باريس: تعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضربة سياسية موجعة الثلاثاء عندما أعلن وزير البيئة استقالته من الحكومة التي كان أحد أعضائها الأكثر شعبية، على الهواء مباشرة بدون إبلاغ الرئيس مسبقاً.&

&وفاجأ الوزير نيكولا أولو حتى المذيعين الذي كانوا يجرون مقابلة معه عبر إذاعة "فرانس إنتر" بإعلانه قرار الاستقالة.&

وقال "اتخذت قرار مغادرة الحكومة" موضحا أنه شعر أنه يعمل "بمفرده" لمعالجة التحديات البيئية داخل حكومة لا تزال مصرة على اتباع ذات النموذج الاقتصادي "الذي يعد سبب جميع المشكلات".&

وأضاف "آمل أن تدفع استقالتي مجتمعنا إلى محاسبة عميقة للنفس بشأن الحقائق المرتبطة بعالمنا".&

وأضاف النجم التلفزيوني البالغ من العمر 63 عاما والذي برز كناشط بيئي أن ماكرون أقنعه بالانضمام إلى الحكومة العام الماضي لكنه اختلف مرارا مع باقي الوزراء بشأن السياسات.&

وقال "نقوم بخطوات صغيرة وتنجز فرنسا أكثر بكثير من دول أخرى لكن هل الخطوات الصغيرة كافية؟ (...) الجواب هو كلا".&

وقال أولو الذي سرت تكهنات على مدى شهور بشأن مستقبله داخل الحكومة إنه لم يبلغ ماكرون ولا رئيس الوزراء إدوار فيليب بنيته الاستقالة.&وأضاف "إنه قرار صادق ومسؤول".&

وتضاف استقالته إلى المشاكل المتفاقمة التي يواجهها الرئيس الوسطي ماكرون (40 عاما) والذي وصل إلى السلطة في أيار/مايو العام الماضي متعهدا بمعالجة النمو الاقتصادي البطيء المستمر منذ عقود وارتفاع نسب البطالة في فرنسا وإصلاح الاتحاد الأوروبي.&

وتواجه الحكومة الفرنسية صعوبات في وضع ميزانية للعام 2019 جراء تراجع النمو الاقتصادي حيث أعلن فيليب نهاية الأسبوع الماضي التخلي عن هدف خفض العجز في الميزانية.&

وعلى الصعيد الدبلوماسي، يعمل ماكرون جاهدا لإقناع شركائه الأوروبيين بالحاجة إلى اتحاد أوروبي أكثر تكاملا في وقت تحقق الأحزاب القومية مكاسب في أنحاء القارة.&

وتهدد استقالة أولو كذلك بتقويض أوراق اعتماد ماكرون كناشط دولي ضد التغير المناخي وهو دور رفع على إثره شعار "لنُعِد إلى &كوكبنا عظمته".&

فشل في التأثير

يرجح أن يتلقى ماكرون، الذي بدأ الثلاثاء زيارة إلى الدنمارك للترويج لأجندته بشأن الاتحاد الأوروبي، إعلان أولو بمرارة.

وخلال الصيف، واجه ماكرون أول فضيحة سياسية كبرى في ولايته التي بدأت قبل 15 &شهرا بعدما انتشر تسجيل مصور أظهر مساعدا أمنيا له يرتدي خوذة للشرطة وهو يضرب متظاهرا في باريس.&

وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية الرئيس إلى أدنى مستوياتها. وأدلى أولو بدوره بتصريحات مؤذية أكثر بالنسبة لماكرون حيث ندد بتأثير "جماعات الضغط" وبوضع أهداف "ندرك مسبقا عدم قدرتنا على تحقيقها".

وقال الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو لقناة "بي إف إم" الإخبارية إن "أسس اللياقة كانت تقتضي تنبيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء".&

ورفض أولو، الذي كان مقدما لبرنامج تلفزيوني يعنى بالبيئة، في الماضي مرارا عروض رؤساء فرنسيين سابقين لتولي حقيبة وزارية.&

وتحدثت تقارير في شباط/فبراير عن قرب تقديمه استقالته بعد تسرب تقارير إعلامية عن اتهامه من قبل حفيدة الرئيس الفرنسي الأسبق &فرانسوا ميتران باغتصابها في التسعينات.&

ونفى أولو الاتهامات بشدة معتبرا أنها تسيء له ولعائلته.&

وواجه انتقادات من ناشطين في مجال البيئة اتهموه بالفشل في التأثير على حكومة ماكرون بشكل كاف بعدما خسر معارك أمام نظرائه في وزارتي الزراعة والاقتصاد.

وشعر أولو بخيبة أمل كذلك جراء تراجع الحكومة عن هدف خفض مساهمة الطاقة النووية في مزيج الطاقة في الدولة بنسبة 50 بالمئة بحلول العام 2025 في وقت اعتبرت مفاوضات الاتحاد الأوروبي بشأن المبيدات مصدر إزعاج آخر بالنسبة إليه.

لكن غريفو علق بالقول "هل تحقق ثورة بيئية خلال عام واحد؟ الجواب هو كلا. أفضل الخطوات الصغيرة على عدم التحرك". &

ويعد سجل ماكرون المتعلق بالبيئة غير واضح حيث أنه جعل مكافحة الاحتباس الحراري من أولويات سياسته الخارجية وألغى مشروع إقامة مطار مقترح في غرب فرنسا لأسباب عدة بينها المخاوف البيئية.&

لكن معارضي ماكرون استغلوا الاستقالة. وقال لوران فوكييه، زعيم حزب "الجمهوريين" اليميني "لا أتفق بالضرورة مع أولو في آرائه لكن يمكنني أن أتفهم شعوره اليوم بأنه تعرض للغدر كغيره من الفرنسيين جراء الوعود الكبيرة التي سمعها والشعور في النهاية بأنه لم يتم الإيفاء بها".