«إيلاف» من بيروت: إذا بدأ الأطفال يلعبون كرة القدم قبل بلوغ 12 عامًا واستمرّوا في اللعب خلال المدرسة الثانوية، فربما يعرّضون أدمغتهم للخطر.
هذه هي الفكرة الرئيسة لدراسة جديدة نشرت الثلاثاء في مجلة "الطب النفسي الانتقالي" على موقع "نايتشر". فقد أجرى باحثون في مركز التهاب الدماغ المزمن في جامعة بوسطن دراسات على 214 لاعبًا سابقًا في كرة القدم، منهم 43 لعبوا في المدرسة الثانوية فحسب، و103 لاعبين لعبوا في الكلية، و68 لاعبًا أتقنوا اللعبة وامتهنوها.
مشكلات مزاجية
وجد العلماء أن لعب كرة القدم الأميركية قبل سن 12 عامًا يزيد من احتمالات المشكلات في التنظيم السلوكي واللامبالاة والأداء التنفيذي بشكل مضاعف في وقت لاحق في الحياة، بينما تزداد احتمالات معاناة أعراض الاكتئاب بنسبة ثلاثة أضعاف، علمًا أن متوسط عمر المشاركين في الدراسة هو 51 عامًا.
تبيّن أن النتائج هي نفسها للاعبين يملكون مستويات مختلفة من الخبرة. حتى بالنسبة إلى أولئك الذين لم يتابعوا ممارسة كرة القدم بعد المدرسة الثانوية، فإنّ لعبهم قبل سن 12 عامًا رفع خطر المشكلات المزاجية في مرحلة البلوغ.
في هذا السياق، يقول مايكل ألوسكو، باحث ما بعد الدكتوراه في كلية الطب بجامعة بوسطن والكاتب الرئيس للدراسة: "وجدنا أن هذا الأمر لافت للانتباه".
هناك خطر الانحياز إلى الاختيار الذاتي في الدراسة، فربما قرّر لاعبو كرة قدم سابقون المشاركة في الدراسة من أجل الإبلاغ عن القضايا السلوكية العصبية الخاصة بهم. ويدرك المؤلفون أيضًا الفوائد الصحية والاجتماعية للمشاركة في الألعاب الرياضية، خلال مرحلة ما قبل المراهقة.
دراسات وبحوث سابقة
يأتي البحث الجديد مع تفشي القلق المتزايد حول كرة القدم في صفوف الشباب. في جميع أنحاء البلاد، تبلّغ الاتحادات عن انخفاض المشاركة كما أن بعض المدارس وبرامج الرياضة للهواة الصغار قد ألغت فرقها بسبب عدم الاهتمام.
وتجدر الإشارة إلى أن الدراسات السابقة سلّطت الضوء على مخاطر لعب كرة القدم الأميركية في سنّ صغيرة. في عام 2015، وجد فريق جامعة بوسطن أن بين مجموعة من 40 لاعبًا سابقًا في دوري كرة القدم الأميركية، أظهر أولئك الذين بدأوا يلعبون كرة القدم قبل 12 عامًا تغييرات هيكلية في المادة البيضاء في الدماغ، وهي التي تنسق التواصل بين مناطق الدماغ المختلفة.
في العام نفسه، خلصت دراسة على الأعصاب إلى أن ضعف الإدراك في مرحلة لاحقة من العمر كان مرتبطًا بلاعبي اتحاد كرة القدم الأميركي السابقين، الذين بدأوا بهذه اللعبة قبل سن 12 عامًا. في دراسة نشرت في عام 2016 في مجلة "راديولوجي"، أجرى الباحثون اختبارات بتصوير الأعصاب في 25 لاعب كرة قدم، تراوح أعمارهم بين 8 و 13 عامًا، فوجدوا علاقة كبيرة بين ضربات الرأس والتغييرات في المادة البيضاء.
خطورة صدمات الرأس
في حين تميل البحوث السابقة إلى التركيز على ضعف اللاعبين السابقين في اتحاد كرة القدم الأميركي، فإن الدراسة الجديدة توسع مروحة العينة لتلتقط المشكلات التي تواجه اللاعبين السابقين في المدارس والكليات، بعد أن بدأوا بلعب كرة القدم في وقت مبكر من حياتهم.
في الواقع، يمكن التعرض لصدمات الرأس في سن مبكرة أن يؤدي إلى مشكلات لاحقة، لأن العقول الشابة هشّة. ويشير الدكتور روبرت كانتو، أستاذ علم الأعصاب في جامعة بوسطن والخبير في صدمات الرأس، إلى أن الدماغ في هذه السن يزيد من قدرته على الاتصال ويضبط تنميته الهيكلية. ويبدأ الذكاء والمزاج والسيطرة على الانفعالات بالتشكّل. ويمكن الضربات المتكررة على الرأس أن تعطّل عملية النمو المعرفي، "فتمنع العقل من الوصول إلى إمكانياته الوراثية"، بحسب كانتو.
يضيف، وهو الذي أوصى منذ فترة طويلة بأن ينتظر الأطفال حتى يصبحوا في الرابعة عشرة من عمرهم قبل أن يلعبوا كرة القدم: "إن هذا مجرد دليل إضافي على أن سلوكك في حياتك اللاحقة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضايا المعرفية والمزاجية، يمكن أن يتأثر سلبًا بصدمة الدماغ في مرحلة مبكرة من الحياة. إذا كان عليك أن تتلقّى ضربات في الرأس، فمن الأفضل أن يحصل ذلك في سن متأخرة".
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير نقلاً عن مجلة "تايم". الأصل منشور على الرابط التالي:
http://time.com/4948320/football-brain-damage-consussions-study/
التعليقات