بلغراد: تظاهر آلاف الأشخاص مساء الاثنين في بلغراد تنديدا بنتائج الانتخابات التي اتّسمت بـ"شراء أصوات"، وفق مراقبين، وذلك غداة إعلان المعسكر الرئاسي فوزه بالأغلبية المطلقة في البرلمان.

وفيما من المقرّر إعلان النتائج الرسمية للانتخابات في وقت متأخّر الاثنين، أفادت النتائج الأولية بأنّ "الحزب التقدمي الصربي" (يمين قومي) الذي يتزعّمه الرئيس الكسندر فوتشيتش فاز بـ127 مقعداً من أصل 250 مقعداً في البرلمان. كما حصل على غالبية الأصوات في بلغراد، أي 38 في المئة من الأصوات.

غير أنّ المعارضة تندّد بحصول عمليات تزوير في العاصمة، حيث تجمّع آلاف المتظاهرين مساء الإثنين أمام مقرّ اللجنة الانتخابية للمطالبة بإلغاء نتائج التصويت ورحيل فوتشيتش.

وهتف المتظاهرون "فوتشيتش لص، لقد سرقتَ الانتخابات" و"ارحل فوتشيتش".

واقترنت الانتخابات التشريعية الأحد بانتخابات محلية في بعض المناطق، مثل بلغراد التي يعيش فيها 1,5 مليون شخص، أي نحو ربع سكان البلاد. وقد حصل "الحزب التقدمي الصربي" على 38,5 في المئة من الأصوات هناك، أي أكثر بـ23 ألف صوت من المعارضة.

غير أنّ ائتلاف المعارضة الذي تمّ تشكيله تحت شعار "صربيا ضدّ العنف"، قال إنّ "أكثر من 40 ألف شخص" صوّتوا في العاصمة من دون أن يكونوا مقيمين فيها، وتمّ نقلهم في حافلات من جمهورية صرب البوسنة (صربسكا)، الكيان الصربي الواقع في البوسنة المجاورة.

وذكرت عدة مقاطع فيديو نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي الأحد، أنّها تُظهر وصول الناخبين إلى أحد ملاعب المدينة، حيث تمّ إبلاغهم بالمكان الذي يجب أن يتوجّهوا إليه للإدلاء بأصواتهم.

اتهامات بالتزوير
في هذه الأثناء، أكد تقرير أولي صادر عن بعثة المراقبة الدولية (منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا) الاتهامات بالتزوير. ووصف المراقبون التصويت بأنه "اتسم بحالات عنف معزولة ومخالفات إجرائية واتهامات متكرّرة بتنظيم ونقل الناخبين لدعم الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية"، وكذلك "شراء أصوات وحشو صناديق اقتراع" بالأصوات.

وقال المتظاهر دراغان دجيلاس، أحد قادة ائتلاف المعارضة، إنّ "رأي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هو رأي الحشد المجتمع هنا".

وأضاف "نطالب بإلغاء الانتخابات وبتنظيف السجلّات الانتخابية (من الناخبين المزيّفين)، ونأمل أن نحقّق ذلك بالوسائل السلمية".

وأشار إلى أنّ قياديين آخرين في الائتلاف، هما مارينيكا تيبيك وميروسلاف أليكسيتش، سيخوضان إضراباً عن الطعام.

وانبثق ائتلاف المعارضة من التظاهرات التي شهدتها البلاد في أيار/مايو بعد مقتل 19 شخصاً في في حادثتي إطلاق نار، وقعت إحداها في مدرسة ابتدائية. ولم يتوقف الائتلاف عن إدانة الحملة الانتخابية المنحازة والملوّثة بالاحتيال.

وقال المراقبون إنّ الحملة طغت عليها "خطابات عنيفة ووسائل إعلام متحيّزة وضغوط على موظفي القطاع العام وإساءة استخدام الموارد العامّة"، وكلّ ذلك على خلفية "التدخّل الحاسم للرئيس" ألكسندر فوتشيتش، ما أدّى إلى منح حزبه "ميزة غير عادلة".

وقال فوتشيتش مساء الأحد من مقرّ حزبه "كانت مهمتي بذل كلّ ما باستطاعتي لضمان غالبية مطلقة في البرلمان"، معرباً عن "فخره الشديد" بالحملة التي تمّ تنفيذها.

"خيار مستنير"
من جهة أخرى، أشار المراقبون إلى تواتر إجراء الانتخابات - ثلاثة انتخابات في أقل من أربع سنوات - معتبرين أنّ ذلك "أدّى إلى مزيد من تآكل ثقة الناس بأداء المؤسسات الديموقراطية".

وبحسب بعثة المراقبين، فإنّ حضور الرئيس في وسائل الإعلام "كان له تأثير على قدرة الناخبين على اتخاذ خيار مستنير".

في واشنطن، صرح المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين "نرحب بفرصة مواصلة العمل مع حكومة صربيا المقبلة بهدف تعزيز الحوكمة الديموقراطية وسيادة القانون والحفاظ على الاستقرار الإقليمي".

وتمحورت الحملة الانتخابية بشكل رئيسي حول الاقتصاد، في واحدة من أفقر دول القارة الأوروبية، شهدت وصول التضخّم إلى 16 في المئة في الربيع، قبل أن ينخفض إلى حوالى 8 في المئة في تشرين الثاني/نوفمبر.

وتعهّد فوتشيتش بحدّ أدنى للأجور يبلغ 1400 يورو بحلول العام 2027، مقارنة بـ590 يورو في تشرين الثاني/نوفمبر، وزيادة معاشات التقاعد واستمرار الاستثمارات الأجنبية في صربيا.

وبين عامي 2012 و2022، زادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في صربيا من مليار إلى 4,4 مليارات يورو.

ويُنظر إلى فوتشيتش على أنه نجح في الحفاظ على الروابط بين الشرق والغرب. فقد أتقن فنّ مجاراة "أخيه الروسي الكبير" والاتحاد الأوروبي الذي لا تزال صربيا مرشّحة لعضويته منذ سنوات. و"رحّب" الكرملين بفوز معسكر ألكسندر فوتشيتش.