قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): أكد الجيش الإسرائيلي استعداده "لكل السيناريوهات" بعدما اتهمته حماس بقتل أحد أبرز قيادييها صالح العاروري في ضربة قرب بيروت، توعّد حزب الله اللبناني أنها لن تمرّ دون "عقاب"، وسط مخاوف من اتساع نطاق حرب غزة.

وقضى العاروري مع ستة آخرين، بينهم قياديان في الجناح العسكري لحماس، وفق ما أعلنت الأخيرة، في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مكتبا للحركة في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء.

وكان العاروري نائبا لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأحد مؤسسي جناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام) في الضفة الغربية المحتلة التي يتحدر منها. واغتياله هو الأول الذي يطال قياديا في حماس خارج الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الحرب بين الحركة وإسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

ولم تعلّق إسرائيل مباشرة على العملية. لكن الناطق باسم جيشها دانيال هاغاري قال في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء إن قواته "في حالة تأهب (...) دفاعا وهجوما. نحن على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات".

وأضاف "أهم أمر نقوله الليلة هو أننا نركز على محاربة حماس ونواصل التركيز على ذلك"، من دون أن يتطرق بشكل مباشر الى مقتل العاروري في لبنان.

وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية أن الحركة "لن تهزم".

وقال في كلمة من الدوحة حيث يقيم إن "حركة تقدم قادتها ومؤسسيها شهداء من أجل كرامة شعبنا وأمتنا لن تهزم أبداً وتزيدها هذه الاستهدافات قوة وصلابة وعزيمة لا تلين. هذا هو تاريخ المقاومة والحركة بعد اغتيال قادتها، أنها تكون أشد قوة وإصراراً".

ووقع مقتل العاروري في منطقة تعدّ معقلا لحزب الله المرتبط بعلاقة وثيقة بحماس في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران في الشرق الأوسط. وأتى قتل العاروري في وقت تشهد الحدود بين إسرائيل ولبنان منذ اندلاع حرب غزة، تبادلا يوميا للقصف بين الحزب والدولة العبرية ومخاوف وتهديدات من اتساعه الى حرب شاملة.

وأكد حزب الله في بيان أن قتل العاروري يعد "تطوّراً خطيراً".

وقال "نعتبر جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري ورفاقه الشهداء في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت اعتداءً خطيرًا على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته... وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة".

وأضاف "نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب وإنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد".

وسبق للأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي من المقرر أن يتحدث في وقت لاحق الأربعاء في مناسبة محددة مسبقا، أن حذّر اسرائيل من أن الحزب سيردّ على أي استهداف لقياديين في "محور المقاومة" على الأراضي اللبنانية.

والعاروري من مؤسسي كتائب القسام، وأمضى أعواماً في السجون الإسرائيلية الى أن أفرج عنه في 2010 وتمّ إبعاده عن الأراضي الفلسطينية.

وكان يقيم منذ مدة في لبنان كعدد من قادة حماس وفصائل فلسطينية أخرى. وقد دمّر الجيش الإسرائيلي منزله في قرية عارورة في الضفة الغربية المحتلة في تشرين الأول/أكتوبر.

ونزل آلاف الفلسطينيين الى شوارع مناطق عدة في الضفة الغربية ليل الثلاثاء للتنديد بمقتل العاروري، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة فرانس برس.

ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية "الجريمة التي تحمل هوية مرتكبيها" ومحذرا "من المخاطر والتداعيات التي قد تترتب على تلك الجريمة". واعتبرها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي محاولة "لتوريط" لبنان في حرب غزة.

من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إسرائيل إلى "تجنّب أيّ سلوك تصعيدي وبخاصة في لبنان".

وقال قصر الإليزيه إثر مكالمة هاتفية أجراها الرئيس الفرنسي مع عضو مجلس الحرب الوزاري الإسرائيلي بيني غانتس إنّ ماكرون شدّد على وجوب "تجنّب أيّ سلوك تصعيدي، بخاصة في لبنان، وأنّ فرنسا ستستمرّ في إيصال هذه الرسائل إلى كلّ الجهات الفاعلة المعنيّة بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة".

وكانت إسرائيل توعدت بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وأودى الهجوم بنحو 1140 شخصا في إسرائيل معظمهم مدنيّون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند الى بيانات رسميّة. كما أخذ نحو 250 شخصا رهائن، لا يزال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بحسب أرقام الجيش الإسرائيلي.

وردت إسرائيل بقصف عنيف ترافق منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر مع هجوم بري، ما أدى الى مقتل 22185 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، إضافة الى إصابة أكثر من 57 ألفا، وفق آخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

ويتواصل القصف والمعارك الميدانية.

وأشارت وزارة الصحة في غزة الى سقوط العديد من القتلى جراء غارات تواصلت حتى صباح الأربعاء خصوصا على خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع.

وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد الثلاثاء عبر منصة "إكس" بأن مقرّه في خان يونس تعرض لقصف اسرائيلي، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص بينهم رضيع والعديد من الجرحى بحسب الوزارة.

كذلك، تحدثت الجمعية عن تعرض محيط مستشفى الأمل الذي يضم نحو 14 ألف نازح لقصف بمسيرات.

وأظهر فيديو لفرانس برس وصول عدد من المصابين جراء قصف مقر الهلال الأحمر، الى مستشفى ناصر بخان يونس، حيث هرعت طواقم طبية لعلاجهم. وكان من بين الجرحى طفل مصاب في يده ورأسه، بينما كان آخرون يرتدون زي الهلال الأحمر.

وصرخ رجل بجانب طفل مصاب قائلا "نحن مدنيون، نحن مدنيون نازحون من غزة. قالوا لنا (الإسرائيليون) اذهبوا الى الجنوب أمان. كذابون، لا أمان في كل غزة".

وخلّف القصف الإسرائيلي دمارا كاملا في مناطق عدة في قطاع غزة الخاضع لحصار مطبق منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، وتحذّر وكالات الأمم المتحدة من مجاعة قريبة فيه.

ويسود اليأس بين سكّان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون والذين نزح 85% منهم، وفق الأمم المتحدة، والذين يحتاجون الى طعام ومياه وأدنى مقومات الحياة الأساسية.

وتثير حرب غزة التي تقترب من اتمام شهرها الثالث مخاوف من اتساع نطاق التصعيد داخل الأراضي الفلسطينية وعلى جبهات إقليمية أخرى.

في الضفة الغربية المحتلة، قتل أربعة فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي الثلاثاء في بلدة عزون، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بينما تحدث الجيش الإسرائيلي عن "تبادل لإطلاق النار" في المنطقة. كما قال إنه نفّذ "عملية أخرى لضبط الأسلحة في مدينة قلقيلية"، تخللها "شلّ حركة إرهابي أطلق النار".

وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ 1967، تصاعداً في وتيرة أعمال العنف منذ اندلاع الحرب في غزة، ما تسبب بمقتل نحو 320 فلسطينيا على أيدي جنود إسرائيليين ومستوطنين، وفق حصيلة عن وزارة الصحة الفلسطينية.

وفي البحر الأحمر، تواصلت العمليات التي ينفذّها الحوثيون في اليمن ضد سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو تتحرك منها أو إليها.

وأعلن الجيش الأميركي أنّ المتمرّدين أطلقوا مساء الثلاثاء صاروخين بالستيين باتجاه سفن شحن، مشيراً إلى أنهما سقطا في الماء من دون أن يسفرا عن إصابات أو أضرار.

وهذا الهجوم هو الرابع والعشرين الذي يستهدف سفناً تجارية في البحر الأحمر منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، وفقاً للقيادة الأميركية الوسطى.

وأتى الهجوم الأخير عشية اجتماع يعقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك الأربعاء لبحث ملف هجمات الحوثيين، وفقاً لوزارة الخارجية الفرنسية.