روما: أكد البابا فرنسيس في مؤتمر صحافي على متن الطائرة التي أعادته الى روما مساء الأحد أنه شعر "بألم كبير" عندما تحدث السبت مع ثمانية من ضحايا الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها رجال دين كاثوليك، في إيرلندا.

وكان البابا طلب خلال قداس الأحد في دبلن اختتم به زيارة استمرت يومين لإيرلندا، طلب "الصفح" للائحة طويلة من القضايا، من كل ضحايا التجاوزات. لكنه واجه هو شخصيًا في اليوم نفسه اتهامًا بالتستر على أحد رجال الدين المتهمين بتجاوزات من هذا النوع.

في بداية حديثه مستخدمًا لغته الأم الإسبانية خلال القداس، أطلق الحبر الأعظم سلسلة من طلبات "الصفح" موجّهة إلى "الناجين من تجاوزات السلطة وتجاوزات الضمير والاعتداءات الجنسية".

أورد البابا لائحة لكل "الجرائم"، وخصوصًا تلك التي وقعت "في مؤسسات يديرها كهنة أو راهبات وطلب الصفح من "الأطفال الذين أبعدوا عن أمهاتهم" لأنهن حملن خارج إطار الزواج. وكان البابا تحدث السبت لساعة ونصف ساعة مع ضحايا تجاوزات ارتكبها في الماضي رجال دين وكهنة وأشخاص آخرون في مؤسسات كاثوليكية.

قال في الطائرة التي أقلته إلى روما "شعرت بألم كبير. أعتقد أنه كان يجب الإصغاء لهؤلاء الأشخاص الثمانية". وأضاف "من هذا الاجتماع خرج الاقتراح - الاقتراح أعددته بنفسي، لكنهم ساعدوني على القيام بذلك - طلب الصفح اليوم خلال القداس، لكن حول أمور ملموسة".

بدا البابا متأثرًا، خصوصًا بشأن مصير الفتيات غير المتزوجات اللواتي أجبرن على السماح بتبني أبنائهن من قبل عائلات أخرى، بتواطؤ من المؤسسات الدينية. وقال "لم أسمع عنهن إطلاقًا"، مشيرًا إلى أنه التقى شخصين تم تبنيهما قسرًا. تابع "كان هذا مؤلمًا بالنسبة إليّ، لكن رافقه عزاء تمثل في إمكانية المساعدة على إيضاح الأمور".

لا ضرورة للرد
كان يتوقع أن يحضر نصف مليون شخص قداس الأحد في حديقة فينيكس، لكن العدد بدا أقل من ذلك بسبب الأمطار. وفي وسط دبلن شارك نحو خمسة آلاف من ضحايا الاعتداءات الجنسية لرجال الكنيسة ومؤيديهم بتظاهرة رفعت شعار "لننهض من أجل الحقيقة".

وفي حديثه إلى الصحافيين في الطائرة، أكد البابا فرنسيس أن لا ضرورة للردّ على اتهام خطير وجّهه إليه السفير البابوي السابق في واشنطن كارلو ماريا فيغانو، بالتستر على تجاوزات ارتكبها الكاردينال الأميركي تيودور ماكاريك، الذي اتُّهم علانية في يوليو بالاعتداء جنسيًا على إكليريكيين وكهنة شبان.

قال البابا للصحافيين على متن الطائرة "لن أنبس ببنت شفة بشأن هذا الأمر. أعتقد أن البيان يتحدث عن نفسه". البيان الذي تحدّث عنه البابا هو رسالة مفتوحة نشرها في نهاية هذا الأسبوع السفير البابوي السابق في واشنطن، واتّهم فيها البابا بأنّه ألغى عقوبات فرضها سلفه البابا بنديكتوس على ماكاريك، وبأنه تستّر على إفادات لأفراد من داخل الكنيسة، يؤكدون فيها أن الكاردينال مثليّ جنسيًا، وأنه اعتدى جنسيًا على رجال كنيسة وكهنة شبان.

أضاف البابا في تصريحه للصحافيين "قرأت صباح اليوم البيان. اقرأوا البيان بعناية وأحكموا عليه بأنفسكم". وأضاف "لديكم القدرة الصحافية الكافية للتوصل إلى استنتاجات. هذا عمل ثقة. عندما يمر بعض الوقت، وتكون لديكم الاستنتاجات، عندها ربما أتكلم عنه، ولكن أودّ من نضجكم المهني أن يقوم بهذا العمل".

الأشخاص المناسبون
بين الضحايا الذين التقاهم الحبر الأعظم في دبلن مستشارته السابقة حول قضايا الاعتداءات الجنسية على الأطفال من قبل رجال الكنيسة ماري كولينز التي تعرّضت في سن الثالثة عشرة لتجاوزات جنسية من قبل كاهن.

وقد انسحبت من لجنة لمكافحة التحرش الجنسي بالأطفال، مشيرة إلى العقبات التي يضعها بعض رجال الكنيسة. وانتقدت خصوصًا تخلي الفاتيكان عن اقتراح للبابا بإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة الكهنة التي ارتكبوا اعتداءات جنسية أو تستروا عليها.

لكن البابا برر ذلك للصحافيين بالقول "رأينا أن هذه المحكمة غير قابلة للاستمرار، وليست عملية، بسبب الثقافات المختلفة للكهنة الذين يجب أن يحاكموا"، موضحًا أن هيئة محلفين من رجال دين تشكل لكل حالة على حدة. وقال إن "محكمة ستحاكم كاهنًا، ولكن ليست المحكمة نفسها في كل مرة".

من آخر المحاكمات التي نظمت تلك التي خضع لها أسقف غوام المونسنيور أنتوني أبورون، الذي تمت محاكمته في الفاتيكان بعد اتهامات باعتداءات جنسية على أطفال. واستأنف الأسقف الحكم، واستخدم الحبر الأعظم حقه في البت في طلب الاستئناف، بمساعدة لجنة خبراء القانون الكنسي.

بشكل أوسع، أكد البابا أن المجتمع بكامله يجب أن يشارك في مكافحة الاعتداءات الجنسية، مكررًا بذلك رسالة وجّهها قبل أسبوع إلى 1.3 مليار كاثوليكي في العالم.

وقال "في مرات عديدة يقوم الأهل بالتستر على الكهنة الذين يرتكبون تجاوزات، ويقنعون أنفسهم بأن هذا غير صحيح". وأضاف أنه يجب التحدث "إلى الأشخاص المناسبين" ويمكن أن يكونوا قضاة أو كهنة. لا يعارض البابا إجراء تحقيق في حالة وجود شبهات شرط ألا يعتبر الشخص مذنبًا مسبقًا، كما قال مشيرًا إلى مجموعة كهنة اتهموا ظلمًا باعتداءات جنسية على أطفال في إسبانيا، وتم رد الاعتبار لهم في وقت لاحق.
&