برلين: تلتقي المستشارة الالمانية انغيلا ميركل الجمعة الرئيس التركي رجب إردوغان في محاولة لطي صفحة عامين من التوتر بين البلدين، في اختبار مثير للجدل ومعقد بالنسبة الى ميركل التي تواجه اصلا اضطرابات سياسية داخلية.

بعد الاستقبال الرسمي ولقاء على انفراد بين ميركل وإردوغان، من المقرر ان يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا نحو منتصف النهار ببرلين. ومن المقرر أن تشهد برلين بعد ظهر الجمعة وكولونيا السبت تظاهرات لمجموعات معارضة تركية وكردية. وسيدشن رئيس تركيا مسجدا في كولونيا. &وتم نشر قوات كبيرة من الشرطة توقيا من أي اضطرابات.

وفي مقال نشر الخميس في ألمانيا، أكد إردوغان أنه يفترض أن تفتح زيارته "صفحة جديدة" في العلاقات بعد سنتين من التوتر حيث أخذت أنقرة على برلين دعمها الخجول بعد المحاولة الانقلابية التي حدثت في 2016، بينما تنتقد برلين تركيا بسبب انحرافاتها الاستبدادية والتجسس على معارضين أتراك على الأراضي الألمانية.

وحذرت ميركل اثناء نقاش سياسي عام مساء الخميس من أنه "اذا كانت هناك أشياء في النظام السياسي تحتاج نقدا فسيتم نقدها وسافعل ذلك (..) لكن ذلك لا يعني أنني لا أرغب في ان تكون تركيا مستقرة" مشيرة بالخصوص الى "وضع حقوق الانسان" في تركيا.

من جهته أكد الرئيس التركي أن لديه "توقعات عملية جدا" حيال برلين من بينها المشاركة في حملته ضد أنصار الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه بتدبير المحاولة الانقلابية وهذا ما رفضته السلطات الألمانية حتى الآن.

ويلتقي اردوغان وميركل غداة منح &الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألمانيا استضافة &كأس أوروبا 2024، على حساب تركيا، وهي معركة انخرط فيها الرئيس التركي عبر دعم لاعب المنتخب الالماني مسعود اوزيل، الألماني من أصول تركية الذي اتهم الاتحاد الالماني لكرة القدم بالعنصرية.

لا علاقة عادية
في الجانب الألماني، وسواء من اليسار او اليمين تكررت الدعوات لميركل لتكون حازمة خصوصا ازاء التعدي على الحريات العامة. ولازال هناك خمسة ألمان مسجونين في تركيا "لدواع سياسية".

لن تحضر ميركل وشخصيات سياسية أخرى مأدبة عشاء الدولة التي يقيمها على شرف إردوغان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير. ولم تقبل برلين البتة الهجمات المتكررة لاردوغان على ألمانيا وخصوصا اتهام الحكومة الألمانية في العام الماضي بـ "النازية".

وقالت الرئاسة الألمانية "ان ألمانيا وتركيا بعيدتان جدا عن اقامة علاقة طبيعية (..) والدرب لا يزال طويلا لاستعادة الثقة". ويتوقع أن تبقي المستشارة الألمانية على مسافة مع تركيا خصوصا بعدما أضعفتها أزمات سياسية استمرت سنة وتوتر داخل غالبيتها حول سياسة الهجرة.

لكنها في الآن عينه لا ترغب في مهاجمة أنقرة في وقت تضم فيه ألمانيا جالية تركية مهمة قوامها ثلاثة ملايين نسمة. كما إن تركيا شريك لا مناص منه في منع أي تدفق جديد لطالبي اللجوء انطلاقا من سوريا.

ويتوقع أن يتم التطرق ايضا مع إردوغان الى الوضع في محافظة ادلب بسوريا في وقت ستتم فيه اقامة منطقة منزوعة السلاح اثر اتفاق روسي تركي لتفادي أزمة انسانية.

كراهية المسلمين في أوروبا
هذا الموضوع مهم بالنسبة الى ميركل التي أدى قرارها استقبال أكثر من مليون طالب لجوء بينهم مئات آلاف السوريين في 2015 و2016، الى صعود تاريخي لليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية في سبتمبر 2017 وأضعف بشكل كبير ميركل وأثر بشدة على انسجام الغالبية الحاكمة.

ينوي إردوغان بحث هذا النمو للأحزاب المعادية للهجرة والمسلمين التي وصل بعضها الى الحكم في بعض الدول الأوروبية. وقال قبل زيارته "ان تنامي التشدد اليميني والعنصرية المؤسساتية تمثل اليوم اكبر خطر للنظام الديمقراطي في الاتحاد الاوروبي" منددا بتفشي "كراهية المسلمين".

كما يرغب في بحث الجوانب الاقتصادية في وقت تواجه فيه بلاده أزمة كبيرة ويتوقع "اجراءات" من ألمانيا. وردت ميركل "الأمر لا يتعلق بمساعدة اقتصادية، بل علينا أن نتعاون اقتصاديا وسنتفق بالتأكيد على بعض الأمور". وترغب مجموعة سيمنز الالمانية في نيل مشروع ضخم لاقامة خطوط سكة حديد للقطارات فائقة السرعة تقدر كلفته بـ 35 مليار يورو.