واشنطن: في ولاية فرجينيا الأميركية، تم إعداد المنزل لعائلة الجاموس السورية: شقة من ثلاث غرف، تم تجهيزها بكل شيء من الاثاث الى أواني المطبخ. كان يفترض ان تصل العائلة بأفرادها السبعة الى واشنطن الاربعاء، لكنها بقيت عالقة في الاردن بسبب مرسوم ترامب.

كان فرج غازي الجاموس وزوجته واولادهما الخمسة أمضوا عاما كاملا بالمراجعات والمقابلات والفحوص الطبية والتدقيق الامني. وبينما كانوا على وشك السفر لبدء حياة جديدة، تلقى رب العائلة اتصالا هاتفيا قصيرا من موظف بمنظمة الهجرة العالمية يبلغه بأنه "تم تأجيل السفر حتى إشعار آخر".

جاء ذلك بعد وقت قصير من صدور مرسوم عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمنع اللاجئين السوريين من دخول الولايات المتحدة حتى إشعار آخر.

في عمان، يقول عامل البناء فرج غازي الجاموس (45 عاما) الذي وصل الى الاردن لاجئا قبل نحو اربعة اعوام بعد ان اصيب برصاصة استقرت في حوضه في بلدة داعل في جنوب سوريا وهو في طريقه لشراء الخبز، متحدثا لوكالة فرانس برس "انا متفاجئ جدا، أشعر بالاحباط والحزن والألم الشديد على حالي وحال اطفالي الخمسة وعلى مستقبلهم وما الذي ينتظرنا".

واضاف وقد امتلأت عيناه بالدموع "كنا ننتظر السفر بفارغ الصبر وكنا فرحين جدا لان حياتنا كانت ستتغير كليا (...). تمت تهيئة كل شيء لنا بولاية فرجينيا. أرسلت لنا حتى صور المنزل الذي سنقيم فيه".

وتابع وقد بدت عليه علامات الارهاق والتعب النفسي "كنا نشعر بأن حياة جديدة هانئة بانتظارنا. كانت احلامنا كبيرة لاننا نحب كثيرا الولايات المتحدة، وكان أخي (المقيم في الولايات المتحدة) على اتصال دائم معي ينتظر اشارة كي يتوجه للمطار للقائنا. كنا نعتقد ان أميركا ستكون وطننا الجديد بعد ان دمرت الحرب بلدنا سوريا". وتتراوح أعمار أولاد فرج بين خمسة وعشرين عاما.

واضاف الرجل الاسمر الطويل القامة ذو الشعر الاسود الذي بدأ يكسوه الشيب "نحن نعاني منذ اربعة اعوام، أقمنا ثلاثة اشهر في مخيم الزعتري، ثم انتقلنا الى مدينة الزرقاء (23 كلم شمال شرق عمان). سكنا في غرفة ثم في منزل متواضع جدا. ولكن كان دائما لدينا أمل كبير بأن تتغير حياتنا بالكامل. وعندما جاءت الفرصة تبخرت من ايدينا".

وكان يفترض ان تغادر العائلة عمان في 20 يناير الماضي من مطار الملكة علياء الدولي (جنوب عمان) الى اسطنبول، لكن الرحلة تأجلت الى الاول من شباط/فبراير بسبب الضباب الكثيف. بين الموعدين، صدر مرسوم الرئيس الأميركي الجديد.

باب مقفل

في فرجينيا، ساهم حوالى اربعين متطوعا من الكنيسة اللوثرية في الكسندريا، ضاحية واشنطن، في نقل كنبات وأسرة وجهاز تلفزيون وطاولات وغيرها من التجهيزات الى الشقة التي يفترض ان تسكنها عائلة الجاموس.

وتدفع الحكومة الفدرالية حوالى 1100 دولار الى كل عائلة لاجئة لدى وصولها الى البلاد، بالاضافة الى مساعدات اجتماعية. وتساعد الجمعيات العائلات على الاستقرار وإيجاد المسكن.

في يونيو الماضي، صوت أبناء الرعية على استضافة عائلة. وعلى مدى أشهر، جمعوا أغراضا منزلية في حالة جيدة ووضعوها في طابق ارضي من مبنى من طابقين وسط مجمع سكني هادئ.

بعد موافقة السلطات على منح اللجوء الى عائلة الجاموس، وقعت الكنيسة على عقد إيجار بقيمة 1900 دولار شهريا، ممول من هبات. وتقول المتطوعة ديان برودي بأسى لفرانس برس "روعتنا فكرة انتظار العائلة في المطار، ثم اقفال الباب في وجهها بهذه الطريقة". وتتابع "لقد تعلقنا بهم، ونصلي من أجلهم".

على بعد كيلومترات من المكان، يعيش شقيق فرج، قصي، الذي وصل الى الولايات المتحدة من أربع سنوات بموجب عقد عمل وإقامة.

ويقول لفرانس برس "كانوا يعتقدون انهم يتقدمون على أرض صلبة، لكنهم داسوا على سراب". ويضيف قصي، وهو رب أسرة يبلغ من العمر 43 عاما، "كان كل شيء جاهزا. حصلوا على الضوء الاخضر، أنهوا كل المعاملات".

في عمان، غادرت عائلة الجاموس الفندق الذي كانت لجأت اليه موقتا.

ويقول فرج "منذ ثلاثة ايام وانا ابحث عن منزل للايجار واخيرا وجدت منزلا فارغا من دون اثاث بايجار شهري يبلغ تسعين دينارا (130 دولارا) ومن دون تدفئة في حي شعبي في ماركا في ضواحي عمان الشرقية. سنقيم هناك بانتظار ان يتغير الوضع".

ويضيف "آمل ان يتراجع الرئيس الأميركي عن قراره ويسمح لنا بالدخول الى الولايات المتحدة بأقرب وقت ممكن. نحن نصلي من اجل ذلك فنحن أناس عاديون جدا ومسالمون".

وتقول زوجته كاميلا يوسف (40 عاما) "ارجو من الرئيس الأميركي الذي انا متأكدة انه يعمل من اجل مصلحة شعبه، ان يساعدنا ويسمح لنا بالدخول، لاننا لاجئون لا حول لنا ولا قوة، ارجوه ان يساعدنا من اجل اطفالنا ومستقبلهم كي يعيشوا بأمان ويعودوا الى مدارسهم".

وتضيف كاميلا التي تعاني من السكري والضغط "القرار كان صادما للجميع. نحن متعبون نفسيا وجسديا. كانت لحظات صعبة جدا، كنا على وشك السفر ولكن تبدد الحلم والان يجب ان نبدأ حياتنا من نقطة الصفر".