باريس: رفعت عائلة عسكري جزائري يدعى علاوة بوغلوف، شارك في الحرب الجزائرية لكن في صفوف الجيش الفرنسي، دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية بسبب رفضها تقديم تعويضات مالية مقابل معاناة هذه العائلة في مركز إيواء من 1962 لغاية 1969. هذا المركز شبيه بالمراكز التي وضع فيها الحركى وعائلاتهم بعدما فروا من الجزائر بعد نهاية حرب الجزائر في 1962.

بينما تستعد فرنسا لإحياء الذكرى الثمانين لإنزال النورماندي، قررت عائلة عسكري جزائري حارب خلال حرب الاستقلال (1954-1962) في صفوف الجيش الفرنسي رفع دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية بعدما رفضت منحها تعويضات مالية بسبب قضائها سبع سنوات في مركز إيواء شبيه بالمراكز التي وضع فيها الحركى لدى وصلهم إلى فرنسا بعد نهاية حرب الجزائر، وفقاً لتقرير "فرانس 24".

كان عسكرياً في صفوف الجيش الفرنسي
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الجزائري الذي يدعى علاوة بوغلوف لم يكن حركيا، بل كان عسكريا ساميا في صفوف الجيش الفرنسي. وأثناء وصوله إلى فرنسا، تم إيواؤه رفقة زوجته في مخيم "كاتنوم" بمنطقة موزيل شرق فرنسا لغاية العام 1969.

وفي مقابلة مع إذاعة "فرانس أنتر" الفرنسية الثلاثاء، وصفت ميراي بوغلوف إحدى بنات هذا العسكري الظروف الصعبة التي كانت تعيش فيها رفقة والديها. وقالت: "المنازل لم تكن تحتوي على نظام التدفئة. كنا نعيش وسط الفئران وبق الفراش".

ميراي مواليد مخيم كاتنون
ولدت ميراي في مخيم "كاتنون" وعاشت في ظل ظروف صعبة داخل هذا المركز، ما أدى إلى تعرضها إلى عدة أمراض من بينها الكساح. أما شقيقتها فأصيبت بمرض في العضلات.

وفي 2022، قررت ميراي بوغلوف تشكيل ملف إداري للمطالبة بتعويضات مالية، لكن الإدارة الفرنسية رفضت الطلب بحجة أن مخيم "كاتنوم" لم يكن واردا في قائمة مراكز الإيواء التي تسمح للذين عاشوا فيه بالحصول على تعويضات مالية.

وفي 2023، تمت إضافة هذا المركز إلى قائمة المراكز المؤهلة لذلك. وقامت ميراي بوغلوف للمرة الثانية بإرسال ملف إداري جديد للوكالة الوطنية للمحاربين وضحايا الحرب وإلى المفوضية الوطنية المستقلة للمطالبة بتعويضات مالية باعتبار أن والدها كان عسكريا ومحاربا في الجيش الفرنسي. لكنها لم تتحصل على أي رد.

ولهذا السبب، قررت رفع دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية أمام محكمة نانسي تنديدا بنظام غير عادل منح تعويضات مالية لبعض سكان مخيم "كانتون" وليس للجميع".

لماذا التفرقة في التعويضات؟
من ناحيته، استغرب أنطوان أوري، محامي عائلة بوغلوف من موقف الدولة الفرنسية. وصرح: "هناك بعض العائلات التي عاشت في ظروف صعبة في مخيم 'كانتون' تحصلت على تعويضات مالية وأخرى لم تتحصل على أي شيء بالرغم من أنها عاشت في ظروف مماثلة أو ربما في ظروف أكثر صعوبة. نحن لا نتفهم هذه الازدواجية في التصرف".

وأضافت ميراي بوغلوف: "لقد تم عزلنا مرتين. الأولى عندما وضعونا في مركز إيواء مثل الحركى والثانية بعد أن رفضوا منحنا تعويضات مالية بالرغم من أن والدنا كان عسكريا في الجيش الفرنسي".

إدانة من المحكمة الأوروبية
وقد أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا في بداية 2024 بتهمة استقبال الحركى في مخيمات غير "لائقة ولا "تحترم الكرامة الإنسانية".

والحركى هم الجزائريون الذين اختاروا الانضمام إلى الجيش الفرنسي خلال الحرب الجزائرية والدفاع عن فرنسا. غالبيتهم غادروا الجزائر بعد التوقيع على اتفاقيات إيفيان في 1962 خوفا من عمليات الانتقام.

لكن عند وصولهم إلى فرنسا، تم إيواؤهم في مراكز ومخيمات تفتقد إلى أدنى مقومات الحياة بعيدا عن المدن الكبرى، غالبيتها كانت في جنوب فرنسا. ومكث الحركى رفقة عائلاتهم إلى غاية السبعينيات حيث تم توزيعهم بعد ذلك على العديد من المدن وتحصلوا على شقق ومنازل.

تعويض أبناء الحركى
ولا زال أبناء الحركى يطالبون بتعويضات مالية من الدولة الفرنسية بسبب المعاناة التي عاشوها داخل المخيمات. لكن الدولة الفرنسية لم تقدم لهم ما يكفي من المساعدات التي تليق بالتضحيات التي قدموها خلال الحرب الجزائرية. والملف لا يزال مفتوحا إلى يومنا هذا.