إيلاف من لندن: اتهمت منظمة حقوقية دولية قوات الجيش والأمن والحشد في العراق باخفاء عشرات الأشخاص، أغلبهم من الذكور السنة العرب بينهم أطفال في سن التاسعة وأوضحت أن العراق هو الأعلى في العالم بعدد المفقودين ودعت حكومته المقبلة إلى مكافحة الإخفاء القسري وتأكيد التزامها باحترام وحماية حقوق الإنسان للجميع في البلاد.&

وقالت منطمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في تقرير لها الخميس تابعته "إيلاف" إنها وثقت إخفاء 74 رجلا و4 أطفال آخرين كانوا محتجزين لدى الجيش العراقي والقوى الأمنية العراقية بين أبريل 2014 و أكتوبر 2017 في إخفاءات قسرية موثقة تعتبر جزءا من نمط أوسع ومستمر في العراق الذي لم تستجب سلطاته لأي طلب من اسرالمختفين او المنظمة لتقديم معلومات حول المخفيين.&

وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "في مختلف أنحاء العراق، تتوق الأسر التي أُخفي آباؤها، أزواجها، وأطفالها بعد أن احتجزتهم القوات العراقية إلى إيجاد أحبتها لكنه رغم البحث والطلبات المقدمة إلى السلطات العراقية لسنوات، لم تقدّم الحكومة أي جواب حول مكانهم أو ما إذا كانوا لا يزالون أحياء".&

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنّ "اللجنة الدولية للمفقودين"، التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية لمساعدتها على التعافي وتحديد المفقودين، تقدر أن عدد المفقودين في العراق يتراوح عددهم بين 250 الفا ومليون مفقود وهو اعلى عدد من المفقودين في العالم.&
&
محاسبة المسؤولين عن اخفاء الاشخاص&

وأوضحت هيومن رايتس ووتش انها اعتمدت على بحوث نشرتها حول الإخفاءات القسرية منذ 2014 وأجرت مقابلات إضافية &بين أوائل 2016 ومارس 2018 مع الأسر ومحامين وممثلين عن المجتمعات المحلية لـ 78 شخصا يُعتبرون مخفيين قسرا، بالإضافة إلى 3 أشخاص كانوا مخفيين قسرا ثم أُفرج عنهم حيث راجع الباحثون وثائق المحاكم ووثائق رسمية أخرى متعلقة بالإخفاءات.&

ويعرّف القانون الدولي الإخفاء القسري على أنه توقيف شخص ما على يد مسؤولين في الدولة أو وكلاء للدولة أو على يد أشخاص أو مجموعات تعمل بإذن من السلطات أو دعمها أو قبولها غير المعلن، وعدم الاعتراف بالتوقيف أو الإفصاح عن مكان الشخص أو حالته ويستتبع هذا الحظر واجب التحقيق في قضايا الإخفاء القسري المزعومة ومحاسبة المسؤولين.&

الإخفاءات القسرية الموثقة كانت من تنفيذ مروحة كبيرة من الجيش والجهات الأمنية غير أن العدد الأكبر، 36، تمّ على يد مجموعات منضوية تحت "قوات الحشد الشعبي" التي تعمل تحت أمرة رئيس الوزراء، عند نقاط التفتيش عبر جميع أنحاء العراق. وقال شهود عيان إن 28 حالة على الأقل قامت بها "كتائب حزب الله"المدعومة إيرانيا.&

وقالت زوجة "حردان" (42 عاما) التي أُوقف زوجها في 2014، إن وزارة الدفاع، حيث كان يعمل تدفع لها نصف مرتبه فقط بما أنها لا تستطيع أن تقدم شهادة وفاة أو إثبات على الاحتجاز وهي تكافح لتأمين مصاريف المعيشة وتربية أطفالها.&

وأشارت إلى أنّ "الحياة دون أب حياة لا معنى لها... الأطفال يتمرّدون، ومن الصعب تربيتهم... ما ذنب هؤلاء الأطفال كي يُحرموا من الأب لأربع 4 سنوات؟"&
&
بغداد لم تجب على الاستفسارات واربيل قدمت ايضاحات ناقصة&

وأوضحت هيومن رايتس ووتش انها ارسلت إلى كل مستشار حقوق الإنسان في اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء في بغداد والمسؤول في حكومة إقليم كردستان عن التواصل مع المنظمات الدولية أسئلة حول القضايا الموثقة، ولائحة بأسماء المخفيين والأماكن والتواريخ التقريبية حيث تمت رؤيتهم لآخر مرة. في 18 سبتمبر الحالي فردت حكومة اقليم كردستان بأرسال معلومات حول عدد المعتقلين لانتمائهم إلى تنظيم داعش وإجراءات التوقيف التي تتبعها لكنها لم ترد على أي من ألاسئلة المحددة، ومنها الأسئلة حول مكان الأشخاص الواردين في التقرير.. فيما لم تقدم سلطات بغداد أي جواب. &

وقالت المنظمة إن أغلب الأشخاص الـ 78 الذين وثّقت قضاياهم كانوا محتجزين في 2014 وآخرهم في أكتوبر 2017 ولكنها لا تزال تتلقى تقارير حول حدوث إخفاءات في مختلف أنحاء العراق. وفي 3 قضايا أخرى أُفرج عن المحتجزين والمخفيين في 2014 و2015، الذين أشاروا إلى أنهم كانوا بعهدة الحشد الشعبي أو "جهاز الأمن الوطني" في مواقع احتجاز غير رسمية، وقالوا جميعا إنهم ضُربوا على امتداد فترة احتجازهم.&
&
توقيف رجال وأطفال&

وأضافت هيومن رايتس ووتش ان الجيش والقوى الأمنية اوقفت 34 رجلا وطفلا عند نقاط تفتيش كجزء من إجراءات رصد الإرهاب ضد داعش و37 آخرين من منازلهم. جميع التوقيفات التي تمت عند نقاط التفتيش، خلا واحدة، استهدفت أشخاصا كانوا ينحدرون من مناطق كانت تحت سيطرة داعش أو يعيشون فيها.&

وأشارت إلى أنّه في أغلب حالات التوقيفات في المنازل، لم تعطِ القوى الأمنيةُ الأسرَ أي سبب للتوقيف، لكن الأُسر تعتقد أن السبب يتعلق بكون المحتجزين من العرب السُّنة. وفي 6 حالات على الأقل، أوحت ظروف التوقيف أو ما قاله العناصر الأمنيون بأن السبب قد يكون متعلقا بالقتال ضد داعش.&

وطلبت 38 أسرة من تلك التي أُجريت معها مقابلات معلومات من السلطات العراقية حول أقاربها المفقودين دون جدوى بينما امتنعت أسر أخرى عن السؤال خوفا من تعريض حياة أقاربها للخطر. ولم يكن لدى أي أسرة فكرة واضحة عن أي جهة عليها أن تتصل بها لمعرفة مكان أقاربها.&
&
اعتقال بدون مذكرات رسمية&

وبموجب "قانون أصول المحاكمات الجزائية" العراقي، يمكن للشرطة أن تحتجز المشتبه فيهم فقط بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة، على أن يمثل المشتبه فيه أمام قاضي التحقيق في غضون 24 ساعة كي يصرّح بتمديد فترة الاحتجاز. وقالت الأُسر وشهود، في القضايا الموثقة، إن عناصر الأمن لم يقدموا أي مذكرة توقيف أو تفتيش. لا تعرف أيٌّ من الأسر إذا أقاربها قد مثلوا أمام قاضي التحقيق خلال الفترة القانونية.&

وأوضح أفراد من الأسرة، في 3 قضايا، أن عناصر الأمن استخدموا القوة المفرطة، أدت في إحداها إلى موت أحد الأقارب.&

ويحدث هذا برغم ان "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، والعراق طرف فيها، تقنِّن حظر الإخفاء القسري، ومن جملة الأمور التي تحددها الاتفاقية واجبات الدول لمنع الإخفاء القسري والتحقيق فيه ومحاسبته حيث كان من المفترض أن يرفع العراق تقريرا حول تطبيق الدولة للاتفاقية في 18 سبتمبر 2018 لكن لم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق مما إذا تم تقديم التقرير إلى "اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري".&
&
دعوة بغداد وأربيل لمكافحة الاخفاء القسري&

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الاتحادية العراقية الجديدة، التي يُتوقَّع أن تُشكَّل في الأسابيع القادمة بناء على نتائج انتخابات مايو، وحكومة إقليم كردستان إلى أن تجعلا من أولوياتهما مكافحة الإخفاء القسري والتحقيق في القضايا السابقة، لتأكيد التزامها احترام وحماية حقوق الإنسان للجميع في العراق. على السلطات أن تشكل لجنة تفتيش مستقلة للتحقيق في الاختفاء القسري والموت خلال الاحتجاز على المستوى الوطني في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.&

وشددت على انه يجب توجيه تهمة إلى أي شخص لا يزال محتجزا أو إطلاق سراحه. أما إذا كانوا قد تُوُفّوا، فعلى الحكومة أن تعيد الجثث إلى الأسر وتقدّم شرحا مفصلا لظروف الوفاة. يجب التحقيق مع أي من القوات التابعة للدولة المتورطة في هذه القضايا، ومعاقبتها كما يجب التعويض على الأسر.&

وطالبت الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا والدول الأخرى التي تقدم الدعم العسكري والأمني والاستخباري إلى العراق بحث سلطاته على التحقيق في ادعاءات الإخفاء القسري بالإضافة إلى التحقيق في دور دعمها في هذه الانتهاكات وعليها تجميد الدعم العسكري والأمني والاستخباري للوحدات المتورطة، حتى تنفذ الحكومة التدابير اللازمة لإنهاء هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.&

وفي الختام قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش "ان انفاق التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ودولٌ أخرى، مليارات الدولارات على الجيش والأجهزة الأمنية في العراق فأن من مسؤولايتها الاصرار على أن توقف الحكومة العراقية الإخفاءات القسرية وتدعم أسر الضحايا".&
&