إسماعيل دبارة من تونس: حضّ رئيس الحكومة التونسي المكلف الحبيب الجملي، النواب على التصويت لحكومته المقترحة والتي أثارت تركيبتها الجدل ودفعت بكتل برلمانية كثيرة إلى التعهّد باسقاطها، فيما جدّدت حركة النهضة الاسلامية التي اقترحت الجملي مساندته والتصويت لصالح تركيبته المقترحة.

ودعا الجملي أمام البرلمان التونسي في جلسة عامة تتابعها "إيلاف" وسيعقبها تصويت، النواب الى "الالتفاف حول حكومته خدمة لمصالح تونس ومناعتها في هذا المنعرج الحاسم في تاريخها، للخروج من أزماتها الداخلية المتعددة والمخاطر الأمنية الإقليمية الجدية التي تتهددها وفي مقدمتها الوضع الأمني في ليبيا".

وقال الجملي في كلمته أمام الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المخصصة لمنح الثقة للحكومة المقترحة "إن تونس في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة تنطلق في العمل بأسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية".

واعتبر أن حصول الحكومة المقترحة على ثقة مجلس نواب الشعب، سيكون دافعاً وحافزاً لها على العطاء وبذل قصارى الجهد لتحقيق إنجازات هامة، تونس في أمس الحاجة إليها، مضيفا:" إن منح الثقة للحكومة سيزيد من شعورنا بالمسؤولية العظيمة الملقاة على عاتقنا".

تعهد الجملي في حال نيل البرلمان، بالانطلاق مباشرة في العمل والمثابرة لمعالجة عديد الملفات الحارقة ورفع التحديات المطروحة بعيدا عن التجاذبات السياسية والمصالح الشخصية، ملتزما بالعمل في كنف التعاون والشراكة مع مجلس نواب الشعب مع الانفتاح على كافة الفاعلين السياسيين والمنظمات الاجتماعية والمجتمع المدني.

ودافع الجملى عن استقلاليته السياسية مؤكدا أنّ هدفه الأساسي هو "إعلاء المصلحة الوطنية لتونس وخدمة كل التونسيات والتونسيين في الداخل والخارج وتحقيق آمالهم وتطلّعاتهم في حياة حرّة وكريمة"، وفق تعبيره.

وقال "إن الحكومة تطلب ثقة البرلمان، وتتطلع إلى أن تكون حكومة الواجب والانجاز، تجتمع حولها كل الاطياف السياسية أو جلها على الأقل حتى وإن تباينت في ما بينها المواقف أو السياسات أو البرامج لكنها، لا تفترق أبدا حول الوطن ومصالحه العليا".

ولاحظ أن ثقة البرلمان في الحكومة ستحمله مسؤولية كبرى، حيث سيسهر على أن لا تكون حكومة فئة أو حزب أو جهة، وانما حكومة "الواجب الوطني والانجاز والاصلاحات وتكريس قيم الجمهورية التي حددها دستور 2014".

وذكر الجملي بأن مسار تكوين هذه الحكومة يعتبر من أعسر المسارات التي شهدتها تونس في ظل تشتت الساحة السياسية منذ الثورة، مبينا أن التونسيين وأصدقاء تونس سئموا انتظار الولادة العسيرة لهذه الحكومة واستفحال التجاذبات حول تكوينها أمام وضع أمني خطير خاصة على الحدود الجنوبية والتداعيات السلبية الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة في حال مواجهة عسكرية بالشقيقة ليييا.

وجدد التأكيد على أن النواب اليوم أمام منعرج مفصلي هام ومسؤولية تاريخية لتزكية هذه الحكومة والتي قد لا ترضي البعض منهم، متعهدا بالقيام بالتحويرات الضرورية بعد التزكية وتقييم الأداء في حال ثبوت خلل في انتداب بعض الأعضاء في الحكومة.

برنامج الحكومة

واكد الجملي في كلمته أمام النواب، على ان فريقه الحكومي يتكوّن من كفاءات مستقلة ومنفتحة على كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وهم تحت المراقبة والمحاسبة مهما كان المسؤول، فضلا عن العمل على تفعيل الحوكمة السياسية المسؤولة .

واشار الى التزام حكومته ببذل الجهد اللازم وتحقيق النتائج المرجوّة لمكافحة الفقر والخصاصة وغلاء المعيشة معبرا عن امله في تحسن وضع المواطن إنطلاقا من السنة الحالية وعزم حكومته ادخال عدد من الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في مجال محاربة الفقر والفساد والتهرب الضريبي والتحكم في التوازنات المالية ودفع نسق النموّ وضرورة مكافحة الإرهاب والجريمة بما يعزّز صورة تونس كبلد آمن.

وتوجه الى نواب المجلس بطلب اعتماد آلية استثنائية تتمثل في المصادقة على المشاريع الاستثمارية ذات الاهمية في شكل اوامر حكومية اختصارا للآجال.

وقد تولى الحبيب الجملي اثر الانتهاء من كلمته تقديم اعضاء حكومته المقترحة المكونة من 42 عضوا وفتح المجال لتدخلات النواب.

وتواجه حكومة الجملي، مصيرا غامضا في جلسة تصويت البرلمان على الثقة، اليوم الجمعة، بعد أن أعلنت أغلب الكتل اعتزامها عدم التصويت لمصلحتها.

ومنتصف نوفمبر 2019، كلف الرئيس قيس سعيّد، الجملي، بتشكيل الحكومة، بعد طرح اسمه من جانب حركة النهضة (إسلامية / 54 نائبا)، التي تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية، في 6 أكتوبر الماضي.

والكتل التي يتشكل منها البرلمان، هي "حركة النهضة"، والكتلة الديمقراطية (41 مقعدا)، و"قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة" (21 مقعدا)، و"الحزب الدستوري الحر" (17 مقعدا)، و"الإصلاح الوطني" (15 مقعدا)، و"تحيا تونس" (14 مقعدا)، و"المستقبل" (9 مقاعد)، وغير المنتمين إلى كتل (29 نائبا).