لندن: حضرت ليز تراس الأربعاء أول جلسة مساءلة لها في مجلس العموم بصفتها رئيسة للوزراء استبعدت خلالها فرض رسوم استثنائية لتمويل تجميد رفع فواتير الطاقة للتعويض عن الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء والغاز.

وقالت تراس التي عُينت رسميا في المنصب بعد استقالة بوريس جونسون، إنها ستعلن الخميس عن خططها لحزمة دعم اقتصادي لمنع تفاقم أزمة في الأشهر القادمة.

وتدرس تدابير يُعتقد أن قيمتها تتجاوز 130 مليار جنيه استرليني (150 مليار دولار) لتجميد فواتير الطاقة بالنسبة للعائلات والأعمال التجارية التي تعاني من صعوبات فيما يواجه العديد منها خطر الإفلاس هذا الشتاء.

لكن عندما سألها زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر عما إذا سيتم تمويل تلك المبالغ من رسوم استثنائية على أرباح شركات الطاقة ردت تراس بالقول "أنا ضد أي رسوم استثنائية".

وأضافت "أعتقد أنه من الخطأ تثبيط عزيمة الشركات عن الاستثمار في المملكة المتحدة في وقت نحن بحاجة لتنمية الاقتصاد. ... هذا البلد لن يتمكن من النمو بفرض ضرائب".

حددت الجلسة نبرة النقاش بشأن كيفية معالجة الصعوبات الاقتصادية المتوقعة مستقبلا، في وقت تجاوز التضخم العشرة بالمئة في أعلى معدل له منذ 40 عاما.

وفي مؤشر إلى حجم المهمة الملقاة على كاهل تراس لانعاش الاقتصاد، تراجع الجنيه الاسترليني قرابة الساعة 14,00 بتوقيت غرينتش بنسبة 0,96 % ليصل إلى 1,1409 في مقابل الدولار وهو أدنى مستوى له منذ 37 عاما.

خاضت تراس حملتها على وعد بخفض الضرائب رغم تحذيرات من أن ذلك يمكن أن يفاقم التضخم، وتساؤلات بشأن مصدر التمويل.

وأبدت تراس تفاؤلا إزاء الآفاق الاقتصادية لدى دخولها داونينغ ستريت للمرة الأولى كرئيسة للوزراء الثلاثاء.

وقالت "أنا واثقة من أننا معًا يمكننا تجاوز العاصفة"، في إشارة إلى المشكلات التي تواجهها البلاد.

غير أن ستارمر قال إن الناس العاديين قد يدفعوا ثمن سياساتها.

ترأست تراس في وقت سابق الأربعاء اجتماعا لفريقها الحكومي وهو الأكثر تنوعا في تاريخ بريطانيا ويضمّ كواسي كوارتنغ وزيراً المال، وجيمس كليفرلي وزيراً للخارجية، وسويلا برافرمان وزيرة للداخلية.

وإلى جانب مشكلة أسعار الطاقة الملحة يتعين على حكومتها معالجة قضية الترتيبات التجارية مع إيرلندا الشمالية لمرحلة ما بعد بريكست.

وفي مكالماتها الأولى مع زعماء أجانب في وقت متأخر الثلاثاء، تحدثت هاتفيا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ثم الرئيس الأميركي جو بايدن.

اتفقت تراس مع بايدن "على أهمية حماية" السلام في إيرلندا الشمالية، بحسب داونينغ ستريت.

وفي البرلمان قالت تراس إنها "مصممة" على الخروج من "المأزق" وأبدت تأييدها ل"تسوية عن طريق التفاوض" مع الاتحاد الأوروبي.

وفي مكالمتها مع زيلينسكي تعهدت تراس مواصلة الدعم الذي قدمه سلفها جونسون لأوكرانيا في مواجهة روسيا.

فازت تراس البالغة 47 عامًا في اقتراع داخلي لأعضاء حزب المحافظين بدأ أوائل تموز/يوليو، وحصلت على 57% من الأصوات إثر سباق محتدم ضد وزير المالية السابق ريشي سوناك.

لكن في المرحلة الأولى من التصويت، لم تحصل سوى على دعم أقلّ من ثلث أعضاء الحزب.

وهي تواجه حاليًا تحديًا صعبًا يتمثل بإعادة توحيد حزب المحافظين الحاكم بعد معركة مريرة على القيادة. لكن المحللين يشيرون إلى أنها استبعدت جميع أنصار سوناك تقريبا من الحكومة.

وقال الجندي السابق جوني ميرسر إنه يشعر ب"خيبة أمل" لإقالته من منصب وزير شؤون قدامي المحاربين.

وذهبت زوجته فيليستي كورنيليوس ميرسر أبعد من ذلك معتبرة تراس "حمقاء" ونشرت على تويتر صورة تسخر من رئيسة الوزراء الجديدة وتعتبرها شخصية غبية من برنامج "ذا مابيتس".

نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" الاثنين عن مصدر حكومي قوله إن أعضاء مجلس العموم المحافظين "ليست لديهم الرغبة في التعامل مع القرارات الصعبة". واعتبر أنهم "فعلوا ذلك مع بوريس وقد يفعلون ذلك مع ليز".

من جانبها نقلت صحيفة "ذا تايمز" عن أحد الوزراء الجدد القول "أشك في بقائها سنتين".

تظهر استطلاعات الرأي تقدما واضحا لحزب العمّال لكن ينبغي عليه أن ينتظر عامين حتى الانتخابات العامة المقبلة.

وتعهّدت تراس الاثنين بقيادة الحزب إلى الانتصار "في 2024". ومن المقرر إجراء انتخابات بحلول كانون الثاني/يناير 2025 كأبعد تقدير.

تراس قدمت نفسها إلى القاعدة الشعبية لحزب المحافظين كبطلة التجارة الحرة وخفض الضرائب مبديةً استعدادها لخفض الضرائب فورًا لتحقيق نمو سريع.

وبموجب خططها المطروحة للتعامل مع الوضع، سيتم تحديد سقف لفواتير الغاز والكهرباء لكل من المنازل والشركات في الشتاء المقبل على الأقل، وسيكون هذا السقف قريبًا من المستويات الحالية.

ستمنح الحكومة قروضًا أو ستضمن قروض القطاع الخاص لمزودي الطاقة لتعويض الفرق الذي يدفعونه بفعل أسعار الجملة العالمية المرتفعة.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستموّل الخطة من خلال الاقتراض الإضافي أو ستجعل المستهلكين يدفعون على مدى العقدين المقبلين رسومًا قد تٌضاف على فواتير الكهرباء.

ورأى بول جونسون من معهد الدراسات المالية (Institute for Fiscal Studies) أنها "سياسة فظيعة" لكنها على الأرجح ضرورية. وكتب في تغريدة أنها خطة "مكلفة جدًا وغير موجّهة، وتزيد مخاطر النقص". غير أنه حذّر من أن حجم المشكلة "يعني أنه قد لا يكون هناك بديل عملي".