 

وأُخذت خلال التجارب التي أُجريت في اطار المشروع مسحات من افراد الطاقم وعينات من الهواء في 20 بقعة داخل ردهات المعيشة في الكبسولة. وأُخذت عينات أخرى بعد ستة اشهر على انتهاء المحاكاة. 

واظهرت نتائج زرع العينات وتحليلها ان الكبسولة كانت تعج بالميكروبات وان الوحدة التي كان افراد الطاقم يعيشون ويأكلون ويسترخون فيها كانت الأكثر تلوثاً بهذه الميكروبات. ولاحظ العلماء تناقص التنوع الميكروبي داخل الكبسولة بمرور الوقت دون سبب معروف. وقالت شفيندنر ان هذا يؤكد اهمية مراقبة التجمعات الميكروبية خلال الرحلات الفضائية. 

وتمكن الباحثون من تحديد بؤر تجمع الميكروبات بما في ذلك السطح الخارجي للتواليت والمناضد في المقصورات الفردية، الأمر الذي له أهميته في تصميم المركبة الفضائية من حيث الصحة البشرية ومنع حدوث اضرار بها.

وقال مدير مركز طب الارتفاعات والفضاء والبيئة القصوى في كلية لندن الجامعية كيفن فونغ ان هذه الميكروبات هي "العدو الموجود في الداخل". 

واوضح فونغ ان الجراثيم التي ينقلها المسافر الى المريخ من الأرض ليست مشكلة حين يبعد المرء 20 دقيقة مشياً على الأقدام عن العيادة الطبية أو 30 دقيقة بالسيارة عن المستشفى. ولكن الأمر يختلف في بيئة مختلفة تماماً مثل الفضاء ومن الضروري التفكير في كل شيء نعتبره من البديهيات في حياتنا على الكرة الأرضية. 

إعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/science/2017/oct/04/the-enemy-within-mars-crews-could-be-at-risk-from-onboard-microbes-study