أصدرت محكمة روسية حكما يقضي بالسجن المشدد بحق المعارض البارز أليكسي نافالني بعد إدانته بتهم الاحتيال وإهانة القضاء.

وكان نافالني قد اعتُقل عندما عاد إلى روسيا العام الماضي بعد أن نجا من محاولة تسميم اتهم بها الكرملين.

ويقضي المعارض بالفعل عقوبة السجن ثلاث سنوات ونصف لخرقه شروط الإفراج عنه بكفالة أثناء وجوده في المستشفى.

وكان المدعون في القضية قد اتهموا نافالني بسرقة 4.7 مليون دولار من تبرعات مقدمة لمنظماته المحظورة الآن، بما في ذلك مؤسسة كانت تهدف إلى مكافحة الفساد.

وصدر حكم بسجنه تسع سنوات بعد إدانته بالاحتيال وإهانة القضاء.

وقالت القاضية، مارغريتا كوتوفا، في حكمها، إن نافالني ارتكب "سرقة ممتلكات من جانب جماعة منظمة".

وشوهد نافالني، الذي بدا هزيلا بشكل واضح، وهو يتبادل التعليقات مع محاميه أثناء النطق بالحكم.

واتهم السلطات بالتشويش على "كلمته الأخيرة" في المحكمة، وكتب تغريدة أكد فيها مواصلته وأنصاره محاربة الرقابة من أجل "نقل الحقيقة إلى الشعب الروسي".

المعارض الروسي أليكسي نافالني
Getty Images
المعارض الروسي أليكسي نافالني أثناء مشاركته في تجمع من أجل "حرية الانترنت"

كما اعتقل محامو نافالني لبعض الوقت، بعد وقت قصير من النطق بالحكم.

وعُقدت المحاكمة في مجمع سجون في بوكروف، الذي أُرسل إليه نافالني العام الماضي بعد سجنه بتهمة خرق شروط الإفراج عنه بكفالة.

وكان نافالني تعرض لمحاولة تسميم في ألمانيا في أغسطس/آب 2020.

وينفي الكرملين أي تورط له في قضية تسميم نافالني، الذي أصبح أبرز المنتقدين للرئيس فلاديمير بوتين.


لا مساحة للمعارضة

كارولين ديفيز مراسلة بي بي سي - موسكو

لا يعد هذا الحكم مفاجأة بالنسبة لأولئك الذين تابعوا قضية أليكسي نافالني.

فقد أعلنت السلطات الروسية مؤسسته، "إف بي كيه" لمكافحة الفساد، متطرفة، وتعرض للتسميم وسُجن بالفعل، والآن يواجه منعا من الحياة العامة لمدة عقد تقريبا.

وعلى الرغم من وجوده خلف القضبان، دعا نافالني إلى احتجاجات على ما تصفه روسيا بعمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ويخشى أنصاره الآن من أنه وُضع في سجن شديد الحراسة، فضلا عن صدور حكم عليه بعقوبة متزايدة، بسبب ذلك.

وتتواصل حملة القمع الروسية لكل ما يتعارض مع خطة الكرملين.

كما أعلنت السلطات شركة "ميتا"، التي تمتلك فيسبوك وإنستغرام، منظمة متطرفة، مع حظر المزيد من وسائل الإعلام بصفة مستمرة.

ودفع قانون جديد قد يفضي إلى عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاما بسبب أي شيء تعتبره السلطات بمثابة أخبار كاذبة عن الجيش، العديد من الصحفيين المستقلين إلى مغادرة البلاد.

ولا توجد مساحة للمعارضة ضد بوتين في روسيا حاليا.


وقالت كيرا يارامش، متحدثة باسم نافالني، إنه في الوقت الذي ينصب فيه جل تركيز العالم على أوكرانيا، "تُرتكب جريمة وحشية أخرى داخل روسيا".

وأضافت أن حريته لم تكن وحدها على المحك، بل حياته أيضا، لأن من اتهموه سعوا إلى قتله بالفعل في سيبيريا، وقالت يارمش إنه نُقل إلى مجمع سجون ذي إجراءات أمنية مشددة وفي ظروف أكثر صرامة مما هو عليه الآن.

واعترضت منظمة العفو الدولية على المحاكمة، ووصفتها بأنها "صورية". وأدان المستشار الألماني، أولاف شولتز، المحاكمة واعتبرها تتعارض مع سيادة القانون.

وقال ليونيد فولكوف، كبير مساعدي نافالني، إن بوتين رسم العديد من الخطط، من بينها الاستيلاء على كييف في 96 ساعة، لكن خططه تنتهي دائما بالفشل: "وهذا ما سيحدث مع هذه السنوات التسع".

أليكسي نافالني بمع زوجته وابنه في أكتوبر/تشرين الأول 2020
BBC
أليكسي نافالني بعد تعافيه في برلين، مع زوجته يوليا وابنه زاخار في أكتوبر/تشرين الأول 2020

أليكسي نافالني: معلومات أساسية

  • وُلد نافالني في 4 يونيو/حزيران 1976 في منطقة بايتن بموسكو.
  • درس القانون وتخرج من جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو عام 1998.
  • أصبح زميلا (زائرا) في جامعة ييل الأمريكية في عام 2010.

وألقي القبض على نافالني بعد احتجاج في 5 ديسمبر/كانون الأول 2011 ، وسُجن لمدة 15 يوماً، لكنه ظهر للتحدث في أكبر التجمعات التي أعقبت الانتخابات في موسكو في 24 ديسمبر/كانون الأول حينئذ، وحضره ما يصل إلى 120 ألف شخص.

وفاز بوتين في وقت لاحق في الانتخابات التي أجريت لإعادة انتخابه كرئيس بسهولة، وشرعت لجنة التحقيق الروسية القوية في تحقيقات جنائية في أنشطة نافالني السابقة، حتى أنها شككت في أوراق اعتماده كمحام.

وعندما سُجن لفترة وجيزة في يوليو/تموز 2013، بتهمة الاختلاس في مدينة كيروف، نُظر إلى عقوبة السجن لمدة خمس سنوات التي تلقاها على أن وراءها أسبابا سياسية.

وسُمح له، بشكل غير متوقع، بالخروج من السجن للمشاركة في انتخابات رئاسة بلدية موسكو، حيث حصل على المركز الثاني بنسبة 27 في المئة من الأصوات، بعد حليف بوتين، سيرغي سوبيانين.

واعتبر ذلك نجاحاً كبيراً لأنه لم تكن لديه إمكانية الوصول إلى التلفزيون الحكومي، وظل معتمداً فقط على وسيلتي الإنترنت والكلام الشفهي.

وفي نهاية المطاف، ألغت المحكمة العليا الروسية إدانته عقب صدور حكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأنه لم يُمنح جلسة استماع عادلة في المحاكمة الأولى. ثم أدين للمرة الثانية عندما أعيدت محاكمته في عام 2017، وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ. ووصف الحكم بأنه هزلي، قائلا إنها كانت محاولة لمنعه من خوض انتخابات 2018.