الجزائر : أعلنت الجزائر السبت استدعاء سفيرها في مدريد للاحتجاج على "انقلاب مفاجئ" من جانب إسبانيا التي أعربت عن دعمها لمقترح المغرب القاضي بمنح حكم ذاتي للصحراء بدل اجراء استفتاء لتقرير المصير كما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

وتميزت العلاقات الجزائرية - الإسبانية بالهدوء منذ عقود، خاصة أن مدريد تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري، ما جعلها بمنأى عن أزمة الغاز العالمية الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية الجزائرية نشرته وسائل الإعلام الحكومية، أن السلطات الجزائرية "استغربت الانقلاب المفاجئ والتحول في موقف اسبانيا ،وعليه قررت الجزائر استدعاء سفيرها في مدريد فورا للتشاور".

وأعلنت إسبانيا المستعمر السابق للصحراء ،التي استرجعها المغرب عام 1975بواسطة ’’المسيرة الخضراء’’ السلمية، الجمعة، تغييرًا جذريًا في موقفها في هذا الملف الحساس، من خلال دعمها موقف الرباط علنًا وللمرة الأولى، فيما كانت دائمًا تتبنى موقفًا حياديًا.

وصرح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الجمعة، أمام الصحافيين في برشلونة أن إسبانيا "تعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي المُقَدّمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع" بين الرباط وجبهة بوليساريو.

وسبق تصريح ألباريس إعلان الحكومة الاسبانية عن "مرحلة جديدة في العلاقة مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل واحترام الاتفاقات وغياب الإجراءات الأحادية والشفافية والتواصل الدائم".

وجاء الاعلان بعد بيان للديوان الملكي المغربي أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اعتبر فيها أن مبادرة "الحكم الذاتي" المغربية "بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف".

وأشادت الرباط "عاليا بالمواقف الإيجابية" و"الالتزامات البناءة" لاسبانيا إزاء مقترح المملكة منح حكم ذاتي لحل نزاع الصحراء الغربية، ما من شأنه تحسين العلاقات المتأزمة بين الجارين.

ونشب الخلاف الدبلوماسي الكبير بين مدريد والرباط في أبريل 2021 بسبب استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بإسم مستعار هو ’’ محمد بن بطوش’’ للعلاج بعد إصابته بفيروس كوفيد-19.

وتلى ذلك في مايو الماضي وصول أعداد كبيرة من المهاجرين المغاربة إلى جيب سبتةالذي تحتله إسبانيا شمال المغرب .

وكان المغرب قد استدعى سفيرته في إسبانيا للتشاور، ولم تعد إلى مدريد حتى الآن.

ومن المقرر أن يجري سانشيز زيارة إلى المغرب، وفق مدريد التي لم تحدد موعدها، كما سيزور وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الرباط "قبل نهاية الشهر الجاري" في إطار تطبيع العلاقات بين البلدين.

لكنّ هذا التحول من جانب سانشيز يمكن أيضًا أن يؤدي إلى توترات قوية داخل حكومته مع حلفائه من اليسار الراديكالي "بوديموس" المؤيدين لانفصاليي جبهة البوليساريو .

وبحسب أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة مدريد الحرّة، برنابي لوبيز ، فإن البادرة الإسبانية بشأن الصحراء تهدف بشكل خاص إلى الحصول من الرباط على التحكّم في تدفقات المهاجرين،وذلك من أجل "تضييق الخناق قليلاً وأن يكون هناك مزيد من الرقابة على الحدود وليس هذا الغياب المتعمد لأي سيطرة على الوضع من جانب المغرب".

من جهتها،عبّرت جبهةالبوليساريو في بيان السبت عن "استغرابها" موقف الحكومة الاسبانية الذي "يتناقض بصفة مطلقة مع الشرعية الدولية".