إيلاف من لندن: فيما تستأنف المحكمة الإتحادية العراقية الأربعاء المقبل النظر في دعوى خاسري الانتخابات ومطالبتهم بإلغائها والذين صعدوا احتجاجاتهم الجمعة أمام أبواب المنطقة الخضراء يثار جدل وتوقعات حول قرار المحكمة إزاء الدعوى.
واليوم صعّد رافضو نتائج الانتخابات من أنصار تحالف الفتح المظلة السياسية للمليشيات العراقية الموالية لإيران بزعامة هادي العامري من احتجاجاتهم أمام بوابات المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد والتي أطلقوا عليها "جمعة .. وإذا قلتم فاعدلوا" وتسلّق عدد منهم الجدران الكونكريتية حول البوابات في محاولة لاقتحام المنطقة وسط إجراءات أمنية مشددة أغلقت خلالها القوات الأمنية جسري الجمهورية والسنك المؤديين إلى هناك فيما تجوب العجلات العسكرية المدرعة حول محيط الخضراء.
ويعتبر تحالف الفتح أكبر الخاسرين في الانتخابات المبكرة التي جرت في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إذ لم يحصل إلّا على 17 مقعدًا من مقاعد البرلمان البالغة 329 في هزيمة تشكل صفعة وجهها العراقيون لأنصار طهران بعد أن كان يحوز على 48 في برلمان انتخابات عام 2018 ما فجّر غضب أنصاره ورفضهم للنتائج مهدّدين باستخدام السلاح وحيث يواصلون اعتصامًا احتجاجيًّا اقترب من شهره الثالث أمام المنطقة الخضراء التي تضم مقرات الرئاسات الثلاث والسفارات الأجنبية تتقدّمها الأميركية والبريطانية إضافة إلى مقرّي بعثتي الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي.


العامري وقادة تحالف الفتح خلال حضورهم جلسة المحكمة الاتحادية للنظر في دعواهم القضائية ضد المفوضية العليا للانتخابات في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2021 (تويتر)


خيارات
يأتي هذا التصعيد فيما تطرح على الساحة السياسية العراقية حاليًّا ثلاث توقّعات حول قرار المحكمة الإتحادية من الدعوى التي أقامها رئيس تحالف الفتح هادي العامري ضد المفوضية العليا للانتخابات متهمًا إياها بتزوير الاقتراع المبكر الذي جرى في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي والتلاعب بنتائجه مطالبًا بإلغائها مايعني إلغاء الانتخابات برمّتها.
وتتّجه التوقعات نحو ثلاثة مسارات أشارت إليها مصادر قانونية في لقاءات وتصريحات تابعتها "إيلاف" أولاها الحكم برد الدعوى نظرًا لعدم اختصاص المحكمة بالقضية أو الحكم بعد يدوي جزئي لمحطات الإقتراع في بعض المحافظات أو إعادة العد اليدوي الشامل لجميع المراكز الانتخابية وبنسبة محددة.
وكانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت في 30 من الشهر الماضي النتائج النهائية للانتخابات وأرسلتها في اليوم التالي إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها لكن الشكوى بتزويرها قد أُخّر لحد الآن هذه المصادقة.

ردّ الدعوى لعدم الاختصاص
ويشير القاضي السابق رحيم العكيلي إلى أنّ تسلم المحكمة الاتحادية للدعوى لإلغاء نتائج الانتخابات لا يعني أنها المختصة بذلك منوّهًا إلى أن
شكوى العامري لإلغاء نتائج الانتخابات لا تختص بها المحكمة الاتحادية لأن الدستور حدّد دور تلك المحكمة في المصادقة على النتائج فقط".
وأضاف أن "قانون الانتخابات والدستور حدّد أدوار وطرق طعن لفض المنازعات والشكاوى والطعن بالتزوير عبر مجلس مفوضي مفوضية الانتخابات وقرارته قابلة للطعن فيها أمام الهيئة القضائية الانتخابية ثم تخضع النتائج النهائية للمصادقة أمام المحكمة الإتحادية".
ورأى أنّ هذه الدعوى "ستُرد بداعي عدم الإختصاص". وأوضح أنّ "إجراءات المحكمة بتسلّمها الدعوى وتسجيلها واستماع أقوال الطرفين روتين قانوني تفعله أي محكمة حتى لو كانت تعرف أن نتيجة الدعوى هي الرد". وأشار إلى إنّ "القوى السياسية الخاسرة هي حاليًّا أمام اللحظة الأخيرة لذلك فهي تبذل كل جهودها من أجل الوصول إلى نتيجة "فإمّا إلغاء الانتخابات فهذا لا أتصوّر حصوله أبدًا". وأضاف أن "المحكمة الإتحادية لديها مساران الآن: فإما المصادقة على الانتخابات، أو النظر بدعوى إلغاء الانتخابات وبرأيي أنّ المحكمة تعتقد أنه لا بدّ لها أن تؤخر المصادقة لحين الانتهاء من دعوى إلغاء الانتخابات ومن ثم يمكنها المصادقة على النتائج النهائية".

إعادة العدّ اليدوي بنسبة محددة
ومن جهته توقّع مصدر قانوني مطّلع بأن تصدر المحكمة الإتحادية قراراً يقضي بإعادة العد اليدوي لجميع المحطات الانتخابية في عموم البلاد بنسبة محدّدة.
ورأى أنّ "المحكمة الإتحادية أمامها خياران لا ثالث لهما لتجاوز أزمة نتائج الانتخابات من بينها العد الجزئي لمحطات بعض المحافظات، والثاني يكون إعادة العد الشامل لجميع المراكز الانتخابية وبنسبة محدّدة". وأشار إلى أنّه "بحسب المعلومات الواردة من المحكمة فإنها بصدد إصدار قرار يقضي بإعادة العد اليدوي لجميع مراكز الاقتراع في محافظة بغداد التي يقول الخاسرون إنّها شهدت أكبر عدد من عمليات التزوير إلى جانب محافظة أخرى تسميها المحكمة أو إعادة العد والفرز اليدوي لجميع المحطات الانتخابية في عموم البلاد وبنسبة 20 بالمئة" من عددها البالغ 55041 محطة .
وكانت المحكمة الإتحادية قد أجّلت في جلستها الثانية التي عقدت الثلاثاء الماضي للنظر في الدعوى إلى الأربعاء المقبل وقال القاضي جاسم محمد عبود رئيس الجلسة التي ضمّت تسعة قضاة آخرين "قرّرت المحكمة تأجيل موعد المرافعة إلى يوم 22 كانون الأول/ديسمبر لغرض إمهال وكلاء المدعي لتقديم آخر دفوعهم" وإكمال المحكمة النظر بالدعوى "وفقًا لما جاء في اللوائح المقدّمة في هذه الجلسة".


عمليات العد اليدوي لأصوات الناخبين التي يطالب بها خاسرو الانتخابات (أ ف ب)

صاحب الدعوى
أما صاحب الدعوى هادي العامري فإنه يؤكّد أنّ تحالفه قدّم أدلة دقيقة إلى المحكمة الإتحادية كفيلة بإلغاء نتائج الانتخابات مشدّدًا على أنّ "الأدلة الدقيقة التي قُدّمت إلى المحكمة كفيلة بإثبات تزوير الانتخابات وإلغاء نتائجها".. وأضاف أنّ تقرير الشركة الفاحصة لأجهزة الاقتراع أشار إلى إمكانية تزوير نتائج الانتخابات دون أي أثر جرمي والمفوضية تقول إنّ هذا التهديد الخطير مقبول".
وكان التحالف قد قدّم طعوناً الشهر الماضي مرفقة ببعض الوثائق التي تشكّك بنزاهة الانتخابات مطالبًا المحكمة بالنظر فيها، تبعه رئيس الوزراء الأسبق رئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي الذي قدّم 14 من "الطعون الموثقة بالأدلة" كما وصفها قائلاً إنّها شكّلت خروقات فنية وإدارية أدّت إلى تغيير نتائج الانتخابات وسبّبت ضرراً كبيراً وحرفاً عن حقيقة الأرقام الصحيحة للناخبين مطالبًا بإبطال العملية الانتخابية بالكامل وفقًا لأحكام الدستور وعملًا بأحكام القاعدة الفقهية والقانونية بأنّ "ما بُني على باطل فهو باطل" بحسب قوله.

تأخر الترتيبات الرسمية
وإزاء تأخّر قرار المحكمة الإتحادية في الحكم بالدعوى الذي يتوقّع أنه سيمتد إلى مطلع العام الجديد فإنّ المصادقة على نتائج الانتخابات ستتأخّر بدورها ومعها ترتيبات المرحلة الدستورية إلى ما بعد بت المحكمة في الدعوى القضائية.
وتقتضي هذه الترتيبات بعد المصادقة على النتائج وعلى أسماء الفائزين بعضوية مجلس النواب الجديد أن يدعو رئيس الجمهورية برهم صالح مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال مدة أقصاها 15 يوماً برئاسة النائب الأكبر سناً لانتخاب رئيس البرلمان ونائبيه. ويعقب ذلك جلسة أخرى للبرلمان يتم خلالها انتخاب رئيس للجمهورية سيتولّى بدوره تكليف الكتلة البرلمانية الأكبر لترشيح رئيس للحكومة الجديدة على أن يتم ذلك خلال مدة أقصاها شهر واحد وفي غضون ذلك ستتواصل المفاوضات حول تشكيل الحكومة المقبلة التي يصر الفائز في الانتخابات مقتدى الصدر على أن تكون حكومة أغلبية فيما تريد القوى الأخرى أن تكون توافقية.