بعد تأخر استمر ثلاث ساعات شهدت نقاشات حامية بين الكتل السياسية حول تشكيلة حكومة المكلف مصطفي الكاظمي فقد صوت البرلمان العراقي مساء الاربعاء لحكومة منقوصة بمنحه الثقة لـ 15 مرشحا من أصل 20 ضمتهم قائمة قدمت إلى البرلمان وامام رئيسها تحديات أمنية وسياسية واقتصادية خطيرة عليه التصدي لحلها.

جلسة التصويت على حكومة الكاظمي وقد روعي فيها التباعد بين النواب ضمن اجراءات الوقاية من كورونا

وقال الكاظمي عقب تصويت البرلمان على منحه وحكومته الثقة في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" وتابعتها "إيلاف" انه "اليوم منحَ مجلس النواب الموقّر ثقته لحكومتي، وسأعمل بمعيّة الفريق الوزاري الكريم بشكلٍ حثيثٍ على كسب ثقة ودعم شعبنا. امتناني لكل من دعمنا، وأملي أن تتكاتف القوى السياسية جميعاً لمواجهة التحديات الصعبة سيادة العراق وامنه واستقراره وازدهاره مسارنا".

وكان قال قبل ساعة من تصويت البرلمان بالثقة على تشكيلته الحكومية: "قدّمتُ تشكيلتي الحكومية، وبانتظار تصويت مجلس النواب الموقّر عليها. لقد عملتُ على انتقاء المرشحين ومعظمهم من كوادر الوزارات على اسس مهنية مع الحرص على تأمين القبول السياسي والبرلماني والشعبي لهم. سيكون هدفنا خدمة الشعب وتحقيق السيادة والأمن والعدالة".

وفي كلمة له لدى تقديم برنامج حكومته شدد الكاظمي على أن حكومته ستكون حكومة حل لا حكومة أزمات رافضا استخدام أرض العراق كساحة للاعتداءات، مؤكداالعمل على اجراء انتخابات مبكرة نزيهة.

اما رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فقال بدوره في كلمة افتتاح بها الجلسة أن وباء كورونا والتحديات السياسية يدفعان باتجاه تشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة جميع الصعاب.

تغيير ثلاث وزراء مرشحين

وقد شارك في الجلسة 233 نائبا من مجموع عدد نواب البرلمان البالغ 329 عضوا فيما يتحقق النصاب القانوني لانعقاد الجلسات حضور 169 نائبا وتكون الموافقات بمنح الثقة بتصويت نصف الحاضرين زائد واحد.. اي 118 نائبا من الحاضرين لجلسة اليوم.

وقد انصبت نقاشات الكتل السياسية على معارضة استيزار ثلاثة مرشحين في التشكيلة الحكومية المقترحة لوزارات العمل والزراعة والعدل حيث تم فيما بعد استبدالهم وعقد الجلسة بعد الاتفاق على ترشيح عادل حاشوش لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وخالد شواني للعدل ونسيم عريبي عبد الله للزراعة والتصويت عليهم في جلسة مقبلة.

وزراء منحهم البرلمان ثقته

وتضم تشكيلة الحكومة الجديدة التي صوت لها البرلمان بالثقة في جلسة استثنائية مساء اليوم وتابعتها "إيلاف" 15 وزيرا مع مجموع 22 وزارة تضمها حكومة الكاظمي وهم: الفريق الركن عثمان علي الغانمي للداخلية، والفريق الركن جمعة عناد خطاب للدفاع، ونازنين محمد وسو شيخ محمد للاسكان والبلديات، ود.حسن محمد عباس سلمان للصحة والبيئة، وللتعليم العالي والبحث العلمي د.نبيل كاظم عبد الصاحب عباس، وللشباب والرياضة عدنان درجال مطر جاسم، وللاتصالات اركان شهاب احمد كاظم، وعلي عبد الامير علاوي للمالية.

كما ضمت التشكيلة ايضا كلا من وناصر حسين بندر حمد للنقل وناصر حسين بندر حمد للنقل مهدي رشيد مهدي جاسم لوزارة الموارد المائية وعلي حميد للتربية ومنهل عزيز محمود عباس للصناعة والمعادن وماجد مهدي حنتوش علي للكهرباء ود خالد بتال نجم عبد الله للتخطيط.

ورفض البرلمان منح الثقة الى نوار نصيف جاسم حمود للتجارة وعلي حميد مخلف محسن للتربية ود.هشام صالح داود سلمان للثقافة ود.ثناء حكمت ناصر جرجيس للهجرة والمهجرين ومحمد كريم جاسم صالح للزراعة .. وتأجيل التصويت على وزارتي التفط والخارجية.

وقد تم توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة من خلال منح 12 وزارة للشيعة و6 للسنة و3 للكرد وواحدة للمكونات الأخرى، وهي نقش معادلة حكومة عادل عبد المهدي.

القوى المؤيدة والمعارضة

والكتل السياسية التي صوتت لصالح منح الثقة لحكومة الكاظمي هي الحكمة برئاسة الحكيم وسائرون بزعامة مقتدى الصدر والفتح بزعامة هادي العامري والنصر بقيادة حيدر العبادي وتحالف القوى السنية بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي اضافة الى القوى الكردية بقيادة الحزبين الرئيسيين فيما اعلنت 5 قوى وكتل معارضتها للتشكيلة الحكومية والتصويت بالضد منها وهي ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي وائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي وجبهة الانقاذ والتنمية بقيادة النجيفي وكتلة الحل السنية والنواب التركمان.

حكومة حل لا أزمات

ويؤكد الكاظمي إن من أولوياته هي معالجة الأزمة الاقتصادية التي تمثلت بانخفاض حاد لأسعار النفط وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة وقوية من أجل عبور هذه الأزمة واحتواء تداعيات فيروس كورونا وإجراء الانتخابات المبكرة في أسرع وقت ممكن.

وشدد في تصريحات صحافية على انه رئيس حكومة ازمة لكنه لا يمتلك لاهو ولا غيره عصا سحرية لحل الازمات التي يمر بها العراق.

ودعا الكتل السياسية إلى التعاون معه لكي يعبر الأزمة الحالية طالما أن "حكومتي لها هدف محدد وهو التهيئة للانتخابات المبكرة بالإضافة إلى التصدي بحزم إلى التحديات الطارئة التي لم تكن متوقعة حتى قبل شهرين وهي فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية التي تمثلت بانخفاض حاد لأسعار النفط وهو ما يتطلب منا اتخاذ إجراءات حازمة وقوية من أجل عبور هذه الأزمة".

الكاظمي رجل حل النزاعات من رئاسة المخابرات الى رئاسة الحكومة

والكاظمي الذي تولى مهمة رئيس جهاز المخابرات في يونيو حزيران عام 2016 هو شخصية اعلامية وسياسية ويرتبط بعلاقات جدية مع القوى الشيعية والسنية والكردية والاخرى السياسية المنخرطة في العملية السياسية الجارية في العراق حاليا وتلك الاخرى المعارضة لها اضافة الى علاقاته الاقليمية مع صناع القرار في الدول المحيطة بالعراق.
ولم تعرف عن الكاظمي اي ممارسات طائفية كما انه يمتاز بسلوكياته المعتدلة وانحيازه العروبي.

ونشط الكاظمي في العراق سياسيا واعلاميا وعرف بكتاباته وتحليلاته المعتدلة التي ينشرها في العديد من وسائل الاعلام المحلية والدولية حيث تميز بتأكيده على ضرورة احتضان العراق لجميع ابنائه بعيدا عن الانتماءات الطائفية والقومية والسياسية وهو امر ساعد على احتفاظه بعلاقات ممتازة مع جميع القوى العراقية المنخرطة في العملية السياسية والاخرى خارجها.

وكان مصطفى الكاظمي (53 عاما) وهو سياسي واعلامي عراقي نشط ضد النظام السابق قد تولى منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي في حزيران يونيو عام 2016 بعد أن حاز مكانة مرموقة كوسيط سياسي بين الأطراف العراقية المختلفة وسط الأزمات المتلاحقة.

ولدى الكاظمي أكثر من 16 عاماً من الخدمة في العراق معظمها في مجال حل النزاعات كما عمل على إصلاح الجهاز الذذي تراسه منذ عام 2016 بالتركيز على إخراج السياسة من العمل المخابراتي وانهى هيمنة الاحزاب المتنفذة على عمله ونشاطاته.

وكان الكاظمي معارضاً ناشطاً ضد النظام العراقي السابق وعاش سنوات في المنفى لكنه لم ينضم إلى أي من الأحزاب السياسية العراقية.

وقد منحه دوره مديرا تنفيذيا لمؤسسة الذاكرة العراقية وهي منظمة تأسست بهدف توثيق جرائم النظام السابق فرصة التخصص في الستراتيجيات الأرشيفية حيث اكتسب خبرة في توثيق الشهادات وجمع الأفلام عن ضحايا النظام السابق على أساس المسؤولية في حفظ الحدث العراقي كوثيقة تاريخية بالإضافة إلى الإشراف على عمل فرق تقوم بالعمل ذاته في دول عدة.

وأدار الكاظمي من بغداد ولندن مؤسسة الحوار الإنساني وهي منظمة مستقلة تسعى للتقريب بين المجتمعات والثقافات والتأسيس للحوار بديلاً عن العنف في حل الأزمات. كما عمل كاتبا ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع المونيتور الدولي وركزت مقالاته على تكريس روح السلم الاجتماعي في العراق وكشف الإخفاقات والارتباكات التي صاحبت تجربة النظام السياسي وسبل معالجتها. كما نشر خلال مسيرته المهنية العديد من الكتب من أبرزها (مسألة العراق – المصالحة بين الماضي والمستقبل).

وتولى الكاظمي رئاسة تحرير مجلة الاسبوعية التي كان يملكها الرئيس العراقي برهم صالح وهو يحمل شهادة بكالوريوس في القانون ثم الماجستير في القانون الدولي العام من الولايات المتحدة الأميركية عام 2010.

يشار الى ان الرئيس العراقي برهم صالح كان قد كلف في التاسع من الشهر الماضي مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة وهو ثالث شخصية يتم تكليفها من الرئيس العراقي لتشكيل الحكومة بعد إخفاق سلفيه عدنان الزرفي ومحمد توفيق علاوي في نيل موافقة البرلمان .

وبحصول حكومة الكاظمي على ثقة البرلمان الاربعاء فأنها ستخلف حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي استقال نهاية نوفمبر تشرين الثاني 2019 تحت ضغط احتجاجات شعبية تطالب برحيل ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة ورهن ارادتها بإيران.