بحسب الاتفاق لتطبيع الاوضاع الامنية والادارية في سنجار، سيتم تعيين 1500 شاب ايزيدي للمشاركة في حفظ الامن، ما يبعث على ارتباح دولي، ويثير حفيظة حزب العمال الكردستاني.

إيلاف من لندن: فيما اعلن في بغداد عن تفاصيل الاتفاق حول تطبيع الاوضاع الامنية والادارية في قضاء سنجار العراقي الشمالي معقل الايزيديين، تم الاتفاق على تعيين 1500 شاب ايزيدي للمشاركة في حفظ الامن هناك، والذي ستتولاه سلطات بغداد واربيل، فيما تحفظ العمال الكردستاني التركي والجبهة التركمانية على الاتفاق الذي اعلنت كل من واشنطن وباريس وعمان والقاهرة ارتياحها له، معتبرة انه خطوة نحو العودة الآمنة والطوعية للنازحين.

صلاحية حصرية

أعلن احمد ملا طلال، المتحدث باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ان الاتفاق بين بغداد واربيل على تطبيع الاوضاع في سنجار يقضي بتعيين 2500 شاب بينهم 1500 ايزيدي و1000 من نازحي القضاء في المخيمات ضمن القوات الامنية هناك.. مؤكدا في تغريدة على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" أن الاتفاق على إعادة تنظيم الأوضاع الإدارية والأمنية في سنجار هو صلاحية حصرية للحكومة الاتحادية ستتم بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان التزاما دستوريا من الحكومة تجاه مكون أصيل.

اشار الى ان الجهات التي ستمسك الملف الأمني في سنجار ستكون الشرطة المحلية وجهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات حصرًا وأبناء سنجار المنكوبة هم رأس الرمح بهذا الترتيب الأمني".. محذرا من ان أي حديث مخالف لذلك هدفه خلط الأوراق والتقليل من قيمة الإنجاز الذي تحقق.

مدينة سنجار هي مركز قضاء بالاسم نفسه تقع في غرب محافظة نينوى الشمالية على جبل سنجار وتبعد 80 كيلومترا عن الموصل عاصمة المحافظة وتسكنها غالبية ساحقة من الايزيديين واقلية من التركمان والعرب ويبلغ عدد سكانها حوالي 100 الف نسمة وكان تنطيم داعش قد اجتاحها منتصف عام 2014 وارتكب ضد سكانها جرائم ابادة جماعية.

نص الاتفاق

كشفت الحكومة العراقية عن نص اتفاق تطبيع الاوضاع في سنجار الموقع من قبل ممثل الحكومة الاتحادية وكيل جهاز الامن الوطني حميد رشيد فليح ووزير داخلية إقليم كردستان ريبر احمد خالد والذي اطلعت على مضامينه "ايلاف".

تضمن ثلاثة محاور تخص الامن والإدارة وإعادة الاعمار وابعاد منظمة حزب العمال الكردستاني التركي من قضاء سنجار والمناطق المحيطة بها. في المحور الإداري سيتم اختيار قائممقام جديد لقضاء سنجار يتمتع بالاستقلالية والمهنية والنزاهة والمقبولية والنظر في المواقع الإدارية الأخرى من قبل اللجنة المشتركة المشكلة من الطرفين.. بينما يتضمن المحور الامني تولي الشرطة المحلية وجهازي الأمن الوطني والمخابرات حصراً مسؤولية الأمن في داخل القضاء وإبعاد جميع التشكيلات المسلحة الأخرى خارج حدود القضاء وتعيين 2500 عنصر ضمن قوى الأمن الداخلي في سنجار، وإنهاء تواجد منظمة حزب العمال الكردستاني التركي من سنجار والمناطق المحيطة بها وأن لا يكون للمنظمة وتوابعها أي دور في المنطقة.

بالنسبة لاعادة الإعمار، نص الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان لإعادة إعمار القضاء بالتنسيق مع الإدارة المحلية في نينوى وتحديد مستواها وتفاصيل مهامها من قبل رئيس الوزراء الاتحادي ورئيس وزراء إقليم كردستان إلى جانب تشكيل لجنة ميدانية مشتركة لمتابعة تنفيذ سير ما جاء في الاتفاق الذي وقع الجمعة الماضي.

العمال الكردستاني والجبهة التركانية يتحفظان

علق عضو لجنة العلاقات في حزب العمال الكردستاني كاوه شيخ موس على الاتفاق قائلًا إن حزبه هو من حرر القضاء ابان الحرب مع داعش عام 2015، بعد ان احتله مدة عام.

قال شيخ موس إن "الاتفاق بين المركز والاقليم بشأن سنجار هو شأن داخلي ولاعلاقة لنا به وأهالي سنجار هم من يقررون مصيرهم ولهم الحق برفض الاتفاق أو القبول من دون ان يوضح فيما اذا كان مسلحو الحزب سيغادرون القضاء ام لا.

أضاف المسؤول في حزب العمال في حديث مع وكالة "بغداد اليوم" تابعته "ايلاف" أن "أهالي سنجار وبمساندة من حزب العمال حرروا القضاء من سيطرة داعش ولم تحررها البيشمركة ولا الجيش التركي ومن يعتبر هذا الاتفاق انتصاراً على حزب العمال فهي هزيمة له لأننا حررنا الأرض وسلمناها لأهلها منذ سنوات".

من جانبها، طالبت الجبهة التركمانية العراقية بتطبيق 5 شروط لإنجاح اتفاق سنجار وقالت في بيان حصلت "ايلاف" على نسخة منه انها "تدعم كل الحلول التي تساعد على إعادة الإستقرار والأمن وعودة النازحين الايزيديين وكافة أبناء محافظة نينوى".. مستدركة ان ذلك مرهون بتطبيق 5 شروط.

واشارت الى ان هذه الشروط تقضي بأن سنجار من الاقضية التابعة لمحافظة نينوى وجزء لا يتجزأ منها ولا علاقة للاتفاق بالمادة 149 الدستورية حول كركوك او بالمستقبل الاداري للقضاء، وابقاء الملف الاداري والامني في القضاء بيد الحكومة الاتحادية اضافة الى اخراج قوات حزب العمال الارهابية من القضاء لان وجودها مخالف للدستور العراقي.

اشترطت الجبهة التي تمثل المكون التركماني في البلاد تخصيص الاموال اللازمة من صندوق اعادة الاعمار لاكمال البنى التحتية في القضاء وتسهيل عودة النازحين اليه، واشارت الى انه كان من الضروري اشراك جميع مكونات محافظة نينوى في الحوارات التي افضت الى الاتفاق والاصرار على حل مشاكل بعض المناطق كصفقات بين بغداد واربيل منهج خاطئ ولا يؤدي الى الاستقرار الدائم.

خطوة أولى

لقي الاتفاق ارتياحا دوليا حيث عبرت عدة دول عن املها في ان يحل المشاكل الامنية والسياسية في قضاء سنجار.

رحبت فرنسا بالاتفاق معتبرة انه خطوة أولى بحاجة الى خطوات أخرى من اجل ان يتمكن النازحون من العودة الى مناطقهم.
وقالت القنصلية الفرنسية في اربيل ان "فرنسا ترحب بالاتفاق المبدئي بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية الفيدرالية حول الامن والإدارة في سنجار وهو المكان الذي تعرض فيه الايزيديون للتطهير ".

اضافت ان الاتفاق "خطوة أولى بحاجة الى خطوات أخرى من اجل ان يتمكن الناجون من إعادة بناء انفسهم والنازحون من العودة الى مناطقهم وان يتمكن كل سكان القضاء من الحصول على فرصة العيش بأمان وكرامة".. ونوهت الى ان فرنسا تشارك بنشاط في جهود الإغاثة الإنسانية في تنمية القضاء وستواصل مع حكومتي بغداد واربيل للوصول الى هذا الهدف.

رحبت الإدارة الأميركية بالاتفاق وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس في بيان إن "الولايات المتحدة مسرورة بالخطوات التي اتخذتها حكومتا بغداد وأربيل لحل المشاكل السياسية والأمنية في سنجار". وعبرت عن الامل في
"أن تمهد الاتفاقية الطريق للظروف التي من شأنها تسريع إعادة الحياة إلى سنجار وتهيئة العودة الآمنة والطوعية للنازحين الذين تم تهجيرهم من قبل داعش". شددت أورتاغوس على أهمية حماية حقوق أهالي سنجار الذين تعرضوا للمجازر.

إلى جانب العراق

كما رحبت الأردن بالاتفاق وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية في بيان إن المملكة وبتوجيهات الملك عبدالله الثاني تقف بالمطلق إلى جانب العراق وتدعم الحكومة العراقية في جهودها لتجاوز كل التحديات وحماية أمن العراق واستقراره وسيادته، وتحقيق طموحات الشعب العراقي الشقيق في النمو والازدهار.

كما اعربت مصر عن دعمها لما تتخذه الحكومة العراقية من إجراءات تهدف إلى مكافحة التطرف والإرهاب لتحقيق الأمن والاستقرار في ربوع العراق وصون سيادته، وبما يُلبَّي تطلعات الشعب العراقي الشقيق في الاستقرار والتنمية والازدهار.
وكانت الامم المتحدة قد اعتبرت الاتفاق بانه "خطوةً أُولى ومهمة في الاتجاه الصحيح تمهّد الطريقَ لمستقبلٍ أفضل".

وأعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن أملها في أن يكون الاتفاق بداية "فصل جديد لسنجار تأتي فيه مصلحة أبناء سنجار في المقام الأول وأن تساعد هذه البداية الجديدة النازحين على العودة لمنازلهم وأن تسرع من وتيرة إعادة الإعمار وتؤدي إلى تحسين تقديم الخدمات العامة. واشارت قائلة الى أنه "لكي يحدث ذلك، هناك حاجة ماسة لحكم مستقر وهياكل أمنية".

حل مشاكل المناطق المتنوعة اثنيا ودينيا

الجمعة الماضية، اعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن دخول بلاده مرحلة بدء حل مشاكل جميع المناطق المتنوّعة إثنياً ودينياً بتوقيع اتفاق بين حكومتي بغداد واربيل وصف بالتاريخي لتطبيع الاوضاع في مدينة سنجار والسيطرة على ادارتها واخراج مسلحي حزب العمال التركي الكردستاني منها.

أشار الى أن القانون كفيل ببناء أساس لدولة قوية تسودها المواطنة، وترعى التنوع الديني والأثني. وهو مبدأ لن نتخلى عنه إذ يرتبط بمستقبل العراق ووحدته .. مؤكداً أن التأخر في إعادة الاستقرار الى سنجار كان على حساب الأهالي الذين عانوا بالأمس من عصابات داعش الارهابية ويعانون اليوم من نقص الخدمات. وتعهّد بأن تبذل الأجهزة الحكومية قصارى جهدها لأجل المضي قدماً في البحث عن المختطفات والمختطفين الأيزيديين.

كان تنظيم داعش قد احتل مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى في يونيو 2014 ثم اجتاح سنجار في الثالث من آب اغسطس من العام نفسه حيث ارتكب جريمة ابادة جماعية ضد الاكراد الإزيديين واستعبد النساء وجنّد لأطفال الصغار ما ادى الى نزوح مئات الآلاف الآخرين قبل أن يتم تحريرها في 13 اكتوبر 2015.