أسامة مهدي: فيما داهمت قوة عراقية مقرا لكتائب حزب الله العراقي في بغداد فجر اليوم واعتقلت عددا من عناصره كانوا يعدون لاطلاق صواريخ فقد كشف الكاظمي عن توجهه إلى تغيير مواقع في الدولة متوقعا رفضا من المتضررين لكنه اكد انه لن يكترث لذلك منوها إلى أنّه ليس لديه ما يخسره وهدد "عصابات" مسلحة تهيمن على المنافذ الحدودية وعلى مداخيلها البالغة 4 مليارات دولار سنويا بحرب قريبة.

فقد داهمت قوة من جهاز مكافحة الارهاب العراقية فجر الجمعة مقرا لكتائب حزب الله العراقي الموالية لايران واعتقلت 13 فردا من عناصرها في منطقة الدورة بضواحي بغداد الجنوبية كانوا يعدون لاطلاق صواريخ كاتيوشا على المنطقة الخضراء وسط العاصمة التي تضم مقار الرئاسات الثلاث وسفارات اجنبية بينها الاميركية والبريطانية واخرى لبعثتي الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وقال مصدر عراقي ان القوة المداهمة عثرت مع العناصر التي اعتقلت، قاعدة لاطلاق الصواريخ وعددا من هذه الصواريخ المعدة للاطلاق .. واوضح انه تم اغلاق المنطقة الخضراء وسط العاصمة بالكامل فيما بدأت قوات عسكرية تجوب مناطقها.

وعادة ما تقوم كتائب حزب الله المرتبطة بإيران تسليحا وتمويلا وتدريبا وولاء مذهبيا بتنفيذ عمليات قصف بصواريخ كاتيوشا لمنطقة الخضراء ومناطق عسكرية تضم خبراء من التحالف الدولي، بينهم اميركيان ضمن ضغوط لاخراج القوات الاميركية من البلاد.

عنصران من كتائب حزب الله العراقي أمام شعار سليماني قائدي

وكان الكاظمي حذر الاسبوع الماضي المليشيات التي تقصف مناطق عراقية والتي وصفها بالخارجة على القانون بأنه لن يسمح لها بتهديد استقرار العراق ومستقبله واختطافه لاحداث فوضى. وكتب تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" تعليقا على خامس هجوم خلال عشرة أيام تتعرض له اهداف حيوية "لن أسمحَ لجهاتٍ خارجة على القانون باختطاف العراق من اجل إحداث فوضى وإيجاد ذرائع لإدامة مصالحها. ماضون في عهدنا لشعبنا بحماية السيادة، وإعلاء كرامة الوطن والمواطن".

وكان قصف صاروخي قد استهدف في الثالث عشر من الشهر الحالي قاعدة شمال بغداد تتمركز فيها قوات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي الثامن من الشهر نفسه ضرب صاروخان مقرا للتحالف الدولي في مجمّع مطار بغداد بينما سقط صاروخ غير موجّه قرب مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء.

الكاظمي: سأغير مواقع في الدولة

قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في تصريحات لصحافيين واعلاميين محليين في بغداد وزع تفاصيلها مكتبه الاعلامي وتابعتها "إيلاف" مساء امس "سنتخذ في القريب العاجل مجموعة إجراءات لتغيير بعض المواقع الإدارية في الدولة وسنسمع بعدها حملة تشويه للحكومة، لأن هناك من سيتضرر جراء هذه التغييرات ونقول بكلّ صراحة: ليس لدينا أي شيء نخسره ورهاننا على الإعلاميين والصحافيين وعلى الناس وإنْ لم يتركونا نعمل فسنخرج وأيادينا نظيفة".

سنحارب عصابات تسيطر على المنافذ الحدودية

وبين ان هناك خسارة بحوالي 4 مليارات دولار سنويا في المنافذ الحدودية وهناك عصابات وجماعات وقطّاع طرق وأصحاب نفوذ هم من يسيطرون في بعض الأحيان على المنافذ على حساب الدولة ولكن ستكون هناك حملة قريبة لإعادة الاعتبار إلى المنافذ وسنحارب أشباحا". يشار إلى أنّ هناك مليشيات وشخصيات سياسية نافذة تسيطر على منافذ العراق الحدودية وتدخل وارداتها إلى حساباتها الخاصة.

وشدد على ان هذه الأموال هي ملك للشعب العراقي وليست لأصحاب النفوذ أو أصحاب السلاح الذين يفرضون إراداتهم على حساب المصلحة العامة.. منوها إلى أنّ الفساد أخطر من الإرهاب لأنه يساعد الإرهابيين، "وستكون لدينا حملة لمتابعة أسباب هذا الفساد وملاحقة الفاسدين ".

فيديو لقاء الكاظمي مع إعلاميين عراقيين:

تحديات كبيرة

وأشار الكاظمي إلى أنّ الحديث مع الاعلاميين "له شجون وفيه حلم حماية الديمقراطية التي تحميها الكلمة والرؤية التي يقدمها الإعلاميون والصحافيون قادة وصنّاع الرأي العام ومن دون الكلمة وحرية التعبير وتقديم المعلومة لايمكن بناء الدولة لأن المعلومة اليوم تعمل على تصحيح المسار وكلمة الحق يحملها الإعلاميون والصحافيون الذين يحملون معاناة الناس".

وقال إن الكلمة هي من تبني الدولة وتستعيدها من الفشل والخذلان وهي بنفس الوقت تستطيع أن تدمّر الدولة. واكد على الحاجة إلى النقد البنّاء والكلمة الصادقة "منوها إلى أنّه يجب التمييز أن الكلمة تستخدم اليوم كخنجر وعلينا العزل بين الكلمة الحقّة وبين الكلمة التي تريد إثارة النعرات الطائفية أو القومية أو الكراهية".

وأضاف أن "التحديات التي نواجهها اليوم كبيرة وعندما يكون هناك نقد للحكومة فيجب أن يكون مبنياً على الحقيقة ويساعدنا وليس على تأويلات أو صراعات سياسية. وشدد الكاظمي على انه لايشكل أي تهديد لأي أحد لأنه ليس لدي حزب وحزبي هو الشعب ".

انهارت أسعار النفط فانهار كل شيء

وعن تفشي فيروس كورونا في البلاد اقر الكاظمي بأن "لدينا تحديا حقيقيا في مواجهة وباء كورونا والسبب هو ضعف البنى التحتية. وأشار إلى أنّه على مدى سبعة عشر عاما لم ينجح العراق في بناء بنية تحتية لكنه نجح ببناء مولات بسيطة لأن هناك من استثمر أموال الدولة في مشاريع بسيطة على حساب المواطن.

وبين أن العراق لم ينجح في بناء نظام صحي حقيقي أو نظام تربوي جيد واعتمد على مشاريع قد تكون مهمة للمواطن ولكن ثانوية والسبب هو السياسة الاقتصادية التي اعتمدت على النفط وعندما انهارت أسعار النفط انهار كلّ شيء.

وقال "علينا أن نكون أبناء اليوم وليس أبناء الأمس، وهذا يحتاج توافقاً بين الحكومة والشعب والبرلمان والكتل السياسية ولكن للأسف الشديد لم نرَ هذا التوافق .. منوها إلى أنّ الناس تشعر بفقدان الأمل وهذا من حقها عندما تقارن نفسها بدول اخرى وبدول الجوار المتقدّمة.

واضاف "لدينا تحديات الهوية العراقية وعانينا سابقا من صراعات طائفية والهوية العراقية الوطنية لايمكن المزايدة عليها فليكن معيارنا هو المواطنة وليس الانتماء المذهبي أو الإثني".

واكد على ان تراب العراق مقدّس "ويجب أن ندافع عنه بكل الطرق".. وقال "حكومتنا ليست حكومة حزب ومشروعنا الوحيد هو العبور بالدولة بسبب الظروف التي انتجت استقالة الحكومة السابقة".

انتخابات نزيهة بعيداً عن التهديد والسلاح

وأشار الكاظمي إلى أنّ المواطنين طالبوا بانتخابات عادلة "وعلينا العمل على تهيئة ظروف انتخابات نزيهة وعادلة ليشعر المواطن أنه ممثّل وعندما يطالب بحقوقه يطالب بها عن طريق الانتخابات وليس عن طريق التهديد أو السلاح وهو مطلب يعكس حجم الوعي العراقي في ظل ما يعانيه من ظروف العيش".

وأضاف أن المواطن خرج بتظاهرات، وطالب بانتخابات نزيهة وإصلاح، وهذه المطالب يجب أن تُحمى وتكون مقدّسة ولا يسمح لأحد بأن يهدد بهدم الدولة"فأمامنا مستقبل يجب أن نبنيه لأبنائنا ".

وقال "العراقي يريد التأسيس للمستقبل، وهذا ما نفتخر به، والشعب نجح بتحقيق مطلبه وهذا يستحق منا التضحية لتحقيق هذا الهدف". وشدد على ان "هدفنا الوصول إلى انّتخابات عادلة وعملية بناء حقيقي للدولة وعلينا العمل بكل جد لتهيئة الظروف لانتخابات عادلة ونزيهة للوصول إلى نتائج يشعر المواطن فيها أنه ممثّل ولايشعر بأن صوته مخطوف".

وضع اقتصادي منهار

وأوضح الكاظمي ان حكومته جاءت في وضع اقتصادي منهار وتحتاج إلى فرصة ودعم كي نثبت أننا قادرون على النجاح.

وقال إن الحكومة حكومة فتية ولديها تحديات في إصلاح الوضع الاقتصادي الذي سببه سوء الإدارة "وعلينا جميعا دعم الإصلاحات لأنها تعني البحث عن العدالة".

التدخلات الاقليمية

وبين الكاظمي ان التدخلات الإقليمية في العراق لن تنجح إلا اذا كان هناك طرف في الداخل يعمل على ذلك. واكد بالقول "يجب أن لانسمح بتدخلات تهدد السيادة العراقية أو النسيج الاجتماعي العراقي ولن نسمح بمغامرات لأطراف خارجية في العراق".

وشدد على "ان مستقبل العراق أهم من كلّ شيء، فالعراق ليس دولة هامشية والمغامرة على أرضه غير مقبولة ".. مضيفا ان هناك تحديات في ما يخص الوضع الأمني "وقدّمنا الكثير من التضحيات وعلينا عدم تكرار أخطاء الماضي".

عراقيو الداخل عانوا أكثر ممن غادروه

واعتبر ان العراقيين الذين عاشوا في داخل العراق عانوا أكثر ممن غادروه إلى الخارج .. منوها إلى أنّ من حق أي مواطن أن يحصل على تعويض لكن ليس من حق شخص ما أن يحصل على أكثر من تعويض في قضية واحدة على حساب الكثير من الفقراء في إشارة إلى مزدوجي الرواتب ومخصصات محتجزي رفحاء العالية، والذين تم تصحيح ذلك بالاقتصار على راتب واحد.

المصارف تخضع لنفوذ سياسيين ومافيات

واضاف الكاظمي انه ليس في العراق نظام مصرفي "ونعمل على إنجاز نظام مصرفي صحيح والنهوض به لأنه عماد أية دولة ونعمل بكل جد لإيجاد آلية للنهوض بواقع المصارف لأنها تحوّلت إلى اقطاعيات وفي بعض الأحيان واجهات لأصحاب النفوذ السياسي والمافيات". واكد ان الاستثمار هو الحل للمشاكل لكنه يحتاج إلى بيئة آمنة بعد توفير الأمن والخدمات "وعلينا دعم وحماية المستثمر".

ولفت الكاظمي إلى أن "الفساد أخطر من الإرهاب لأنه يساعد الإرهابيين وستكون لدينا حملة لمتابعة أسباب هذا الفساد وملاحقة الفاسدين".

وأشار الكاظمي في ختام تصريحاته قائلا "سنطلق قريبا مشروعا لإعادة الحياة إلى مدينة بغداد. وأطلقنا مشروع إنهاء إنجاز المستشفيات التي لم تنجز منذ فترة طويلة ولدينا مشروع دعم الشباب لإنشاء مشاريع صغيرة".

دور الفنانين في مواجهة كورونا

وخلال اجتماع آخر مع مجموعة من الفنانين العراقيين فقد استمع الكاظمي إلى جملة من القضايا التي طرحوها والتحديات التي تواجه الحركة الفنية في العراق وأهم المقترحات التي يمكن أن تنهض بالفن العراقي وجعله معبّرا حقيقيا عن قضايا الوطن والمجتمع.

وأشار الكاظمي إلى أن العراق بلد رائد في الثقافة والفنون، وأن الأمم تنهض عن طريق الإبداع، وتبنى البلدان من خلال ازدهار فنونها ولطالما كان الفن والفنانون الأساس في تطوير المجتمعات وازدهارها.

وبيّن أن شريحة الفنانين من الشرائح المهمة في المجتمع، ولهم دور بارز في خدمة قضايا بلدهم والتعبير عنها، حيث تصل رسائلهم إلى مختلف طبقات المجتمع، مؤكدا أن العراق يعيش اليوم ظرفا صعبا بسبب جائحة كورونا ويمكن للفن أن يأخذ دوره الحقيقي في المرحلة الراهنة، عبر التوعية المجتمعية بخطورة الجائحة، التي باتت تهدد سلامة المجتمع.

وأشار الكاظمي إلى أن الفن مؤثر حقيقي في الرأي العام، ويساهم في عمليات التجديد والتطوير، وفي العراق ساهم الفن في خدمة الكثير من القضايا حيث كان له دور بارز في مواجهة خطاب التطرّف والإرهاب والكراهية، موضحا أن الفنانين العراقيين هم صنّاع الأمل والحياة في العراق، وهذا يجعلهم أمام مسؤولية كبيرة في تصحيح الكثير من المسارات الخاطئة، وجعل الفن عطاءً ثرّاً في البناء والإعمار والازدهار.