إيلاف من الرباط: قال عبد الإله ابن كيران رئيس الوزراء المغربي السابق، والامين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، إنه "لا يجوز إطلاقا قتل الأبرياء"، وأنه "حتى الذين يستهزؤون برسول الله صلى الله عليه وسلم، يمكن أن نرد عليهم بالكلمة"، مشيرا إلى أن "الله سبحانه وتعالى أمرنا ألا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، ونرد عليهم بالحوار، ونرد عليهم بالمظاهرات إن كان ذاك ممكنا، ونرد عليهم بالمقاطعة إن شئنا".
وشدد ابن كيران، في كلمة مصورة بثها الخميس، في حسابه الرسمي بــ"فيسبوك"، أشار في بدايتها إلى "الخبر السيء" المتعلق بالحادث الإرهابي الذي هز مدينة نيس الفرنسية، على أن "بعض الذين لم يفقهوا شيئا وجهلوا دينهم يتسببون لنا في حرج شديد، وفي مشقة عظيمة، ويقلبون أفراحنا أحزانا".
لا يجوز
قال بن كيران، موجها كلامه إلى "عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وخصوصا في دولة فرنسا": "إن الذي أراه يقع من بعض الشباب أو غير الشباب من محاولة للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الانتقام له لا يجوز شرعا. أنا لا أقول لكم إن هذه الأعمال العنفية والإرهابية لا جدوى منها. أنا لا أقول لكم هذا. أنا أقول إن هذا لا يجوز. بصفتكم مسلمين، سوف تلقون الله سبحانه وتعالى ويحاسبكم على ما تفعلون. وأنكم إنما سلكتم هذا الطريق حسبما تتخيلون لكي تنالوا الحظوة عند ربكم. أقول لكم إن هذا الطريق خاطئ ولا يجوز".
ودعا ابن كيران العلماء إلى "أن يشرحوا لعموم المسلمين أن الدفاع عن الرسول الكريم لا يمكن أن يكون بالعنف المدني".
وزاد قائلا : "هذا موقفي، وهو قديم. لا يجوز إطلاقا قتل الأبرياء. وحتى الذين يستهزؤون من رسول الله يمكن أن نرد عليهم بالكلمة. والله سبحانه وتعالى أمرنا ألا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، ونرد عليهم بالحوار، ونرد عليهم بالمظاهرات إن كان ذاك ممكنا، ونرد عليهم بالمقاطعة إن شئنا. ولكن لا يجوز، وأقول وأكرر حسب علمي بهذا الدين وحسب فهمي له، لا يجوز إطلاقا أن ندخل في هذا العنف المدني الذي فيه نعتدي على أشخاص لا علاقة بيننا وبينهم، ذهبنا إلى بلدانهم إما طلبا للرزق وإما سعيا وراء الحرية وإما بحثا عن العدالة، وطبعا لما صدر منهم ما يسيء إلى نبينا ندخل في عمليات لا يمكن أن نسميها إلا أنها عمليات إرهاب وعنف. هذا في رأيي لا يجوز شرعا".
تناصحوا
دعا ابن كيران "كل المسلمين" إلى "أن يتناصحوا، خصوصا المسلمين الموجودين في فرنسا، وأن يذكر بعضهم بعضا بأن هذا لا يجوز، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إليه المسلمون بعد أن ذاقوا من المشركين أنواع الأذى وأصنافه، وصلت إلى القتل، وكانوا يسألونه أن ينتقموا لأنفسهم، فنهاهم الرسول صلى الله عليه سلم وأمرهم أن يقيموا الصلاة وأن يكفوا أيديهم وألا يقتلوا أحدا وألا يقاتلوا إطلاقا".
وأضاف ابن كيران أننا "دخلنا اليوم إلى مرحلة من تاريخ البشرية، أصبح من الممكن الحوار والجدال، وهذا في تقديري في هذه المرحلة يكفينا". قبل أن يستدرك بالقول: "وحتى وإن أساؤوا إلى نبينا فالله تعالى تكفل بالدفاع عن نبيه من فوق سبع سماوات، وقد قال تعالى "إنا كفيناك المستهزئين"".
ودعا ابن كيران إلى قراءة والتمعن في كتاب الله، مشددا على أن "الرسول صلى الله عليه وسلم ليس في حاجة إلى دفاعنا، وإن كنا اليوم ندافع عنه فإننا ندافع عنه لكي ننال شرف ذلك، أما هو فقد رفع الله اسمه في العالمين، فلا أحد فوق الأرض اليوم يذكر اسمه مقرونا باسم الله أكثر من محمد صلى الله عليه وسلم".
وشدد ابن كيران على أن "أفضل طريقة للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التأسي بأخلاقه وأقواله وأعماله والالتزام بما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى في كتاب الله، ثم في سنته صلى الله عليه وسلم التي بها كان لنا فيها في يوم من الأيام الشأن الأول في الدنيا، والتي بها رفع الله سبحانه وتعالى رفع الله سبحانه وتعالى من قيمتنا، والتي بالتخلي عنها في العمق والحقيقة وصلنا إلى ما وصلنا إليه من الذل والهوان".
اعتذار واعتدال
من جانب آخر، لم يخف ابن كيران انتقاده للرئيس الفرنسي وباقي المسؤولين الفرنسيين، وكذا الإعلام الفرنسي الذي وصفه بـ"المغرض"، راجيا "أصدقاءنا الفرنسيين" أن "يعتذروا وأن يعتدلوا إن أمكن".
وقال ابن كيران، في هذا الصدد، إنه "متأكد أن السيد ماكرون أخطأ في هذه المقاربة كلها، وأخطأ خصوصا لما تبنى كرئيس دولة الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما هو الذي أمر بنشر الرسومات الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم".
وزاد بنكيران منتقدا الأعمال السلبية التي تصدر عن المسؤولين الفرنسيين، وعلى رأسهم الرئيس ايمانويل ماكرون، مشددا على أنه "لا علاقة لحرية التعبير بالاعتداء على عقائد الناس".
وأضاف ابن كيران مخاطبا عموم المسلمين: "أنا مثلكم حزين ومرتبك منذ أن بدأ ماكرون هذه الحملة على الإسلام بتصريحات حول أزمة المسلمين، ومنذ أن بدأت الحادثة الأولى التي ذهب ضحيتها أستاذ فرنسي ثم ذهب ضحيتها القاتل نفسه، ومنذ أن اهتزت الأمة على تبرير الإساءة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، وتبني ذلك من قبل ماكرون وإذن من الدولة الفرنسية من خلال الرسومات المسيئة".
منع
دعا ابن كيران، في ختام كلمته، عموم المسلمين إلى أن ينتبهوا إلى أقاربهم وذويهم، وإلى أي شخص لاحظوا عليه أو سمعوا منه كلاما مفاده أنه يتهيأ لعمل عنفي، أن يمنعوه. وقال : "إن ذلك في صالحه وفي صالحكم وفي صالح الأمة الإسلامية وفي صالح الإسلام". واستدرك: "لا تجوز الإساءة إلى أي فرنسي لا بالعنف ولا بالإرهاب .. في أي أرض من أرض الله".