إيلاف من بيروت: في نهاية الشهر الماضي، فتحت شرطة باريس تحقيقا، بعد رش رموز نجمة داود على المباني التي يعيش فيها يهود في المدينة. تم القبض على المشتبه بهما الرئيسيين في هذا الفعل، وهما مواطنان مولدوفيان، واعترفا بأن عميلاً روسياً أرسلهما للقيام بذلك. فلماذا يأمر مسؤول روسي برش نجمة داود على منازل اليهود في فرنسا؟

يقول موقع "كالكاليست" العبري إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواصل استخدام تكتيكات نموذجية لـ "كي جي بي" التي نشأ فيها، لزرع الفوضى وتعطيل النظام العالمي. وراء معظم تحركاته رغبة في إعادة روسيا إلى مكانة "تستحقها في نظره "ـ والهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر كان بالنسبة إليه فرصة أخرى لتحقيق ذلك.

بحسب الموقع نفسه، امتنع بوتين عن إدانة الهجوم، واستضاف مسؤولون في حكومته وفداً من حماس في موسكو، حتى أنه قارن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة بالحصار الذي فرضته ألمانيا النازية على لينينغراد، والذي أدى إلى مقتل مليون شخص. وبعد أن اقتحم المئات في الشهر الماضي مطارًا في ماخاتشكالا، عاصمة داغستان، بحثا عن يهود وصلوا جوا من إسرائيل، ألقى بوتين باللوم في ذلك على أوكرانيا والولايات المتحدة، ثم أعرب عن أسفه لمعاناة الأطفال والنساء والمسنين في غزة، ولم يشر إلى هجوم حماس على إسرائيل.

صديق عدو

يسأل الموقع: "كيف تحول بوتين من زعيم يبارك لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عودته إلى الحياة السياسية وينسق مع إسرائيل لمهاجمة أهداف لحزب الله في سوريا، إلى زعيم يختار الوقوف إلى جانب حماس؟".

يقول الموقع إن العلاقة بين بوتين ونتنياهو كانت جيدة، "لأنه بوتين يرى أن نتنياهو يشبهه"، كما نقل الموقع عن صحفي يعيش في موسكو يرغب في عدم الكشف عن هويته، مضيفًا: "من المفارقات أن روسيا اليوم تبدو كأنها المكان الأكثر أمانا لليهود، لأنه بسبب القوانين الصارمة التي تجعل من الممكن فرض أحكام بالسجن لفترات طويلة على أولئك الذين يخرجون للتظاهر، لا تظاهرات على الإطلاق لا ضد إسرائيل ولا لصالحها"، علمًا أن 300 ألف يهودي يعيشون في روسيا اليوم، ومعدل معاداة السامية بين الروس ليس مرتفعا.

يقول أركادي ميلمان، رئيس برنامج روسيا في معهد دراسات الأمن القومي: "لا ينبغي للمرء أن يفاجأ بالتغير في سلوك بوتين. لديه الحمض النووي الكلاسيكي لكي جي ب. إنه يرى العالم بشكل مختلف تمامًا عنا". ومحتمل أن يكون ميلمان، الذي كان أحد مؤسسي السفارة الإسرائيلية في موسكو عشية إقامة العلاقات الرسمية بين البلدين وعمل سفيرا لإسرائيل لدى البلاد بين عامي 1993 و1995 ومرة أخرى بين عامي 2002 و2006، من الإسرائيليين الذين اكتسبوا أكبر قدر من الخبرة مع بوتين. يضيف ميلمان: "بوتين ليس معادياً للسامية، ولهذا السبب على وجه التحديد رأى إسرائيل أداة أخرى في جعبته. مر وقت كان يقول فيه إن أمن إسرائيل مهم بالنسبة لروسيا، لأن مليوناً من مواطنيها السابقين المواطنون يعيشون هنا. في الآونة الأخيرة، لم يعد يقول هذه الجملة. من يعتقد أن بوتين لديه قلب دافئ نحو إسرائيل مخطئ، فبوتين لا يرى إلا كيف يخدم مصالحه، وبمجرد إعادة تقسيم العالم إلى شرق وغرب، يربط إسرائيل بالغرب، فينكشف وجهه الحقيقي".

لعبة مزدوجة

يعتقد يولي دوبوف، وهو كاتب وعالم روسي سابق يعيش في لندن منذ سنوات عديدة خوفا من اضطهاد بوتين، أن الرئيس الروسي لعب "لعبة مزدوجة" على مر السنين وقرر الوقوف إلى جانب حماس بسبب علاقات بلاده بإيران. يقول: "حتى 7 أكتوبر الماضي، كان بوتين صديقاً لنتنياهو وداعماً لإسرائيل من جهة، وله علاقات جيدة بحماس من جهة أخرى. وهذا سمح له بالتأثير على الجانبين. لكن اللعبة انتهت وكان عليه أن يختار أحد الجانبين. وبما أن روسيا تعتمد على الإمداد الإيراني في الحرب بأوكرانيا، كان على بوتين أن يختار المحور الإيراني".

يضيف دوبوف: "في المستقبل، عندما تنتهي الحرب في غزة، سيدرك ما فعله ويمكنه أن يحاول تغيير موقفه مرة أخرى. في غضون ذلك، سيواصل نقل الأسلحة إلى حماس وحزب الله، لكنه سيعرض أيضًا التوسط في الصفقات للإفراج عن الرهائن".

مثل ميلمان، الذي أشار إلى أن بوتين "خضع لتحول كامل منذ عام 2002"، يعتقد دوبوف أيضًا أن الرئيس الروسي اليوم ليس هو نفسه قبل عشرين عامًا. يقول: "مع استمرار بوتين في الحكم، تضخم إحساسه بأهميته الذاتية. فالحكم فترة طويلة يحول الإنسان إلى وحش".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "كالكاليست" الإسرائيلي