بين دولة الكويت والمملكة العربية السعودية روابط وأواصر يقويها التاريخ القريب والبعيد، ويعززها المصير المشترك. وفي مقال لـ"إيلاف"، يستعرض الأمير سلمان بن سلطان بن عبد العزيز، النائب الأسبق لوزير الدفاع السعودي، العلاقات التاريخية بين البلدين الجارين، مبيناً عمقها، مبرزاً خصائصها، متوقفاً عند أبرز محطاتها، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أن «للكويت مكانة خاصة يصعب تجاهلها في وجدان المملكة العربية السعودية وتاريخها».
يُذَكِّر الأمير سلمان بن سلطان في مقاله المعنون «كتابات خارج الخُلق السعودي - السعودية والكويت: أواصر التاريخ وعلاقة المصير المشترك» بمحطات كثيرة شكلت بصمات لافتة على طول مسار التاريخ المشترك الجامع للبلدين، فيشير إلى أقرب هذه المحطات زمناً، ويتصل بتحرك الملك فهد بن عبد العزيز لتحرير الكويت مطلع التسعينيات من القرن المنصرم. يقول الأمير في هذا الصدد إن الوقفة السعودية الصلبة في صف الكويت إنما حتمها «شعور الملك فهد بالواجب تجاه الكويت قيادةً وشعباً»، ويرى أن المبادرة السريعة والرامية إلى الدفع باتجاه تحرير الكويت من الغزو العراقي إنما كانت تنبع بالتأكيد «من مروءة الملك فهد، رحمه الله، والشعب السعودي الذي يمثله». يتوقف الأمير أيضاً عند الأبعاد الاستراتيجية التي حتمت اتخاذ قرار مماثل، خصوصاً أن «تهديد القوات العراقية لم يكن لينتهي عند الحدود الكويتية وحسب».
يضيء الأمير سلمان بن سلطان على محطات أخرى تشكل علامات فارقة في التاريخ المشترك للبلدين، حيث يستعيد واقعة قيام القوات العراقية بنقل صواريخ أرض أرض إلى الكويت لتهديد السعودية، وهو ما تم إبلاغ الأمير بندر بن سلطان، وكان يشغل آنذاك منصب السفير السعودي في واشنطن، بشأنه، قبل أن يبادر بعدها ريتشارد (دِك) تشيني، وزير الدفاع الأميركي الأسبق، إلى زيارة المملكة العربية السعودية ومقابلة الملك فهد، عارضاً عليه صور الأقمار الصناعية التي تثبت صحة هذه الواقعة. لقد كانت القوات العراقية تتخذ تشكيلات هجومية على طول الحدود الكويتية- السعودية، وفي ضوء ذلك، «أصبح من الواضح لدى المختصين أن التحرك التالي للقوات العراقية سيكون باتجاه الأراضي السعودية»، على ما يقول الأمير.
يستند الأمير في مقاله إلى مضمون فيلم وثائقي أنتجته شركة OR MEDIA بعنوان «حرب الخليج»، وعرضته منذ بضع سنوات قناة MBC (الرابط في أسفل المقال). يتحدث في الفيلم كل من كانت له علاقة، أو دور، بتلك الأزمة، كما يتوقف عند الخطاب الشهير الذي ألقاه الملك فهد يوم الثامن من أغسطس 1990، بعد ستة أيام من غزو الكويت، وفيه قال إن دول التحالف بادرت إلى إرسال قواتها لمساندة القوات المسلحة السعودية في آداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين.
ينبه الأمير سلمان في مقاله إلى وجوب عدم القول إنه لو لم يكن هناك تهديدٌ عراقي للسعودية لما اتخذ الملك فهد قراره التاريخي بنجدة الكويت التي «هي جزء أساس وأصيل من منظومة مجلس التعاون الخليجي، الذي يشكل أمنه واستقرار دوله وحفظ سيادتها، مصلحةً، بل مطلباً استراتيجياً، للمملكة العربية السعودية». ويستذكر في هذا الصدد مقولة الملك فهد الشهيرة عن المصير المشترك بين البلدين، والتي يرى أنها «تعكس البعد الاستراتيجي للسياسة السعودية».
ويستعيد الأمير سلمان في مقاله مواقف مقابلة للكويت تجاه الدولة السعودية ومؤسسها الملك عبد العزيز، إذ كانت الكويت هي الحضن الذي آواه ووالده الإمام عبد الرحمن، وأسرته كافةً، في ضيافة أسرة ال الصباح، وشعب الكويت الوفي، بعد سقوط الدولة السعودية الثانية. ويذكر بأن مسيرة التوحيد التي قادها الملك المؤسس انطلقت من أرض الكويت لبناء الدولة التي يعيش السعوديون في ظلها حتى هذا اليوم.
التعليقات