أحيا الإيزيديون خمسة أعوام من مجازر داعش في سنجار، وأعلن إقليم كردستان 3 أغسطس من كل عام ذكرى سنوية للإبادة الإيزيدية.

إيلاف من بيروت: تحلّ الذكرى السنوية الخامسة للمجازر البشعة التي اقترفها تنظيم داعش بحق الأيزيديين في العراق مترافقةً مع دعوات إلى تصنيف هذه المجازر في خانة الإبادة الجماعية.

فقد دعا نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان في شمال العراق، الأمم المتحدة إلى تصنيف المذابح التي ارتكبها داعش بحق آلاف الإيزيديين على أنها "إبادة جماعية"، مغردًا على حسابه في تويتر السبت: "اليوم، نستذكر أولئك الذين سقطوا ضحية فظائع داعش في كردستان وخارجها، لن نرتاح حتى نستأصل الإرهاب ونعيد المخطوفين إلى الديار. نحث الأمم المتحدة على الاعتراف بهذه الإبادة الجماعية لمنع أعمال مماثلة".

وتزامنت هذه التغريدة مع تصويت برلمان إقليم كردستان في شمال العراق لصالح مشروع قرار يعتبر 3 أغسطس من كل عام ذكرى "الإبادة الجماعية" بحق الإيزيديين على أيدي داعش.

عيد الإبادة

واحتفلت الأقلية الإيزيدية في العراق، التي تعرضت قراها قبل خمسة أعوام للتدمير على أيدي داعش، بـ"عيد الصيف"، مع طغيان ذكرى عمليات الخطف والاغتصاب التي ارتكبها المتطرفون. وخلال الاحتفال، وقفت نساء يرتدين قمصانًا بيضاء كتب عليها "الإبادة الإيزيدية"، ورفعن لافتات تندد بعمليات التعذيب التي تعرض لها الإيزيديون.

وتقدم المحتفلين رجال دين يرتدون كوفيات، على رأسهم حازم بيك الذي اختير أميرا للإيزيديين بعد ستة أشهر من وفاة والده. قال: "نحيي ذكرى جميع من قتلوا خلال الإبادة قبل خمسة أعوام".

وبحسب تقرير نشرته "العربية"، أضاء المشاركون الشموع وأحرقوا الزيوت وشاركوا في طقوس تطهير معبد لالش، أهم المعابد الدينية لهذه الأقلية والواقع في دهوك في إقليم كردستان.

وفي وقت جرى الاحتفال في معبد لالش الواقع في كردستان العراق والذي يشكل القلب النابض للحياة الدينية للإيزيديين، فإن معقلهم التاريخي في سنجار، على بعد أكثر من 300 كيلومتر، لا يزال مدمرًا بشكل كامل.

قالت الإيزيدية علياء بركات التي أتت إلى لالش للاحتفال: "آمل أن يتم القيام بشيء ما لسنجار، لأن الوضع كارثي".

وأعربت جينين هينيس بلاسخارت، الممثلةُ الخاصةُ للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، عن أسفها للإخفاق الحالي في تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة، وشددت على أن الاستقرار أمر حاسم لهذا المجتمع المنكوب من أجل عودة أفراده إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم، داعيةً بغداد وأربيل إلى إيجاد حلول عاجلة.

صفحة حزينة ومؤلمة

دعا الرئيس العراقي برهم صالح المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لمعرفة مصير المختطفين الإيزيديين لدى داعش ومحاسبة عصابات التنظيم عن الجرائم التي ارتكبتها في العراق وفي المقدمة منها تلك التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

وقال الرئيس العراقي في بيان نشره موقع الرئاسة لمناسبة الذكرى الخامسة لإبادة الإيزيديين: "المجازر التي ارتكبها داعش ضدهم صفحة مؤلمة وحزينة عبرت عن النهج والفكر الإجرامي التكفيري لهذا التنظيم وعقيدته الدموية".

أضاف: "ننتظر من رئاسة وأعضاء مجلس النواب الإسراع بالمصادقة على مشروع قانون الناجيات الإيزيديات الذي أرسل منذ 28 مارس 2019، بعد أن أعدته وأنجزته رئاسة الجمهورية لضمان حقوق الناجيات المشروعة وإنصافهن وتعويضهن ماديًا ومعنويًا. تمر علينا اليوم الذكرى الخامسة لمجزرة الإيزيديين على أيدي عصابات تنظيم داعش الإرهابي، التي تعد من أسوء الجرائم في تاريخ الانسانية، حيث تعرض أبناء شعبنا من الديانة الإيزيدية إلى استباحة وقتل، واختطاف جماعي، وسبي للنساء وبيعهنّ في سوق النخاسة، والتهجير والنزوح الاجباري طلباً للسلم والأمان".

تابع: "نستذكر اليوم صفحة حزينة ومؤلمة، ومجزرة تقشعر لها الأبدان، وتهتز لها الضمائر الحية، جريمة بشعة لم تفرق بين رجل وامرأة، صغيرًا وكبيرًا، حيث عبرت بوضوح عن النهج و الفكر الإجرامي التكفيري لهذا التنظيم وعقيدته في سفك المزيد من الدماء، وإدخال الرعب والخوف في نفوس المدنيين الأبرياء".

دراسة ميدانية

بعد مرور خمس سنوات على هذه الإبادة الجماعية بحق إيزيديي العراق ييد داعش، ترى دراسة ميدانية جديدة صادرة عن جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة في ألمانيا أن النتائج المترتبة عن الإبادة "خطرة" على الإيزيديين في ألمانيا، وسط اختلاف على تقييم وضعهم الأمني في العراق.

وبحسب تقرير نشره موقع "دوتشه فيله" قال نحو 80 في المئة من الإيزيديات في ألمانيا إن عناصر من داهش اغتصبوهن وحملن نتيجة الاغتصاب. من بين 296 سيدة إيزيدية شملهنّ الاستطلاع، قالت نصف المشاركات إنهن تعرضن للاغتصاب 20 مرة في الأقل، وأكدت جميع النساء المشاركات إنهنّ كنّ يخشين على حياتهنّ في أثناء فترة أسرهن.

وبحسب الدراسة، ما زال نحو 280 ألف إيزيدي يعيشون في مخيمات اللاجئين في العراق وسورية، حيث تركهم الجميع وحيدين مع تجاربهم المؤلمة.

يقول الكثير من الإيزيديين النازحين في العراق، والبالغ عددهم نحو 300 ألفًا، إنهم يفكرون في الهجرة، فأغلبية أولئك الإيزيديين يرون أن من المستحيل العودة إلى مناطقهم المدمّرة في العراق والعيش بسلام مع المسلمين هناك. إلا أن الدراسة تقول إن هذه الهجرة ستكون الخيار الأخير فحسب، أي عندما يكونون غير قادرين على البقاء في العراق.

ويحتاج الإيزيديون، بحسب الدراسة، إلى مساعدات من أجل إعادة إعمار مناطقهم المدمرة، إضافة إلى وساطة دولية في النزاع بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق على منطقة سنجار شمال العراق، وهي أحد المراكز السكانية الرئيسية للإيزيديين.

سنجار محفوفة بالمخاطر

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الألمانية الأربعاء إن الوضع الأمني في سنجار "محفوف بالمخاطر"، مضيفة: "على الرغم من أن المنطقة تحت سيطرة بغداد رسميًا، فإن قدرة الحكومة على توفير الأمان فيها محدودة".

وقال متحدث باسم الوزارة إنه لا يزال هناك نحو 300 ألف إيزيدي نازح في العراق. أما في منطقة سنجار فلم يبقَ سوى 40 ألف إيزيدي، في حين كان عدد الإيزيديين المقيمين في سنجار قبل الإبادة الجماعية نحو 600 ألفًا.

وخلافًا لتقييم وزارة الخارجية، رفضت محكمة ألمانية الثلاثاء طلب لجوء رجل إيزيدي مع شقيقته، مبررة ذلك بأن تعرض الإيزيديين للملاحقة لم يعد محتملًا منذ طرد تنظيم داعش من هناك.

ألمانيا مقصرة

وجه ممثلو الجالية الإيزيدية في ألمانيا انتقادات إلى الحكومة الاتحادية الألمانية بسبب عدم قيامها بأي شيء لمحاكمة مقاتلي داعش المعتقلين في شمال سورية. فقد رفعت الرابطة العامة لمجالس النساء الإيزديات دعوى قضائية ضد وزيري العدل والداخلية، كاترينا بارلي من الحزب الاشتراكي، وهورست زيهوفر من المحافظين، بتهمة إحباط القضاء بحكم وظيفتيهما. وجاء في الدعوى أنه على الرغم من أن الإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية عرضت على ألمانيا استلام الأسرى من داعش لمحاكمتهم في ألمانيا، رفضت الحكومة الألمانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة الإرهابيين المشتبه بهم إلى ألمانيا. وهذا الموقف الرافض هو إحباط للقضاء وعرقلة للعدالة وفق الدعوة.

تشير الدعوى القضائية إلى أن العديد من مقاتلي داعش من الألمان يشتبه بتورطهم بجرائم حرب ضد الإيزيديين في العراق بمشاركتهم في استعباد الفتيات والنساء الإيزيديات.

وتشير معلومات إعلامية إلى وجود نحو 74 جهاديًا ألمانيًا من اتباع داعش في معتقلات أكراد شمال سورية، حيث أصدر الادعاء العام الألماني مذكرات اعتقال ضد 21 شخصًا من المعتقلين في سوريا بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي والتورط بارتكاب جرائم حرب.