إيلاف من دبي: على الرغم من العمليات الغربية المشتركة التي سعت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، فإنهم استمروا في ضرب السفن التجارية قبالة سواحل اليمن في الأسابيع الأخيرة. مع ذلك، إذا استمر القتال، فقد تقوم الجماعة بتعديل استراتيجيتها لمعالجة هدف جديد، وربما أكثر أهمية: شبكة كابلات الاتصالات البحرية تحت مضيق باب المندب.

تصاعد الصراع
تقول إيميلي ميليكن، نائب الرئيس الأول والمحلل الرئيسي في Askari Defense & Intelligence ومقرها فرجينيا في الولايات المتحدة، إن قناة تيليغرام مرتبطة بالحوثيين نشرت في في 24 ديسمبر 2023 خريطة توضح شبكات الاتصالات البحرية في المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي، وأرفقت الصورة برسالة مشؤومة: "هناك خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر قربه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها".

تضيف في تقرير نشره موقع "كمندى الخليج الدولي": "على الرغم من أن البيان لم يحدد هدفًا، فإن التهديد يتزامن مع الحملة العسكرية الأكثر عدوانية التي شنها الحوثيون ضد السفن في البحر الأحمر"، متابعة أن هذه الأزمة دفعت الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى إنشاء قوة بحرية دولية تركز على وقف هجمات الجماعة. وعلى الرغم من استعراض القوة الحاصل، "يبدو أن الحوثيين لا ينوون وقف هجماتهم. وفي أوائل ديسمبر، هددت الجماعة بمهاجمة أي سفن تعبر البحر الأحمر إلى إسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، هاجموا السفن المحايدة، ووعدوا بمواصلة ذلك ما دامت القوات الإسرائيلية نشطة في غزة".

بحسبها، مع تهديد حرب غزة بالتوسع في أنحاء الشرق الأوسط، "تعرضت كابلات الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر لتدقيق متزايد من الحوثيين وحلفائهم. وعلى تطبيق تيليغرام، أصدر حزب الله اللبناني والميليشيات المدعومة من إيران في العراق بياناتهم الخاصة التي تشير إلى أنهم يفكرون في قطع هذه الكابلات، وهي خطوة من شأنها أن تمثل تطوراً جديداً في الصراع الإقليمي".

قطع الحبل الرقمي
تقول ميليكن إن هذه الكابلات هي واحدة من أهم البنى التحتية الرقمية في العالم، تخدم أكثر من 95 في المئة من تدفقات البيانات والاتصالات الدولية، بما في ذلك ما يقدر بنحو 10 تريليونات دولار من المعاملات المالية في كل يوم، "وحتى الأضرار الجزئية التي تلحق بالكابلات البحرية يمكن أن تؤدي إلى منع الوصول إلى الإنترنت في مناطق شاسعة، ما يسبب اضطرابات اقتصادية كبيرة لبلدان كثيرة".

تضيف: "الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وحلفاء واشنطن هو أن إتلاف هذه الكابلات قد يؤدي إلى قطع الاتصالات العسكرية أو الحكومية".

بقدر ما يمثل باب المندب نقطة تفتيش لحركة المرور البحرية فوق الأمواج، فإن هذه المنطقة هي واحدة من ثلاث نقاط اختناق للكابلات الرقمية في العالم، وأي تهديد لهذه البنية التحتية هو مصدر قلق للقوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة، الذين يتنافسون للسيطرة على الشبكة الاتصالية الدولية.

هل هي هدف سهل؟
حتى الآن، بقيت الكابلات آمنة بسبب تخلف الحوثيين التكنولوجي النسبي، وليس بسبب الافتقار إلى الحافز. تقول ميليكن: "مع توفر الوقت والفرصة، قد يتمكن الحوثيون من تكييف بعض تكتيكاتهم البحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات، علمًا أن مياه الخليج الضحلة التي يصل عمقها إلى 100 متر فقط تقلل من الحاجة إلى غواصات عالية التقنية لإنجاز هذه المهمة".

في عام 2013، ألقي القبض على ثلاثة غواصين في مصر لمحاولتهم قطع كابل تحت البحر بالقرب من ميناء الإسكندرية الذي يوفر الكثير من سعة الإنترنت بين أوروبا ومصر، ما يسلط الضوء على احتمال قيام مسلحين من دون معدات خاصة أو تدريب خاص بتنفيذ مهمة مماثلة. ويمكن للحوثيين استخدام طريقة مماثلة للهجوم على الكابلات، ولديهم ترسانة من الألغام البحرية التي تفي بالغرض.

تختم ميليكن بالقول: "في حين أن الحوثيين يشكلون منذ فترة طويلة تهديدا لحركة الملاحة البحرية الدولية، فإن السلسلة الأخيرة من الهجمات الوقحة المتزايدة التي شنتها الجماعة تؤكد عزمها على لعب دور أكبر في المنطقة. يمكن أن تكون شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت الماء هدفًا سهلاً مثاليًا لهجوم الحوثيين المقبل، ويجب أن يثير هذا الاحتمال قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية، القريبة والبعيدة".

المصدر: "منتدى الخليج الدولي"