نبدأ جولتنا في الصحف الصادرة السبت من صحيفة الأيام الفلسطينية التي نشرت مقالاً للكاتب المصري حسن أبو طالب بعنوان "مصر وقلق ما بعد الهدنة" حول عددٍ من الأسئلة الكبرى والتي تثير قلق مصر إزاء ما يحدث في قطاع غزة، وما يمكن أن تؤول إليه تلك الأحداث التي تحمل تهديداتٍ وتحدياتٍ تتطلب موقفاً حاسماً وتحركاتٍ دؤوبة في أكثر من اتجاه.
يقول الكاتب إنّ السياسة المصرية تمزج بين العمل على بناء حالةٍ من الهدوء من جانب، أي توقف آلة القتل تماماً، ثم البحث في قضايا وإشكاليات المرحلة الانتقالية في غزة، والتي تبدو حتمية، فضلاً عن إنعاش الحل التاريخي للقضية الفلسطينية وفق رؤية الدولتين من جانبٍ آخر.
ويشدد أبو طالب على وجودٍ خط أحمر لا تنازل عنه في السياسة المصرية، وهو منع النزوح الفلسطيني من غزة إلى مصر، أو إلى غيرها من الدول.
ويقول إنّه "وبرغم التوافق الظاهري بين الموقف الأميركي الجديد الذي عبّر عنه الرئيس جو بايدن مؤخراً، الذي يرفض احتلال إسرائيل لغزة، ومبدأ التهجير القسري، ويدعو للالتزام بحل الدولتين، وأن يكون حكم القطاع بيد الفلسطينيين أنفسهم والسلطة، بعد تجديدها- حسب وصفه- وبين الموقف المصري إجمالاً، فمن الصعوبة بمكان التعويل على تلك المواقف باعتبارها نهائية، فقد تعودنا كثيراً على تبدل المواقف الأميركية والغربية ما دامت تعترض عليها إسرائيل، وتعرف كيف تُفشلها من الداخل الأميركي نفسه".
ويرى الكاتب أنّه مع توقع المزيد من الهجمات على القطاع، يزداد القلق بشأن المصاعب الحياتية التي يمكن أن تحدث جنوبيّ غزة والتي قد تدفع الكثير من الفلسطينيين إلى البحث عن طريقٍ يحقق لهم حياةً مختلفةً أقل إيلاماً وأقل تعرضاً للموت والقتل العشوائي، ومن ثم تبدو معضلة فتح معبر رفح بمثابة المشكلة والحل معاً، فإسرائيل تريد من مصر أن تفتح المعبر لخروج الفلسطينيين من القطاع في اتجاهٍ واحدٍ دون أمل بالعودة، وفي الوقت نفسه يُعد فتح المعبر ضرورياً لدخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
- ما أهمية معبر رفح وما هو موقف مصر من لجوء نازحين من القطاع إلى أراضيها؟
- تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية
- ما الفرق بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية؟
ويقول الكاتب إنّ "الربطَ المباشر بين أزمة القطاع والأمن القومي المصري المقدس، وإعلاء المعاني الإنسانية في الحركة المصرية مقابل فقدانها لدى كثيرٍ من القوى الدولية، تجسد الرؤية المصرية بأنّ الأزمة مملوءة بالتحديات والتهديدات، وأنّ الأيام المقبلة ستحمل كثيراً من الضغوط، الظاهرة والباطنة، والساعية ربما إلى توريط مصر في نكبةٍ فلسطينية جديدة، يصعب أن تمر أياً كان الثمن".
ويخلص الكاتب في مقاله إلى أنّ "النزوح الفلسطيني في الرؤية المصرية ليس مرفوضاً باعتباره خطوةً لتصفية القضية الفلسطينية فقط؛ بل باعتباره يلقي أعباءً هائلة على الدولة المصرية، ويلغي عملياً كل تاريخها الناصع لدعم القضية الفلسطينية والحق في دولةٍ وسيادةٍ وحياةٍ كريمةٍ للفلسطينيين، شأنهم شأن أي شعب آخر على هذه البسيطة".
وننتقل إلى مقالٍ نُشر في صحيفة القدس الفلسطينية للكاتبة تمارا حداد تحت عنوان "عودة القتال لتنفيذ الأهداف" والذي تُركّز فيه الكاتبة على الأهداف الإسرائيلية من استئناف حربها على غزة وما يتوجب على الفلسطينيين فعله في مواجهة تلك الأهداف.
تقول حداد إنّ إسرائيل لجأت إلى خيار الحرب لأنها غير مقتنعة في الأساس بسياسة الهدنة الإنسانية، وإنّه لولا الضغوط الأمريكية والمصرية والقطرية لما قبلت بها، حيث كانت ترفضها كلياً.
وتقول إنّه بعد انتهاء تسلم الأسرى المدنيين وبدء النقاش في ملف الأسرى العسكريين، بدأت إسرائيل تتنصل من الهدنة حتى لا تدفع ثمناً غالياً. وجاء استئناف إطلاق النار لكي تضغط على المقاومة الفلسطينية للإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين بأقل الأثمان وبشروطٍ أقل.
وتعتقد الكاتبة الفلسطينية أنّ المرحلة الثانية من الحرب على غزة ستطول لأنّ المنطقة المستهدفة هي جنوب القطاع وهي منطقةٌ تحتاج إسرائيل إلى وقتٍ لتنفيذ مهامها فيها خاصةً وأنّها مكتظةٌ بالسكان والنازحين من مناطق مدينة غزة والشمال.
وترى فيها إشارةً إلى عزم إسرائيل على استكمال مخططاتها الرامية إلى تهجير الفلسطينيين ولكن بأسلوبٍ طوعيٍ من خلال فتح مكاتب دولية لإخراج الناس وتفريغ القطاع من المدنيين.
وتقول الكاتبة إنّ إسرائيل كانت قد حسمت موقفها من إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ مجيء حكومة اليمين المتطرف إلى السلطة، وذلك من خلال تغيير الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة بإنهاء القضية الفلسطينية وتفريغ الأرض من الشعب.
وتتساءل حداد: هل سيقبل الشعب الفلسطيني بمعادلة التغيير على حساب حقوقه الوطنية والسياسية؟ وتجيب قائلة "بالطبع لا، وبعبارةٍ أخرى لا يستطيع أحدٌ حتى المجتمع الدولي الاستمرار في تجاهل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم القومية والسياسية والإنسانية المشروعة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فهل يتوقع المجتمع الدولي أن يبقى الجانب الفلسطيني خانعاً؟"
وتخلص الكاتبة إلى القول إنّ الحقيقة الساطعة هي أنّ الفلسطينيين لن يقبلوا باحتلالٍ دائم كما أنّ عامل الزمن سيعمل لصالح إعادة القضية الفلسطينية وتدويلها كما حصل بعد عملية "طوفان الأقصى".
وفي صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، نرصد مقالاً للكاتب بن درور يميني، وهو مؤلف كتاب "صناعة الأكاذيب" حول المُفكرين الغربيين في الولايات المتحدة، والذين ينتقدون إسرائيل ويناصرون القضية الفلسطينية.
فتحت عنوان "على العالم الحر أن يدرك أنّ "المفكرين" قد خانوا الحقيقة"، يقول الكاتب في مقاله إنّ مفكرين من أمثال البروفيسور إيان لوستيك من جامعة بنسلفانيا، والمفكر المعروف نعوم تشومسكي والدكتورة سارة روي من جامعة هارفارد، خانوا الحقيقة من خلال الحديث عن معلوماتٍ مضللة أبعد ما تكون عن الحقيقة.
ويورد أمثلةً على ذلك من بينها ما جاء في مقالةٍ للبروفيسور لوستيك نشرها بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، قال فيها إنّ غزة هي سجن في واقع الأمر، والحل لذلك هو في تفكيك ذلك السجن "والكل يعرف كيف تكون وحشية السجناء الفارين"، مبرراً بذلك ما قامت به حركة حماس.
ويرى الكاتب أنّه كلما كانت الجامعة مرموقةً أكثر، كان حجم التضليل والأكاذيب أكبر، وأنّ القاسم المشترك لهؤلاء الاساتذة لا يكمن في النظريات الوهمية، بل إنّ القاسم المشترك هو أنهم في معزلٍ عن الحقائق.
ويضيف قائلاً إنّه لم يسمع مفكراً واحداً من هؤلاء المفكرين والأساتذة يخبر طلابه بأنّ حماس رفضت أيّ اقتراحٍ برفع الحصار عنها، ولم يسمع بأيّ أحد ينتقد حقيقة أنّ حماس تفضل استثمار الأموال التي تتلقاها في صناعة الموت بدل الازدهار. ولكنهم يسارعون إلى نشر كل صوتٍ يصدر عن إيتمار بن غفير أو بتسلئيل سموتريتش، الوزيرين الإسرائيليين من اليمين المتطرف، لإثبات أن إسرائيل دولة عنصرية.
ويختم بالقول إنّ هناك مفكرين ممن يصفهم بالصادقين والمحترمين في الولايات المتحدة، لكنّه يقول إنّهم قلة وفي موقع دفاع ونادراً ما تُسمع أصواتهم وإنّ المفكرين الآخرين هم الغالبية وهم يشكلون بوق الدعاية لحماس و"محور الشر" على حد تعبيره، وبالتالي فإنّه يرى أنهم يمثلون مشكلةً لإسرائيل وللعالم الحر.
وننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي نشرت مقالاً للكاتب الفلسطيني ليث حنبلي، وهو باحثٌ في المجال الصحي يعمل في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية.
وتحت عنوان "العنف اليومي الطاحن في الضفة الغربية أسوأ من أي وقت مضى، فلماذا لا يلقى اهتماماً؟"، يقول الكاتب إنّه يبدو أنّ هناك نوعين من العنف ضد الفلسطينيين، فهناك "أهوال الإبادة" التي تتكشف في غزة، والتي تقوم فيها إسرائيل بمحو عائلاتٍ وأحياء وسبل عيش، وهناك نوعٌ آخر وهو العنف الذي يتعرض له الفلسطينيون منذ نكبة 1948، وهو عنفٌ يتم تجاهله ونادراً ما يتم التعليق عليه.
ويمضي الكاتب قائلاً إنّ العنف في الضفة الغربية يبدو أنّه يُوضع دائماً في فئةٍ أخرى مهما كان شديداً، إلاَ أننا رأينا في الأسابيع الأخيرة تصعيداً لافتاً من قبل إسرائيل، ويبدو أنَ السياسيين الإسرائيليين قرروا بأّن لديهم الحق المطلق لذلك، بينما الأعين متسمرة على الحرب الأخيرة في غزة.
لكنّ الكاتب يقول أنك إذا نظرت إلى الضفة الغربية فسترى أفعال نظامٍ استبداديٍ يقوم بسجن الفلسطينيين بدون توجيه اتهام لهم وتعذيب الأسرى وتقييد الحريات من أجل تعزيز هيمنة المستوطنين على حد تعبيره.
ويرى الكاتب أنه عندما يتوقف العنف في غزة ويسقط الفلسطينيون من دائرة الاهتمام الإخبارية، فإنّ العنف الآخر اليومي والطاحن سيستمر وربما يتصاعد أكثر، والعالم سيفعل ما فعله طوال عقود وهو العودة عن وعي لتجاهل الاحتلال الإسرائيلي والحصار.
ويختم حنبلي بالقول "لهذا السبب نعيد نحن الفلسطينيون تركيز جهودنا على نحوٍ متزايدٍ على مقاومة السبب الرئيسي للعنف وهو استعمار المستوطنين كوسيلةٍ لتحريرنا جميعاً".
ونختم جولتنا من صحيفة "التايمز" البريطانية والتي نشرت مقالاً للكاتب تشارلي باركر حول تقريرٍ أعدته مؤسسة "بوليسي اكستشينج"، وهي مؤسسةٌ خيريةٌ تعليميةٌ حول تأثير المنظمات الداعية إلى وقف الحرب في غزة على طلاب المدارس.
يقول الكاتب في مستهل مقاله إنّ التقرير وجد أنّ المنظمين لما يُعرف بـ "إضرابات المدارس من أجل فلسطين" يحثون الطلاب على كتابة خطب حول "الإبادة الجماعية"، ويشيرون إلى أنّ بريطانيا دولة عنصرية.
ويضيف الكاتب بأنّ الآلاف من الأطفال في عموم المملكة المتحدة تركوا دروسهم في الأسابيع الأخيرة من أجل المشاركة في مسيراتٍ في وسط المدن تطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويقول الكاتب إنّ صحيفة التايمز كشفت قبل شهر أنّ من يدعم هذه الحركة الوطنية وينسق أمورها هو "تحالف أوقفوا الحرب"، وهو تحالفٌ يصفه بأنهُ تحالف مثير للجدل متهم بتبني قيمٍ تناهض القيم الغربية.
ويضيف الكاتب أنّ التحالف يدعم جماعات "منظمة ذاتياً" من أولياء الأمور من 48 مدرسة على الأقل، ويقدم منظمين للمسيرات وتوجيهات حول عدد الأيام التي يستطيع التلميذ تفويتها من المدرسة قبل أن يعاقب عليها أو تحتسب غياباً غير مشروع.
وينقل الكاتب عن التقرير قوله إنّه وبينما ينبغي تشجيع التلاميذ على الاهتمام بالسياسة، إلا أنّه "لا يوجد سببٌ وجيهٌ لكي يقوم التلاميذ بالاحتجاج من الإثنين إلى الجمعة خلال فترة الاستراحة".
ويخلص الكاتب إلى القول إنّ التقرير يضيفُ أنّه "من غير المناسب بشكلٍ واضح" وعلى نحوٍ يناقض توجيهات الحكومة أن يقوم مدرسٌ أو مدرسة بدعوة التلاميذ بشكلٍ فاعل إلى المشاركة في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
التعليقات