ايلاف من الرباط: تواصلت، أمس، فعاليات"محادثات حوارات الأطلسي" المنعقدة هذا العام في دورة افتراضية من مؤتمرها السنوي الذي ينظمه "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد" في موضوع "أزمة كوفيد – 19 من منظور جنوب الأطلسي" ما بين 3 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري و22 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بجلسة حول موضوع "الصحة العمومية: مجال جديد لعمل المنظمات والتحالفات العسكرية"، أشرفت على تسييرها كيم دوزيير الصحفية المتعاونة مع "تايم ماكازين" والمحللة المتخصصة في العلاقات الشاملة لدى قناة (سي إن إن)، تم خلالها التطرق لدور الجيوش خلال أزمة (كوفيد – 19) وفي الأزمات الصحية المقبلة.

وقال الإيطالي غابرييل كاسكوني، رئيس قسم محاربة الإرهاب لدى حلف الشمال الأطلسي، إن منظمته لم تكن أكثر استعدادا من بقية البلدان والمؤسسات لمواجهة أزمة (كوفيد – 19).

وأضاف: "لقد توصلنا طوال سنوات بتقارير محذرة من احتمال حدوث أوبئة. رغم ذلك، لا يدخل الاستعداد للجوائح والأوبئة في صلب اهتمامات حلف الشمال الأطلسي وغيره من التحالفات. لقد نجحت المؤسسات في العمل تحت ضغط الجائحة والكارثة العالمية، وأصبحنا أكثر استعدادا حاليا".

من جهته، أكد اللواء الأميركي باري سوغان، المرشد البارز لدى حلف الشمال الأطلسي بالقيادة العامة للقوات في المتحالفة في أوروبا، أن "ولاية التحالفات العسكرية لا تشمل الاستجابة للأوبئة، حتى وإن كانت قادرة على حشد قواها للقيام بذلك عند الضرورة". وذكر: "لقد تأخرنا، كبلدان وتحالفات، في الاعتراف بالطابع المستعجل للجائحة على الصعيد الكوني". وأضاف متحدثا عن مستقبل التعاطي مع الجائحة: "يقال أن إدارة الرئيس بايدن ستكون ذات توجه دولي أكبر. وأعتقد أن الولايات المتحدة ستنضم إلى منظمة الصحة العالمية، وستسعى إلى النهوض بالتعاون بين الشركاء والحلفاء عبر العالم".

من جانبه، قال خوان باتاليمي، المدير الأكاديمي للمجلس الأرجنتيني للعلاقات الدولية: "كنا نعرف أن الأزمة آتية، لكننا حاولنا التقليل من آثارها على مستوى الوعي. لقد ساهم التحالف الذي يمثله مجلس الدفاع عن أميركا الجنوبية في عمليات حفظ السلام والعمليات الإنسانية، كما كان الشأن خلال زلزال هايتي سنة 2010. وقامت الجيوش في المنطقة بتحسين صورتها، وأضحت نسبة الآراء الإيجابية حولها تتراوح بين 60 و65 في المائة، ولاسيما في الأرجنتين والبرازيل، وذلك عبر تقديم الدعم للفئات الهشة والمستضعفة. وفي المقابل، ما زالت فنزويلا نقطة سوداء. إنها واحد من أسوء الأماكن التي يمكن أن يصاب فيها المرء بـ(كوفيد – 19). إن هذا البلد مرشح لاستقبال عملية حفظ سلام لمواجهة كوفيد، لأن الحكومة بصدد الانهيار ويبدو المستقبل قاتما، مع ما يعنيه ذلك من تهديد لدول الجوار".

وجوابا على سؤال مدى تأثير الجائحة على المجموعات الإرهابية، طرحته كيم دوزيير، أجاب غابرييل كاسكوني أنه لا توجد بيانات إحصائية حول هذا الموضوع، قبل أن يستدرك: "رغم ذلك شكلت الجائحة عقبة أمام هجمات إرهابية، بسبب تدابير الحجر وعمليات المراقبة البوليسية. من البديهي، أيضا، أن الجائحة منحت فرصا جديدة للإرهاب، خصوصا مع التطرف والاستقطاب عبر الانترنت. أخيرا، تسببت الجائحة في أزمة اقتصادية عميقة، زادت في تفاقم التفاوتات، مما يزيد من مبررات الالتحاق بالجماعات الإرهابية. لكن، بالنسبة للكثير من الإرهابيين، لم تكن الجائحة سوى خطر جديد. حيث واصلوا عملياتهم، كما رأينا في منطقة الساحل".

وأوضح باري سوغان أن حلف الشمال الأطلسي أجبر على تقليص أنشطته، مع الحفاظ على مهمة الدفاع والردع، مما أدى إلى انخفاض مؤشرات وإشارات التحذير المرسلة إلى القيادات العامة. وأضاف: "تجاهلت المجموعات الإرهابية الجائحة، وحاولت الاستفادة منها في المناطق التي يحاولون السيطرة عليها. ويلعب التضليل الإعلامي دور مهما، خصوصا في أفغانستان، حيث يقوم حلف الشمال الأطلسي ببذل الجهود لمواجهة خطاب حركة طالبان".

وخلص خوان باتاليمي إلى القول: "سنعيش في ظل فيروس (كورونا) حتى عام 2023. وجدت العصابات والكارتيلات من أميركا اللاتينية في الجائحة فرصة. وقد سمحت لمجموعات يسارية في أميركا الوسطى بنشر التضليل والأخبار الزائفة. على أي حال، تتجاوز أزمة (كوفيد – 19) المشاكل الناجمة عن الاحتجاجات الاجتماعية. لذلك لا يطرح إشراك الجيش في جهود الاستجابة سوى مشكل واحد: الفساد وليس طريقة القيام بذلك".

يشار إلى أن "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد" هو مركز مغربي للدراسات، تم إنشاؤه عام 2014 في الرباط، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزأ لا يتجزأ من الجنوب الشامل. وعلى هذا الأساس يعمل المركز على تطوير مفهوم "جنوب جديد" منفتح ومسؤول ومبادر؛ جنوب يصوغ سرديته الخاصة، ويبلور تصوراته ومنظوره لحوض المتوسط والجنوب الأطلسي، في إطار خال من أي مركب تجاه باقي العالم.