إسماعيل دبارة من تونس: يحاول رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ دفع تهم "الفساد" و"تضارب المصالح" عنه، إذ قرّر بيع حصته في شركة خاصة تتعامل مع الدولة التونسية.

وأثيرت اتهامات بـ"تضارب المصالح" ضدّ الفخفاخ مؤخرا، إذ يمنع القانون التونسي المسؤولين السياسيين المباشرين لمناصب معينة، من جني أموال مقابل التعامل مع الدولة خوفا من استغلال نفوذهم السياسي والوظيفي من أجل الربح.

اعترف الفخفاخ في 14 يونيو الجاري خلال حوار تلفزيوني على قناة خاصة، بأنّه يمتلك أسهما تقدّر بـ20 بالمائة في شركة تعمل في مجال البيئة ومتعاقدة مع الدولة، معتبرا أنّ مساهمته في هذه الشركة "لا تعدّ من باب تضارب المصالح".

وأثارت تصريحات الفخفاخ جدلا واسعا وتعرض لانتقادات من جهات كثيرة، باعتبار أن احتفاظه باسهمه في تلك الشركة "يندرج ضمن تضارب المصالح ومخالفة الفصلين 18 و20 من القانون عدد 46 المؤرخ في 1 اغسطس 2018 والمتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح".

ويلزم الفصل 18 من ذلك القانون كلاّ من "رئيس الجمهورية ومدير ديوانه ومستشاريه ورئيس الحكومة وأعضائها ورؤساء دواوينهم ومستشاريهم ورؤساء الهيئات الدستورية المستقلة وأعضائها ورؤساء الجماعات المحلية (البلديات) ورئيس المحكمة الدستورية وأعضائها، في صورة امتلاكهم لأسهم أو حصص شركات أو في صورة إدارتهم لشركات خاصّة يمتلكون رأس مالها كليا أو جزئيا، تكليف الغير بالتصرف فيها في أجل أقصاه شهران من تاريخ تعيينهم أو انتخابهم بحسب الحال وإلى غاية زوال الموجب".

في حين ينص الفصل 20 من القانون المذكور على أنه "يحجّر على الأشخاص المشار إليهم أثناء ممارسة مهامهم، التعاقد بغاية التجارة مع الدولة أو الجماعات المحلية".

وقال وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو، في تصريح صحفي الاثنين في البرلمان إن رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ "قرر بيع مناباته في شركة ضمن مجمع للشركات يتعامل مباشرة مع الدولة، تفاديا لمسألة تضارب المصالح".

وأضاف عبو، على هامش جلسة استماع له من قبل لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام (لجنة خاصة)، وتابعت تفاصيلها وكالة الأنباء الرسمية (وات)، أن الفخفاخ "تخلى عن مناباته (حصصه) لشخص آخر للتصرف فيها، طبقا للفصل 18 من قانون التصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، واتخذ هذا القرار لغلق الملف نهائيا"، مشيرا إلى أن الفخفاخ "كلفه بالإعلان عن بيع المنابات وتوضيح المسألة للرأي العام".

وأعرب الوزير عبو عن "الاستعداد لفتح تحقيق في الموضوع في حال وجود شبهة فساد"، معتبرا أن "تضارب المصالح في حد ذاته لا يعتبر فسادا رغم أنه يمكن أن يكون كذلك"، مؤكدا رغبة رئيس الحكومة وأعضائها في "كسب المصداقية من خلال احترام القانون وتطبيقه".

وقال العياشي الهمامي وزير حقوق الإنسان والهيئات الدستورية والمجتمع المدني يوم 19 يونيو في تصريح اعلامي، إنّ رئيس الحكومة "انطلق رسميا في إجراءات التخلي عن أسهمه في تلك الشركة".

وتقول حكومة الفخفاخ إن أولوياتها مكافحة الفساد، والتصدي لفيروس كورونا المستجدّ، واصلاح المنظومة الاقتصادية المتضررة.

رئيس "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، شوقي الطبيب، أعلن من جهته عن تلقيه تبليغا عن شبهة فساد وتضارب في المصالح من قبل النائب المستقل ياسين العياري ضدّ إلياس الفخفاخ، مؤكدا أنّ الهيئة "فتحت تحقيقا في الغرض وأنه يتوجّب على رئيس الحكومة التخلي عن أسهمه في تلك الشركة".

وفي وقت سابق، أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب "وجود شبهات تضارب مصالح تتعلق بـثلاثة من أعضاء حكومة الياس الفخفاخ"، مضيفا أن مصالح إدارة التصريح بالمكاسب والمصالح بصدد التثبت منها نهائيا.

وتحدّث الطبيب عن وجود "شبهة تضارب في المصالح تتعلق بـ 7 نواب بالبرلمان"، مضيفا أنه "تم توجيه لفت نظر إليهم لتسوية وضعياتهم"، مشيرا إلى أنه "تم الإستماع إلى بعضهم في حين تلقت الهيئة ردا من محامي آخرين".

وأبرز الطبيب أنه في حال انتهاء الآجال القانونية المنصوص عليها لمدة شهر ولم تتم تسوية وضعياتهم فستتم إحالة ملفات هؤلاء النواب على القضاء، معتبرا أن الهيئة "لا تحبذ بلوغ هذه المرحلة".

وأشار الطبيب إلى أن النواب سيعرضون أنفسهم للتتبعات القضائية وقانون رفع الحصانة التي تهم لجنة الحصانة بمكتب مجلس نواب الشعب، مؤكدا احترامه لقانون حماية المعطيات الشخصية ومنع القانون التشهير بهم أو إعلان أسمائهم.