أبرزت وسائل إعلام في طهران مقتطفات تخص&الشأن الإيراني من المقابلة الصحفية الشاملة التي أجرتها صحيفة (اندبندانت) البريطانية/النسخة العربية، مع الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز أمين مجلس الأمن الوطني السابق والسفير الأسبق لدى الولايات المتحدة.

ونقلت وكالة (فارس) القريبة من الحرس الثوري الإيراني، عن الأمير بندر تصريحا امتدح فيه المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي واصفا إياه بعد لقاء معه بأنه رجل متنور و"أنه خرج من لقائه بانطباع إيجابي".

وجاء ذلك في المقابلة عند حديثه عن إحدى زياراته لطهران، قال الأمير بندر: "طلبت أن ألتقي المرشد الإيراني علي خامنئي، والسبب أنه في المرات السابقة لم يتحقق أي شيء، والتقيته&فعلا، وهو يجيد اللغة العربية، والدليل أنه كان يصحح للمترجم بالفصحى، وقلت له يا "سماحة الإمام" دعنا نتحدث بدون مترجم، العجيب أنني خرجت من ذلك الاجتماع بانطباع إيجابي فهو رجلٌ متنور وقارئ".

وأضاف الأمير بندر قائلا: "وكان الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الراحل التقى به في باكستان حين كان خامنئي رئيساً للجمهورية. وعندما ذهب الفيصل إلى مقر سكن خامنئي برفقة علي أكبر ولايتي، وجدناه قد وضع عمامته جانباً ويقرأ للمتنبي".

لقاء سليماني

وكان السفير الأسبق والأهم في واشنطن، كشف في المقابلة المهمة التي تناقلتها وسائل الاعلام عبر العالم، أنه التقى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني عن طريق الصدفة.

وأضاف أنه التقى سليماني في طهران بعهد الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز، وحينها لم يكن معروفا.

وأضاف: "دخل علينا شخص خلال الاجتماع لم نرَه من قبل في جميع الزيارات الأربع لإيران، دخل ونحن في منتصف الاجتماع، وجلس في آخر مقعد، وكان معي الأمير سلمان بن سلطان و مساعدو&رحاب مسعود. كان الأمير سلمان يضع هاتفه الجوال على وضعية (الهزاز) حتى لا يخرج نغمة، وعند تلقيه اتصالاً أخرج جواله للرد، وفجأة خرج الشخص الذي كان يجلس في زاوية القاعة بسرعة، ودخل آخر وتوجه نحو علي لاريجاني وهمس في أذنه. بعد ذلك طلب لاريجاني الانفراد بي وذهبنا إلى المكتب، فقال: (ما حدث غير أخلاقي ومعيب، كيف تقومون بتصوير قاسم سليماني من جوال أحد أفراد وفدكم؟)، فاستغربت وقلت: (نصور سليماني!)، قال: (نعم، الأمير سلمان التقط له صورة ولهذا خرج). فضحكت وأجبت: (شكراً لك لأنك أخبرتنا كيف هو شكل قاسم سليماني، دائماً أسمع عنه وعن تحركاته ونتائجها السيئة، شكراً لك لأنك عرّفتنا على ملامح وجهه وسنعود الآن لملفاتنا ونتفحصها أكثر).

فيصل - الشاه

وكما تحدث بندر بن سلطان بإسهاب عن علاقة السعودية في عهد الملك فيصل، بإيران التي كان يحكمها الشاه، وكيف أن الملك فيصل رد على نصيحة الشاه بتحويل السعودية لبلد علماني، بالقول إن "إيران شعب مسلم، وأنت شاه إيران وليس فرنسا".

وقال بندر بن سلطان إنه عند صعود الخميني إلى الحكم "كنا ننتظر كيف ستتطور الأمور هناك لكن في الوقت ذاته كانت السعودية أول من أرسل تهنئة للخميني وأرسل الملك خالد بن عبدالعزيز وقتها مبعوثاً يهنئ الإدارة الإيرانية الجديدة ونظام الحكم فيها. وبعد فترة، بدأت التصفيات الجماعية للمثقفين والسياسيين وقادة الجيش، وخرجت آلية ولاية الفقيه وأصبح الحكم في يد شخص واحد هو المرشد الأعلى (الولي الفقيه)، وصحيح أن هناك انتخابات ورئاسة جمهورية، لكن لا قيمة لها".

حالة العداء

وعن سبب العداء الحاد بين السعودية وإيران، قال بندر بن سلطان إن ذلك يعود إلى موقف الرياض في الحرب العراقية الإيرانية.

وأضاف: "نعرف جميعاً أن صدام حسين حاكم مجرم وسفاح بمعنى الكلمة، لكن الخميني أعلن في خطاب له أنه سيحرر العراق أولاً، ثم يتوجه لتحرير دول الخليج بالقوة… ولم يكن أمام القيادة السعودية سوى خيارين: السيئ والأسوأ، فاختارت السيئ، وتفسير القيادة السعودية للخلاف الذي يشعله الخميني أنه ليس خلافاً سنياً - شيعياً أو سياسياً، بل خلاف تاريخي فارسي - عربي وذو نظرة عنصرية من الخميني، ومثال بسيط على ذلك، أنه في الحرب العراقية الإيرانية 80% من الجيش العراقي كانوا من الشيعة وكانوا يحاربون ضد إيران، لأنهم لم يكونوا يحاربون "ولاية الفقيه" أو إيران الشيعية، بل الفارسية وكان صدام حسين يقنعهم بذلك".

وكشف بندر بن سلطان أن إيران قصرت في الاتفاقية الشفوية بين الطرفين بتسليم المطلوبين، إذ سلم وزير الداخلية السابق محمد بن نايف، نظيره حينها، الرئيس الحالي حسن روحاني قائمة بأسماء 10 سعوديين مقيمين في إيران، إلا أن الأخير أخفى الملف، وتجاهل الموضوع، وعلم ابن سلطان لاحقا من الرئيس السابق محمد خاتمي، أن الحرس الثوري هو الذي يتحكم في هذا الملف.

مشادة&

وخلال المقابلة، تحدث بندر بن سلطان عن مشادة جرت بينه وبين كبير المفاوضين الإيرانيين حينها، علي لاريجاني، قائلا: "في أحد اللقاءات أيضاً مع المسؤولين الإيرانيين، ومع لاريجاني مجدداً، حدث احتكاك كلامي، وكان عن حزب الله، حيث قلنا بأننا نملك دليلاً على سلوك الحزب وتدريب إيران له وعن عماد مغنية ودوره في استهداف المصالح الخليجية والسعودية، وأن مساعديه والمحيطين به هم من الحرس الثوري، وأنه وراء تفجير موكب أمير الكويت وخطف الطائرة الكويتية وتفجير الخبر في العام 1996.&

ومع اشتداد الاحتكاك قال لي لاريجاني أثناء الشد والجذب: (يجب عليكم أن تحرصوا وتنتبهوا، أو سنثوّر العالم على السعودية). فقلت له: (أنت ستثور العالم علينا؟ لا مشكلة لدينا، وأنا أقول لك نيابة عن السعودية تفضل ثوّر العالم وهيجه علينا، لكن سأقول لك شيئاً كي لا تدّعي بأنني لم أكن صريحا معك… مصر وتركيا وباكستان وإندونيسيا وماليزيا ومسلمو الصين والدول العربية المغاربية، كل هؤلاء سنتصل بهم ونقوم بعقد اجتماع مؤتمر لوزراء الخارجية ثم رؤساء الاستخبارات، وبعدها بعقد مؤتمر لرؤساء الأركان، وسنرى بعدها ما يحدث...) فرد لا ريجاني: (هذا تهديد؟) وقلت له: (أنت تقول بأنك ستثوّر العالم علينا)".


موضوع مصداقية

وبحسب بندر بن سلطان، فإن المشادة تطورت إلى فعل حقيقي، متابعا: "عدت إلى السعودية وأخبرت الملك عبدالله بالتفاصيل، وقال لي: (يا بندر، الموضوع الآن موضوع مصداقية). فقلت له: (صحيح سيدي، أنتم من تقررون المصداقية، أنا مبعوث ومنفذ لأوامركم هذا ما حدث وهذا ما قاله لي وهذا ما قلته له)".

&وتابع: "استدعى&الملك عبدالله، سعود الفيصل وزير الخارجية، والأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات آنذاك، وطلب الملك من سعود الفيصل عقد لقاء لوزراء الخارجية الذين عدّهم الأمير بندر، ووجّه الملك بعدها الحديث للأمير مقرن، وقال له: أنت أيضاً يا مقرن، اتصل بنظرائك في الدول نفسها واطلب منهم عقد اجتماع في السعودية. اجتماع رؤساء الأركان هي الخطوة الأخيرة ونرى رد فعل الإيرانيين. وبعد يوم واحد فقط من الإعلان عن العزم على عقد اجتماع لوزراء الخارجية، وجدت نفسي أتلقى اتصالاً من لاريجاني يقول: يجب أن نلتقي وأنا على استعداد لذلك فوراً. قلت له: بالتأكيد، لكنني لست مستعداً للقائك فوراً، هذا أولاً، وثانياً يجب أن آخذ الإذن من الملك".