باريس: اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الخميس أن "أعمال الشغب" تمهّد الأرضية لوقوع هجمات "إرهابية"، وذلك غداة مقتل 15 شخصا على الأقل في اعتداء استهدف مرقدا دينيا في جنوب الجمهورية الإسلامية، وفي خضم احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني وهي قيد الاعتقال.

وجاء الاعتداء الدامي في مدينة شيراز (جنوب) في وقت أحيا آلاف الأشخاص الأربعاء ذكرى أميني في مسقط رأسها في سقز (غرب) بعد مرور 40 يوما على وفاتها.

وبدا أن رئيسي يربط بين الموضوعين، إذ قال "نيّة العدو هي إعاقة تقدّم البلاد، ومن ثم أعمال الشغب هذه تمهّد الطريق أمام أعمال إرهابية".

وتعهّد رئيسي ب"رد حازم" على مقتل 15 شخصا في مرقد شاه جراغ بينما كانوا يؤدون الصلاة، في عملية تبناها تنظيم الدولة الإسلامية. وبين القتلى نساء وأطفال.

وتوفيت الشابة أميني (22 عاما) في 16 أيلول/سبتمبر، المتحدرة من محافظة كردستان في غرب إيران، بعد ثلاثة أيام على توقيفها على يد شرطة الأخلاق أثناء زيارة لها إلى طهران مع شقيقها الأصغر، لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

وأثارت وفاتها احتجاجات غير مسبوقة في إيران منذ ثلاث سنوات، وهي متواصلة في مختلف أنحاء البلاد، تتقدمها في معظم الأحيان شابات وطالبات خلعن حجابهن، أو قمن بإحراقه خلال التظاهرات.

وبعد قرابة ستة أسابيع على وفاة أميني، لا تظهر حركة الاحتجاج مؤشرات انحسار، ويفاقمها الغضب الشعبي إزاء حملة أمنية أودت بحياة شابات وفتيات أخريات.

وأعلنت منظمة "هنكاو" غير الحكومية المعارضة الخميس أن شابا كرديا قتل "بنيران مباشرة أطلقتها قوات الأمن الإيرانية" خلال تظاهرة في مدينة مهاباد في غرب إيران، مضيفة أنه أُصيب "في الجبين".

وتقول "منظمة حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو من جهتها، إن قمع القوات الأمنية للتظاهرات المنددة بوفاة أميني، أودت حتى اليوم بحياة 141 متظاهرا على الأقل.

ورغم تدابير أمنية مشددة، توجّهت أعداد كبيرة من الناس الأربعاء إلى سقز، مسقط رأس أميني بمحافظة كردستان، وأحيوا ذكراها أمام قبرها في نهاية فترة الحداد.

وعلت هتافات الحشود في مقبرة آيجي قرب سقز، قبل أن يُشاهد العديد منهم وهم يتوجهون إلى مكتب المحافظ في وسط المدينة.

وقالت منظمة "هنكاو" المعارضة إن "قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع وفتحت النار على أشخاص في ساحة زندان بمدينة سقز".

بعد حلول الليل سُمع دوي انفجارات فيما أطلقت قوات الأمن النار على متظاهرين في مريوان بمحافظة كردستان، وفق أشرطة فيديو تم تداولها على مواقع التواصل لاجتماعي.

وهتف المتظاهرون "الموت للديكتاتور" في مدينة بوكان المجاورة حيث أُضرمت النيران في شوارع، وفق "هنكاو".

وانتشر المتظاهرون أيضا حول قاعدة لقوات الباسيج في سنندج، المدينة التي يسودها توتر في محافظة كردستان، فأشعلوا النار وأجبروا قوات الأمن على التراجع، وفق المنظمة.

وشوهدت مشاهد مماثلة في مدينة إيلام القريبة من الحدود الغربية لإيران مع العراق.

وذكرت وكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية الرسمية أن خدمة الانترنت قُطعت في سقز "لأسباب أمنية"، وأن قرابة 10 آلاف شخص تجمعوا في المدينة.

ودخل العشرات الى البلدة الأربعاء إما عبر الحقول أو بدراجات نارية أو في سيارات، بحسب الصور التي نشرتها "هنكاو".

وأظهرت صور نشرتها المنظمة على الإنترنت وأبلغت فرانس برس بأنها تحقّقت من صحتها، حشودا تصفق وتهتف وتطلق الأبواق في طريق يربط بين سقز والمقبرة التي تبعد نحو ثمانية كيلومترات.

وقالت وكالة "إيسنا" إن بعض المتظاهرين العائدين من المقبرة كانوا "ينوون مهاجمة قاعدة عسكرية"، إلى أن فرقهم متظاهرون آخرون.

وأُحرق حاجز للشرطة وأضرمت النيران إلى جانب جسر في حي قواخ في سقز، على ما يظهر في تسجيل تمّ التأكد من صحته.

وشكّك بعض النشطاء الذين يقفون وراء الاحتجاجات اليومية على وفاة أميني، في توقيت الهجوم في شيراز.

وكتبت أتينا دائمي في تغريدة "من أجل بقائها ومن أجل إلهاء المتظاهرين ولتبرير قتلها وقمعها، تقوم الجمهورية الإسلامية دائما بمثل هذه العروض الدامية".

وأضافت "الناس يقاتلون طيلة أربعين يوما بلا توقف لوضع حد لمثل هذه الجرائم".

وتقول منظمة العفو الدولية إن "القمع الوحشي بلا هوادة" أودى ب23 طفلا على الأقل.

وفرضت الولايات المتحدة الأربعاء عقوبات على أكثر من 12 مسؤولا إيرانيا على خلفية القمع الدامي للتظاهرات.

وعبّر البيت الأبيض عن "القلق من أن تكون موسكو تقدم النصح لإيران حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، مستفيدة... من الخبرة الواسعة في قمع" المعارضين.